“نيوز ويك”: السياسة الأميركية أثبتت فشلها في الشرق الأوسط

حسناء بو حرفوش

نشرت مجلة “نيوز ويك” (NewsWeek) الأميركية مقال رأي يدعو لإعادة النظر في السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، محذراً من إفلاس هذه الأخيرة بحكم التجربة، نتيجة للتركيز على المصالح المالية والسياسية على حساب المصلحة الإنسانية.

وبحسب المقال، “بغضّ النظر عن الإدارات المتعاقبة على الحكم، سواء أكانت في عهد جورج بوش أو باراك أوباما أو دونالد ترامب أو جو بايدن، لقد برهنت السياسة الخارجية الأميركية عن إفلاسها، وتحديداً في ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط. ولا تزال تبعات هذه السياسة في المنطقة تبعث على القلق، لأنها تقدّر بشكل متسق تقريباً، المكاسب النقدية والسياسية على حساب سكان المنطقة”. ويستدعي ذلك بحسب كاتب المقال الأميركي، سام فؤاد، المتخصص في تحليل قضايا الشرق الأوسط، “إعادة وضع السياسة الخارجية الأميركية تحت المجهر بعد أن برهنت عدم أهليتها لتحقيق أي شيء ذي قيمة. ففي مصر، يواصل الرئيس عبد الفتاح السيسي ممارسة سياسته كما يشاء، مع القليل من الاعتراض الأميركي. وفي سوريا والعراق، يرزح الجنود الأميركيون تحت خطر الهجمات، ولم يتم إحراز الكثير من التقدم في مجال حماية كل من السوريين والعراقيين (…) أما في ما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، تتمسك الحكومة الجديدة بالوضع الراهن للفصل العنصري الفلسطيني”.

إعادة تقييم الأهداف

“لقد آن الأوان لإعادة تقييم أهداف أميركا في الشرق الأوسط ولاتباع المزيد من السياسات الإنسانية التي ترعى الحفاظ على حياة الإنسان وعلى البيئة. كما لا بد من إعادة تقييم السياسات الانتقامية المتمثلة بالرد على ضربات الطائرات المسيرة بضربات جوية، والعكس صحيح، مع طرح التساؤل حول ما قد تحققه على المدى الطويل؟ ما هو عدد الضربات الجوية التي نفذت ضد منشآت في جميع أنحاء المنطقة على مدى السنوات الماضية، وما الغرض الذي خدمته؟ لا تخدم هذه الاستراتيجية أي غرض فعلي ويبدو وكأنها لا تنتهي أبداً. وماذا عن النتائج؟ تظهر، مقابل كل مستودع أسلحة أو منشأة تعرضت لغارة جوية، عشرات المنشآت الأخرى. لا بد من انتهاج سياسة طويلة المدى تسعى لتأمين المصالح الأميركية من خلال طرق مستدامة تعطي الأولوية للأرض وللحد من هدر الدماء (…) وهي تضحيات يظهر أن الولايات المتحدة قللت من قيمتها تماماً، لأنها ما زالت تحصد الخسائر في الأرواح والأموال.

وقد توصل بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالفعل إلى استنتاجات مماثلة، حيث سعى بعضهم مثل كريس مورفي (ديمقراطي من كونيتيكت) ومايك لي (جمهوري عن ولاية يوتا) وبيرني ساندرز إلى العودة إلى الكونغرس في قرارات الحرب. لكن ذلك لا يكفي على أي حال، إذ يتطلب التغيير الحقيقي إعادة هيكلة كاملة للأهداف بعيداً عن الضربات الجوية والطائرات المسيرة، لصالح استراتيجية تعطي الأولوية لحياة الناس وللحفاظ على أراضيهم الغنية. وبينما قد يشكل السماح للكونغرس بالحد من سلطات السلطة التنفيذية وتحديد مبيعات الأسلحة (…) خطوة أولى رائعة، يتطلب انتهاج السياسة الإنسانية التي تقدر كرامة الإنسان والبيئة أكثر من ذلك. قد يتطلب ذلك التفكير في الخراب الذي تخلفه الضربات الجوية على منطقة ما. ولا يقتصر الأمر على الأرواح التي تسرق، ولكن أيضاً على حياة أفراد أسر الضحايا، والملوثات التي تفسد الأرض والهواء والتكاليف الاقتصادية المترتبة على ذلك والتي تؤثر على عدد لا يحصى من الأشخاص على المدى البعيد.

إقرأ ايضاً: إدارة بايدن تصنع “داعش” جديدة

وبدلا من تركيز الولايات المتحدة على شق طريقها نحو المكاسب الدنيا، أو الخسائر في الغالب (…) يجب عليها سحب جميع الجنود الأميركيين من الشرق الأوسط والاستثمار في السياسات التي تساعد شعوب المنطقة على اجتثاث الفساد وخلق الوظائف وتنظيف الأرض والهواء والماء. ولا تقتصر نتائج مثل هذه السياسات على مساعدة الأفراد فحسب، بل ستساعد الأرض أيضاً، ما يؤدي أيضاً إلى توفير ظروف بيئية أفضل للأميركيين في الولايات المتحدة وللأجيال القادمة. دون أن ننسى أن مثل هذه السياسات قد تضع حداً للخسائر في صفوف العسكريين الأميركيين في سوريا والعراق وفي دول أخرى في المنطقة، ومن شأنها أن تحسن الصحة العقلية للجميع، ما يؤدي إلى توفير مليارات الدولارات التي يمكن استثمارها في الرعاية الصحية أو البنية التحتية أو الإسكان أو التعليم في الولايات المتحدة (…) وهي فوائد ملموسة اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا.

وقد يعبد مثل هذا التفكير التقاطعي الطريق للمستقبل، حيث أثبتت التجربة أن الأهداف قصيرة المدى غير قابلة للتطبيق. وخير دليل على ذلك التهديدات التي يواجهها العالم على غرار الأوبئة الفيروسية وتغير المناخ والعنف بسبب انتشار السلاح والعنصرية. ولا بد أخيراً من استخلاص العبر من العام المنصرم والذي طبعته تحديات عميقة، ومن ثم استخدامها للاستفادة في إطار أكثر أوجه القوة الأميركية تأثيراً وتدميراً: السياسة الخارجية في الشرق الأوسط”.

شارك المقال