مناورات حكومية والخرق ممكن… سقف دولار ميقاتي ١٠ آلاف!

ليندا مشلب
ليندا مشلب

ينشغل الوسط السياسي بمتابعة تطورات المغامرة التي قرر أن يخوضها الرئيس نجيب ميقاتي، تماماً كما ينشغل الناس بمراقبة إمكانية نجاح هذه المهمة، ليس للتهليل لأن النقمة على السياسيين صارت كالجبل لا تهزها حكومة،إنما للتخفيف من حدة الأزمة وإبطاء التدهور السريع الذي يكبر ككرة ثلج ستجرف معها القوي والضعيف وحتى الواقف على التلة ويتفرج.

يقول مصدر مطلع عن كثب على تطورات الملف الحكومي مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لموقع “لبنان الكبير” إنه حتى اللحظة الكل يناور، لكنها مناورة إيجابية لم تدخل بالترجمة الفعلية التي تكشف النوايا الحقيقية. وكشف أن ميقاتي الذي بدأ منذ ما يفوق الشهر بالتمهيد لهذه الخطوة ودرس الملف فور اتخاذه ضمناً هذا القرار، انتهى من نقاط عدة أبرزها شكل الحكومة من ٢٤ وزيراً أخصائيين غير حزبيين وبعض الأسماء التي تضمنتها تشكيلة سعد الحريري كما حسم التوزيع الطائفي للحقائب السيادية (الدفاع للأرثوذكس، الخارجية للموارنة، الداخلية للسنة، والمالية للشيعة). والنقاش سينتقل في الأيام المقبلة إلى الأسماء وتوزيع الحقائب الأخرى والثلث المعطل الذي يصر ميقاتي بدوره على عدم إعطائه لرئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل، لكن الفرق بين الحريري وميقاتي أن الأخير قرر أن يحاور بطريقة مختلفة فيها من الليونة ما يشي باحتمال إحداث خرق غير محسوب أو متوقع. والفارق الأهم أن عون وباسيل لم يريدا الحريري الذي تعاطى حيال هذا الأمر بصلابة وجفاء أحياناً ومن الند إلى الند أحيانا أخرى.

كما كشف المصدر أن الثقة النيابية من التيار التي كانت ممراً إلزامياً للحريري لإعلان حكومته لا يبالي لها كثيراً ميقاتي وهو يرضى بالأصوات المسيحية التي سينالها من النواب المسيحيين خارج الكتلتين الأكبر.

وعما تستطيع حكومة ميقاتي فعله قال المصدر أن كل القوى السياسية تعلم أن الرجل لا يحسد على ما اختاره وأن وجود حكومة بالشكل أفضل من الفراغ والغياب الكلي للدولة حالياً. وأشار إلى أن ميقاتي لا يبالغ عندما يقول إنه يستطيع تخفيض سعر الدولار إلى ١٠ آلاف ودون إذا اتخذت إجراءات سريعة ضمن المتاح وباشرت التفاوض مع صندوق النقد حول برنامجه وبدأت بالإصلاحات المطلوبة ضمن ورقة المبادرة الفرنسية. وهذا سيفتح الطريق أمام وصول تمويل خارجي لن يحل المشكلة لكنه سيساعد على التعكز بدل السقوط.

لكن السؤال الأكبر والأهم الذي يختصر كل هذا التتبع للتطورات هل فعلاً التقط ميقاتي إشارات كافية ووافية وتلقى ضمانات جدية للمبادرة والانطلاق؟

في معلومات “لبنان الكبير” أن ميقاتي الذي مكث شهراً في الولايات المتحدة واجتمع أكثر من مرة مع صديقه مدير الـCIA قبل أن يتوجه إلى اليونان اتكل بشكل كبير على دعم أميركي ملتبس، سرعان ما تراجعت حماسته في البيان الأخير للخارجية الاميركية الذي لم يعكس بوضوح حقيقة الموقف الأميركي. كما أنه تلقى تشجيعاً ووعوداً كبيرة من الفرنسيين وخصوصاً من صديقه مدير المخابرات الفرنسية برنار ايمييه، أما الموقف السعودي ففي البداية لم يلتقط بشكل جيد والآن أصبح أكثر وضوحاً من خلال مؤشرات عدة برزت في الساعات القليلة الماضية وعكست غضباً لا يزال موجوداً بما خص الملف اللبناني يؤكد أن المملكة خارج التسوية التي تعتبرها فرنسية إيرانية، لا تقبل بها لأنها تاريخياً لم تكن يوما متفرجة بما خص السياسة اللبنانية وكل التسويات إذا لم لم تمر عبرها لا يكتب لها النجاح.

ولعل موقف جعجع والقوات اللبنانية خير دليل، فعلى الرغم من علاقتهم الممتازة مع ميقاتي التي توطدت عبر تحالفهم معه في الانتخابات النيابية ٢٠١٨ والمساعدات التي قدمها ميقاتي للقوات اهمها تمويل مشروع السكن الطلابي، فإنهم لم يسموه، يعني أن الضوء الأخضر السعودي كحد أدنى لم يُعطَ بعد.

أما إذا أراد ميقاتي الاستناد والاكتفاء بما لديه من دعم فرنسي أو أميركي غير واضح وبعض الدول الذي تربطه معها صداقات كمصر والأردن ،فإنه يستطيع أن يحدث خرقاً آنيا بتفاهم داخلي.

إقرأ أيضاً: ضغوط فاتيكانية لمصلحة ميقاتي

وهنا يطرح سؤالان مركزيان: الأول هل رئيس الجمهورية مستعد أن يقدم لميقاتي ما لم يقدمه للحريري، وخصوصاً بشأن الثلث المعطل وتسمية الوزيرين المسيحيين والداخلية؟ والثاني هل ميقاتي نفسه يستطيع أن يقدم تنازلات تحت السقف الذي وضعه الحريري وضوابط بيان رؤساء الحكومات السابقين فيغامر وحده متحرراً من هذه الشروط، ويعرض نفسه لأيام غضب لن ترحمه مهما تسلح بضمانات الخارج؟ والسؤال الأكبر الذي يعي ميقاتي خطورته، إذا حصل وتسهل له التشكيل فماذا باستطاعته أن يفعل مع الانهيار الحتمي؟ فمن يعتقد أن بامكانه أن يتدخل ويتحكم في تغيير وجهة الطائرة الهاوية إلى السقوط من دون خمس مليارات دولار “استفتاحية” هو واهم. فالأموال مدخل الانفراج ولا تمويل خليجياً من دون موافقة المملكة.

مهمتك يا دولة الرئيس ليست سهلة أبداً وبالتأكيد أنت مدركها والله ولي التوفيق…}

شارك المقال