تونس: اختبار للسياسة العربية ولمكانة الأحزاب الإسلامية

حسناء بو حرفوش

في ظل التنافس المستمر بين القوى الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، يطرح السؤال اليوم حول الأزمة في تونس، مهد الثورة العربية. وتثير الأزمة الدستورية التي اندلعت في البلاد الكثير من التساؤلات، بحسب ما نقلت الصحافة الأجنبية حول مصير الديمقراطية والمكانة الشرعية للأحزاب الإسلامية في الفضاء الديمقراطي.

وسلّط مقال نشر على موقع “بلومبرغ” (Bloomberg) الأميركي، الضوء على دور الأحزاب الإسلامية في عملية الانتقال الديمقراطية في البلاد، معتبراً أن “السؤال الرئيسي الذي يطرح في تونس مرة جديدة في قلب الخلاف السياسي العربي المعاصر هو التالي: هل للأحزاب الإسلامية مكانة شرعية على الساحة العامة؟ لربما عجلت الاحتجاجات التي اندلعت على نطاق واسع تنديداً بالفساد الحكومي وانعدام الكفاءة، بالانقلاب الذاتي الواضح للرئيس قيس سعيد، ولكن يمكن أيضاً اعتبار ما حصل محاولة مبذولة من قبل قوى الاستبداد الجمهوري التقليدي لتقويض الإسلام السياسي.

(…) وما يحصل في تونس مماثل للمعارك المتكررة عبر العالم العربي. حين يتم إسقاط النظام الاستبدادي القديم من قبل حركة جماهيرية مؤيدة للديمقراطية، عادة ما تصعد الجماعات الإسلامية، وتكون أفضل تنظيماً (…) إلى السلطة. لكنها سرعان ما تنفّر السكان من خلال التوسع الأيديولوجي وعدم الكفاءة الإدارية، ما يخلق فرصة لعودة السلطويين العلمانيين. وتقدم مصر المثال الجوهري على ذلك، حيث أسقطت الاحتجاجات الشعبية في العام 2011 الرئيس السابق حسني مبارك (بعد أيام فقط من إطاحة التونسيين بطاغيتهم)، ما أدى إلى انتخابات فازت بها جماعة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، أدت السياسات غير الديمقراطية التي انتهجها الرئيس محمد مرسي إلى احتجاجات أكبر بعد ذلك بعامين، قبل وصول السيسي إلى السلطة.

(…) وفي تونس، بدا أن حزب النهضة يشير إلى نموذج لسياسة العرب ما بعد الإسلاميين. وليس زعيمها رشيد الغنوشي، الذي تحدثت إليه مطولًا، ليبرالياً لكنه يبدو دستورياً براغماتياً. وهناك ديمقراطيون حقيقيون في أعلى مراتب الحزب. وسعى الحزب منذ العام 2011، لإثبات أنه لم يعد ثورياً أو تآمرياً أو أممياً. ووافق الغنوشي على الدستور التونسي لعام 2014، على الرغم من أنه يتعارض مع التيار الإسلامي من خلال تمكين رئيس منتخب بدلاً من النظام البرلماني الذي تفضله جماعة الإخوان المسلمين. وتخلى الحزب عن طابعه السري ليشارك علانية في السياسة الانتخابية. كما نأى بنفسه عن فروع الإخوان الأخرى في دول أخرى من العالم العربي، للتركيز على القضايا التونسية البحتة. ومع ذلك، ليس من المستغرب أن يشك العديد من التونسيين بصدق تحول الحزب نظراً لتاريخ الحزب كحركة سرية.

إقرأ أيضاً: جامعة بيروت العربية وذكرى الناصر

(…) وفي ضوء ذلك، تصبح الديمقراطية في تونس أكثر من مجرد قصة النجاح الوحيدة لانتفاضات الربيع العربي، لتتحول إلى اختبار حاسم حول إمكانية تطور الإسلاميين إلى أحزاب اجتماعية ومحافظة دينياً وقادرة في الوقت عينه على التعايش مع الجماعات العلمانية في النظام الدستوري. إذا أتت الإجابة بالنفي، قد ينذر الوضع بصراع طويل يحتمل أن يزداد عنفاً في العديد من الدول العربية. لذلك، من المهم للغاية أن تأتي الإجابة بـ “نعم”.

وفي السياق عينه، اعتبرت صحيفة “ذا تايمز” (The Times) البريطانية أن الغرب أخطأ بإبداء التجاهل إزاء التجربة الديمقراطية في تونس، خصوصاً وأن عواقب الخلافات بين القوى في الشرق الأوسط لم توفر أحداً، وهي تهدد المجتمع التونسي على غرار ما حدث في ليبيا. بدورها، تمنت صحيفة “لوسوار” (Le Soir) الفرنسية “ألا تفسد المغامرة التونسية الانتقال الديمقراطي في البلاد، وسط معارضة العديد من التونسيين لحجة الرئيس سعيد الذي ادعى أن مبادرته لا تخون الدستور بأي حال من الأحوال”.

المصادر:

bloomberg
the times
lesoir

شارك المقال