ثوار 17 تشرين والانتخابات النيابية… رهان على المغتربين

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

في الوقت الذي تشتد فيه الأزمة المعيشية على اللبنانيين وتتصاعد صرخاتهم نتيجة تحكم مافيات سوق الدولار والسلطة السياسية المتواطئة على تجويع الناس وإشغالهم بالسعي وراء لقمة العيش ومحاولات تأمين ضرورات الحياة من دواء وبنزين ومواد غذائية مفقودة، وترك الشارع يغلي من دون صمام أمان اجتماعي أو أمني على الأقل، حتى صار الناس يعيشيون على كف الانتخابات النيابية الموعودة متجاوزين أمر تشكيل حكومة، إذ تسعى كل القوى السياسية في السلطة والمعارضة بمن فيهم مجموعات الثورة إلى تحضير نفسها للمعارك المنتظرة… بعضهم يأمل بالبقاء على قيد السلطة وبعضهم الآخر يسعى للوصول وإحداث صدمة إيجابية تعيد شحن اللبنانيين بطاقة أمل تعيد لهم لبنانهم الذي سرقوه منهم ودمروه وهجروا شبابه ورموا أهله في أتون جهنم.

وبما أن التغيير الموعود لن يأتي إلا عبر اللعبة الديموقراطية، تعمل مجموعات الثورة التي بنت كيانات تحالفية ضمت قوى وشخصيات وأحزاباً وجمعيات من المجتمع المدني على تنظيم نفسها لخوض الاستحقاق بما يضمن نجاحها في إحداث خروقات تضعف أحزاب السلطة وتجعلهم في موقع قوة في مواجهتها تحت سقف البرلمان وتكسر التحالف القائم على المحاصصة وعلى تغطية الفساد وممارسته من دون محاسبة.

وفي هذا الإطار تقول مصادر من ثوار 17 تشرين لــ”لبنان الكبير” إن عمل مجموعات الثورة منصب اليوم على بذل الجهود للتنسيق بين كل مجموعات الثورة لخوض المعركة الانتخابية تحت شعار “لائحة 17 تشرين”. وهناك تقريباً 28 مرشحاً، سيتوزعون في كل دوائر لبنان وما يزال البحث بالأسماء مستمر، إذ تجري حالياً اجتماعات تنسيقية للاتفاق على المبادئ وعلى التوجهات العامة وكيفية اختيار المرشحين، مع الأخذ بالاعتبار الوضع في كل منطقة، تحضرها كل مجموعات الثورة من المناطق كافة، من دون غياب أي مجموعة تقريباً. وقد عقد قبل أسابيع قليلة مؤتمر في أنطلياس، شارك فيه ممثلون عن أحزاب وقوى مختلفة ومجموعات الثورة وممثلين لنعمة فرام وتم تحديد التحالفات، ولم يكن هناك مشاركون عونيون انشقوا عن التيار الوطني الحر، بل شاركت شخصيات سياسية مستقلة ذات وزن، وهناك الجبهات التي تشكلت مثل تحالف وطني والجبهة المدنية ووطن”، مشيرة إلى أن “كلها جبهات تلتقي لتصب في نهر واحد، فالمعارضة مشكلة من أكثر من ثلاث جبهات، وطالما هناك اتفاق على الشعارات، لا بد من الاتفاق على الممارسة، ما دمنا نلتقي على المواقف نفسها ولدينا رؤية تحليلة مشتركة عن الوضع”.

لا شك أن المراهنة على نشاط المغتربين ودعمهم في المعركة الانتخابية لحصول التغيير موجود وبقوة، إذ تشير هذه المصادر إلى أن المغتربين اللبنانيين يبذلون جهوداً حثيثة ومشكورة في دعم الثوار ويساهمون بجد في توحيد جهود الداخل بين هذه المجموعات المعارضة لدعم معركة الانتخابات، وفي الوقت ذاته في توجيه المغتربين لمن سيصوتون”.

وعن إحياء ذكرى 4 آب أفادت المصادر أن الحدث سيكون في ساحة الشهداء وستكون هناك مسيرة من المتحف يُحمَل خلالها 220 نعشاً كرمز لعدد الشهداء الذين سقطوا في التفجير المجرم، ونحن كنا نود لو أن البطريرك الماروني بدل أن يصلي في المرفأ أن يرفع الدعم والحرم عن إسقاط ميشال عون”.

لا مجال مطلقاً للتحالف مع أحزاب السلطة، هذا ما تؤكده المصادر، مشيرة إلى وجود 5 أو 6 جبهات من المعارضة يتم تشكيلها وتنسق مع بعضها من دون أوهام.

أن يكون هناك وحدة، بل تعددية، لكن الاتفاق المؤكد بين الجميع لا تحالف مع أي قوة سياسية أو حزبية موجودة في هذه السلطة مهما ادعت التعفف عن الفساد أو تغطية الفاسدين والمتهمين بالمسؤولية عن التفجير”.

عملياً يبدو أن هناك محاولات جادة لصياغة برنامج موحد. إذ قامت كل مجموعة بإعداد ورقتها السياسية، وفي هذا الإطار تنفي هذه المصادر أن يكون هناك أي خلاف على “الشعارات والمواقف”، لكنها تلفت إلى تعدد النظرة إلى الأزمة الاقتصادية وسبل معالجتها إنقاذا للبلاد. وهي تنتقد مثلاً طروحات “مواطنون ومواطنات” التي قدمها الوزير السابق شربل نحاس وتعتبرها غير واقعية.

وتشير إلى أن للشيوعيين والكتائب خططاً اقتصادية، و”يمكن التوافق على توجهات أساسية لوضع خطة اقتصادية مشتركة”.

ومع ذلك ورداً على سؤال عما إذا كان لدى الحزب الشيوعي نية في توديع حلم الاشتراكية ووضعه جانباً، تعلق المصادر “أولاً علينا إنقاذ البلد، وبعدها يمكن لهم النضال لتحقيق ما يريدون، ولكن السؤال هل سينقلون لنا التجربة السوفياتية التي انتهت، هناك من لم يفهم بعد من الشيوعيين أن ستالين مات”.

ومع ذلك تلفت هذه المصادر إلى وجود نقاش داخل الشيوعي، فبعض أعضائه مصدوم بالواقع والخلاف بينهم حول الموقف من حزب الله”.

وهنا نسأل هذه المصادر اذا كيف سيكون بالإمكان اقناعهم بان حزب الله هو المشكلة وسلاحه يتسبب بحماية الفساد وسقوط الدولة والمؤسسات لصالح إيران، فترد هناك إمكانية “التحايل على الصياغة بالقول بسط سلطة الدولة بمؤسساتها الشرعية على كامل التراب الوطني اللبناني واحترام الدستور، كما يقول البعض، إلا أن آخرين يجدون أنه لا بد من فرض وصاية دولية على لبنان لخمس، ست سنين على البلد، وهم برأيهم أن حزب الله لم يعد باستطاعته التهويل بحرب أهلية جديدة في لبنان، لمقولات بعض أحزاب السلطة بأنه حزب لبناني ويجب التفاهم معه، لا، حزب الله حزب إيراني يضم في صفوفه لبنانيين. وهناك من يعتقد أن الحزب الشيوعي اليوم هو لصاحبه حزب الله، وهذه إشكالية موجودة ولا بد من فك اللغز وإنهاء هذا الموقف الملتبس” .

وفي تقدير هذه المصادر أن ثوار 17 تشرين يستطيعون أن يخرقوا في الانتخابات بأكثر من منطقة، بالشوف وعاليه والشمال والبقاع الشمالي، وحتى ببيروت وكسروان.

وعن كيفية التعايش مع قوى السلطة لاحقاً داخل المجلس النيابي؟ تجيب: “ممكن التعايش مع القوى السياسية التقليدية، ليس هناك أحلام خيالية لاجتياح مقاعد المجلس النيابي، يمكن إحداث خروقات كبيرة أو يمكن أن تكون محدودة. التأثير في موازين القوى يعطي مؤشرات للقوى الديمقراطية الطامحة للتغيير أن تتنفس وتطور رؤاها وبرامجها وأساليب عملها للمرحلة المقبلة، إلا أن المؤكد أن لبنان لن يعود كما كان، لا يمكن العودة إلى الوراء”.

ولا تنفي هذه المصادر وجود الكثير من الذاتيات، فهناك مجموعات صغيرة بالانتفاضة تريد التفرد، كما هناك تركيز على الانتخابات بدل الالتفات إلى الوضع الاقتصادي الاجتماعي والدعوة مثلاً لإطلاق عمل من أجل تنظيم مسيرات الجوع وتعبئة الناس في هذا الاتجاه لجعلهم يعرفون من يجوعهم؟!

لا تعلق هذه المصادر الآمال على دعم الأوروبيين للمجتمع المدني. “الأوربيون يدافعون عن مصالحهم، بدليل موقف الرئيس الفرنسي ماكرون الذي جاء ومنح الدعم وأنقذ جماعة السلطة، وأراد عمل الإصلاح وتشكيل حكومة من نفس الأشخاص”.

لا حلول سحرية للأزمة، هذا ما تراه المصادر المعارضة التي تعتبر أزمة الدولار أزمة سياسية ولا بد حلها تدريجياً، أو على الأقل إيقاف حالة الانهيار ووضع خطط لدعم الاقتصاد الوطني بالاتفاق مع البنك الدولي بما يحفظ مصالح اللبنانيين وإعادة أموال المودعين، وتنشيط الحركة الاقتصادية بالبلد والإصلاح المالي والاقتصادي وحل مشكلة الطاقة والكهرباء.

كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل وجود سلاح غير شرعي مرتبط بالخارج، وعدم حل مشكلة حزب الله؟. ترد المصادر “رؤيتنا إنه لا يجب أن يكون هناك سلاح خارج الشرعية ونحن مع خطة تنفيذية لتطبيق الاستراتيجية الدفاعية، حزب الله يسعى للاستمرار كبعبع يسيطر على اللبنانيين، وهو بحاجة لبعبع شعبي وطني عارم لمواجهته، حتى يعيد حساباته. وقد بدأ إعادة حساباته عند اندلاع ثورة تشرين. ومن شدة خوفه وهلعه صدر قرار إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. في المحصلة قرار حزب الله غير لبناني. وإذا كان يريد أن يصبح حزباً سياسياً لبنانياً عليه أن يعيش مطالب اللبنانيين ومشكلاتهم ويعبر عن أحلامهم، لا أن يسرقهم ويحمي اللصوص”.

وتؤكد هذه المصادر “نحن لسنا مع تشكيل أي حكومة تأتي الآن بل مع حكومة إنقاذ مستقلة. وسنكون ضد أي حكومة لا تمثلنا وتمثل السلطة والطبقة الحاكمة”.

وفي الختام لا تفوت هذه المصادر الإشارة إلى أهمية “المراقبة الدولية للانتخابات النيابية، فلا انتخابات تشرف عليها وزارة الداخلية برعاية الوزير محمد فهمي أو شبهه”.

شارك المقال