سقوط لحظة الإقلاع

الراجح
الراجح

عندما بدأت في الإطلالة على العمل السياسي كنت أتصور أن لبنان هو المشكلة من حيث التركيبة السياسية والاجتماعية. وبعد أن واجهت الحقائق وعلى امتداد فترات من الزمن تعلمت واقتنعت أن المشكلة هي كل لبناني…

كل شخص في لبنان مشكلة فترى أنك تواجه أربعة أو خمسة ملايين مشكلة في آن واحد، وأهم المشكلات الكلام الكثير عن الحرية والاستقلال فترى أحدهم وفي مقابلة تلفزيونية أم اذاعية أم غيرها يذكر هذه الكلمات إلى حد المبالغة في الرقم من كثرة تكرارها… والسؤال هو ماذا نعرف عن الحرية والاستقلال؟ ماذا نعرف جميعنا عن الحرية والاستقلال؟ فإذا اعتقدنا أن خروج المستعمر من بلادنا والتوقيع على قصاصة ورق “اتفاقية الخروج من حالة الاستعمار إلى الاستقلال والحرية فهذا هراء”. ما الذي يحصل في لبنان ومنذ الاستقلال حتى اليوم يا أيها السادة الحكام؟ تتولون المسؤولية وتصبحون رؤساء لشعبكم ولديكم القصور والحرس والناس من دون أن ننسى السيارات وحتى الطائرات فماذا تفعلون حينها؟ تمارسون السلطة على ناسكم لكن هل لديكم مشروع للحكم؟ حتماً لا… وحين ترون أنفسكم بموقع العاجز عن الانجاز تستخدمون سلطتكم على مواطنيكم حيث يصبحون أعداءكم بدلاً عن المستعمر الذي كان في يوم من الأيام هو العدو… وهذا ما يؤكد أن تغيير الشكل لا يغير شيئاً في المضمون.

ومثلٌ آخر حين نقع في مشكلة اقتصادية نذهب إلى صندوق النقد أو البنك الدولي فهل سألتم أنفسكم مَن هم هؤلاء المسيطرون على صندوق النقد وعلى البنك الدولي؟ هم المستعمرون الذين وقّعنا معهم وثيقة انتصارنا عليهم وخروجهم من بلادنا! ومنهم نطلب “الديون” من دون أن ننسى الحرية والاستقلال طبعاً!

مثل آخر وهو مطالبة الأقليات والأكثريات بحقوقها التي سكتت عنها في سبيل “الوحدة الوطنية والحرية والاستقلال” وجميع هؤلاء لا يرى عند العجز حلاً إلا الذهاب إلى الأمم المتحدة واللجوء إليها لحل كافة المشاكل وحتى الداخلية منها والسؤال هنا أيضاً، ما هو دورنا في الأمم المتحدة وما هو حجمنا وتأثيرنا وهل يقبل العقل أن صوت لبنان في الأمم المتحدة يساوي صوت أميركا أو روسيا، الصين وغيرها… ومن هذا المنطلق تتحول أروقة الأمم المتحدة إلى مقهى نذهب إليه لشرب القهوة.

إقرأ أيضاً: جبران باسيل

ليست مسألة يأس لكنها قضية تتعلق بفهم أبعاد الحرية والاستقلال والتي بدون خطط التنمية والتطور وبدون اللجوء إلى القانون والدستور لإنتاج سلطة تعمل على تحقيق المواطنة والالتفاف حول برنامج أو برامج التنمية سنبقى ويبقى حكامنا كما وصفهم “اندروبوف” ذات يوم حين قال إن زعماء العالم الثالث هم الوحيدون الذين يغيرون الطائرة وهي في الجو فتراهم يُقلعون مع روسيا ويهبطون مع اميركا وهكذا… وآخر أمثلة هذه النماذج حركة “حماس” التي أقلعت قيادتها بعد الحرب الأخيرة في غزة بالطائرة المصرية وهبطت بالطائرة الحوثية في صنعاء لا بل سقطت عند الحوثي في صنعاء!! وفي لبنان كاد جبران باسيل أن يُقلع بطائرة نواف سلام لكنه سقط لحظة الإقلاع والسقوط اثناء الإقلاع لا يعني إلا التحطم…

شارك المقال