“ذا غارديان”: على المجتمع الدولي إنقاذ لبنان من “كارثة كبرى”

حسناء بو حرفوش

حذرت صحيفة “ذا غارديان” (theGuardian) البريطانية في مقال، من أن فشل الدولة اللبنانية قد يتسبب بفوضى جديدة في منطقة الشرق الأوسط، ويؤدي إلى تداعيات لا توفر أحداً في العالم، داعية المجتمع الدولي، وحكماً بريطانيا، للتدخل السريع لإيجاد حل للأزمة.

وبحسب المقال، “لم يكرّس السياسيون ووسائل الإعلام البريطانية، المنشغلة بالاضطرابات العديدة التي تعصف بالعالم، الكثير من الاهتمام للأزمة اللبنانية. وفي ذلك إغفال خطير. إذ أن تحول للبنان إلى دولة فاشلة على غرار ما حصل في ليبيا أو اليمن، لن يجلب الكارثة لشعبه فحسب، بل سيؤثر، وهذا ما أظهره التاريخ الحديث، على المنطقة وعلى أوروبا وعلى المملكة المتحدة. وللأزمة اللبنانية جوانب عديدة. أكثرها إلحاحًا، هي التكلفة البشرية المتزايدة، حيث تواجه العائلات خسائر فادحة بسبب الانخفاض المستمر بقيمة العملة اللبنانية التي فقدت حوالي 90٪ من قيمتها في الأشهر الثمانية عشر الماضية. كما أعلنت الأمم المتحدة أن حوالي 30٪ من الأطفال اللبنانيين يخلدون للنوم ببطون خاوية، مع معاناة معظم الأسر من نقص في الغذاء، وانزلاق نصف السكان على الأقل إلى دائرة الفقر.

يضاف إلى ذلك، التضخم المفرط نتيجة الأزمة التجارية وجائحة كورونا وسوء الإدارة المالية غير المسؤولة بشكل صارخ من قبل السياسيين والمصرفيين اللبنانيين، حيث لم يعد يكفي دعم المواد الغذائية الأساسية والأدوية والوقود لتغطية تكلفتها الحقيقية. ويفتقر المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض القلب للمساعدة التي يحتاجونها. وأثرت البطالة على أكثر من 30٪ من القوى العاملة، بينما تدهوت قيمة أجور العاملين والموظفين، وتستمر مدخرات المتقاعدين بالتبخر ويزداد البؤس نتيجة نقص السلع المستوردة والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، كما يواجه 71٪ من السكان خطر انهيار نظام تأمين المياه.

هل يستغل الارهابيون الوضع؟

وتوسعت تداعيات الأزمة إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث بات انعدام الأمن وازدياد الفوضى يشكلان مصدر قلق متزايد. فيما يخصّ الجيش اللبناني، تحتاج هذه المؤسسة إلى 100 مليون دولار، فقط لتغطية الاحتياجات الفورية لعديد قواتها البالغ 80 ألف جندي، مع انهيار قيمة متوسط ​​الراتب الشهري للجندي من 800 دولار قبل الأزمة إلى حوالي 80 دولاراً حالياً. وورد أن الجيش يكافح لتسيير دوريات على الحدود مع سوريا وإسرائيل بسبب نقص الوقود. وهذا النقص يغذي بدوره المخاوف من قيام الإرهابيين باستغلال الموقف لتنفيذ هجمات عبر الحدود وتهريب الأسلحة. وينذر الوضع بانفجار داخلي وعلى الحدود (…) وقد يتسبب الانفجار الداخلي اللبناني بعواقب وخيمة على الصراع غير المنتهي في سوريا وحرب الظل المستمرة في المنطقة بين القوى الأجنبية. وقد تواترت أنباء الأسبوع الماضي عن استعداد بعض اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم، مع تدهور الوضع في لبنان. ومن شأن الانهيار الوطني أن يتسبب بتدفقات هائلة من اللاجئين إلى الخارج، ما يؤثر على تركيا ودول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

إقرأ ايضاً: لبنان الحلم… وفساد جهنم

وتعزز هذه الجوانب المتكشفة من مأساة لبنان، الحجة للتحرك وتبني عمل سياسي قوي. وإن اتفق اللبنانيون على أي شيء، فهو على تحميل سياسييهم المتحاربين والفاسدين وغير الأكفاء مسؤولية الأزمة في المقام الأول. وفي وقت سابق من هذا الشهر، فشل كبار القادة مرة أخرى في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، وسط مشاحنات مألوفة وتبادل للاتهامات. ويتضح العجز السياسي المستشري من خلال ترتيبات تقاسم السلطة (…) غير الفعالة والنظام الذي استمر لسنوات على حساب المصلحة الوطنية، كما يظهر من خلال الانفجار المميت الذي دمر ميناء بيروت ومحيطه قبل عام واحد تقريباً، والفشل اللاحق بكشف الحقيقة ومعاقبة المسؤولين.

وفي ظل الافتقار إلى المرونة والأفكار الجديدة، يعلّق السياسيون آمالهم على توفير الانتخابات المرتقبة العام المقبل للمخرج. لكن الأزمة ملحة حالياً ولا يحتمل الوضع المزيد من الانتظار. لذلك، يتوجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك بريطانيا التي طال صمتها، أخذ زمام المبادرة، من أجل الشعب اللبناني ومن منطلق المصلحة الذاتية الواضحة. وقد يمثّل المؤتمر الذي تدعمه الأمم المتحدة والذي تستضيفه فرنسا في 4 آب، الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان من كارثة كبرى”.

شارك المقال