الحرب لم تنته بعد!

راما الجراح

بعد مرور ستة وأربعين عاماً على اندلاعها، تأتي ذكراها في الوقت الذي تمر فيه البلاد بمرحلة عصيبة جداً مم يعيد الخشية من تكرار تجربة كادت تقضي على لبنان، فهل انتهت المخاوف؟.

قسّمت مدينة بيروت بين شرقية وغربية، خطفت شباب وشابات في ربيع أعمارهم، أوقدت نار الفتنة التي لم يخمد لهيبها إلى اليوم عند أي تطور أو استحقاق سياسي يحصل، وشحنت النفوس بمبدأ الطائفية الشنيعة الذي لا يزال متغلغلا في دواخلنا.

مرحلة سوداوية طويلة مرت على لبنان منذ ١٣ نيسان ١٩٧٥ حتى عام ١٩٩٠ كانت حصيلتها ٦٣ مليار دولار خسائر اقتصادية، ٣٤ مليار دولار خسائر ناجمة عن الدمار الذي لحق بالمنشآت، ٥٠٠ ألف شخص تمّ تهجيرهم من منازلهم، ١٨٤ ألف جريح، ١٥٠ ألف قتيل، ١٧٥٠٠ مخطوف، ١٣ ألف مفقود، ٢٦٤٠ سيارة مفخخة، و٢٠٠٠ سيدة لقين مصرعهنّ بعد اغتصابهن.

لم تنته الحرب بعد بل تغيّرت أساليبها، منذ عام ١٩٩٠ استلم زعماء الطوائف إدارة البلاد، جلسوا على كراسي عروشهم ولم “يتزحزحوا” حتى اليوم، ليست “نكتة”، هذا واقع الحال حيث تولى معظم رؤساء الأحزاب السلطة دون أن ينجحوا في بناء دولة فعلية ومؤسسات وقانون!.

نعم، الحرب ما زالت قائمة منذ ٣١ عاماً، أنهكونا بالصراعات الطائفية، استطاعوا بفجور فسادهم أن يتلاعبوا بنا كالشطرنج، أصبحوا الملوك ولم نستطع حتى الآن “كش” الملك!، فالبلاد مكشوفة على لعبة الأمم، والصراعات السياسية الطائفية تتصدر المشهد برغم الفساد المنتشر في مؤسسات الدولة ومسؤوليها.

مع انطلاقة ثورة ١٧ تشرين عام ٢٠١٩ راهن كثيرون عليها، اعتقدوا أنها ستكون بداية مرحلة جديدة لكسر الحواجز الطائفية، وكانت كذلك، مرحلة جديدة، ولكن خيبة الأمل أنها لم تكسر إلا ثوارها وقد كانت سبباً لإسراع عجلة الانهيار الذي كان آتٍ لا محال!.

نعم، مرّ على لبنان والشعب اللبناني حروب وأحداث كثيرة، لكنهم كانوا حينها يستعيدون حياتهم بشكل طبيعي عند كل تهدئة، ولم يعانوا من أوضاع اقتصادية صعبة كالتي يعانون منها اليوم، فالدعم الخارجي والمساعدات  كانت تصل إلى لبنان، أما اليوم العماد نفسه الذي تولى قيام حكومة عسكرية بمواجهة حكومة مدنية عام 1989، بسبب طمعه بالرئاسة، منا زال هو نفسه يواصل محاولاته ليوصلنا إلى حرب جديدة، فالبطون خاوية وهناك من يتحسر على زمن حرب المدافع!

نستذكر ١٣ نيسان ونرتجف خوفا، ماذا لو أعادوا السيناريو نفسه ولم يتعظ السياسيون والمسؤولون اللبنانيون الذين لم يخرجوا من أجواء الحرب فيما بينهم، وماذا لو انتقل صراعهم على السلطة الى الشارع الطائفي، هم اوصلوا البلاد إلى أزمة اقتصادية صعبة، والظروف المعيشية خانقة، وانهيار الليرة اللبنانية مستمر، ورفض صيغ لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلاد والعباد متواصل وأخيرا توقفوا عند نقطة “التدقيق الجنائي” خوفاً من كشف فسادهم المستور بين السمسرات والصفقات، فكيف لهكذا فئة أن تتعظ، وكيف لنا ألا نخاف؟!.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً