نشاطات 4 آب… سجالات “فايسبوكية” والذكرى وطنية

هيام طوق
هيام طوق

على مشارف الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، يشهد المكان الذي تحول إلى بقعة رمادية لا حياة فيها، خلية عمل من قبل المنظمين الذين ينتمون إلى مختلف التجمعات والهيئات المدنية، والذين ينظمون نشاطات ولقاءات وندوات ونقاشات وأعمال فنية تتمحور حول جريمة العصر.

نشاطات ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي، منهم من يؤيدها ومنهم من شنّ حرباً عليها حتى أن الكثيرين اعتبروا أن انتفاضة الشارع التي يفترض أن تشتعل في 4 آب المقبل، تحولت إلى انتفاصة ” فايسبوكية” تحت شعارات متعددة، لكن وبحسب الأهالي الانشغال بأمور كثيرة والمطلوب واحد: الصلاة عن أنفس الشهداء والمطالبة بالعدالة.

تمحور السجال “الفايسبوكي” حول 3 مواضيع، هي: القداس الذي سيرأسه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في الرابع من آب، والذي سيكون داخل المرفأ، وستقتصر المشاركة فيه على أهالي الشهداء والضحايا والجرحى والمنكوبين لأسباب أمنية فيما يتايع الراغبون بالمشاركة في القداس من الساحة المؤديّة إلى بوابة المرفأ الشرقيّة (شارع البرازيل، منطقة المدوّر) عبر شاشةٍ كبيرةٍ مُخصَّصةٍ للمناسبة. هنا بدا السجال خجولاً احتراماً لأرواح الشهداء وأهاليهم حيث أن الأكثرية اعتبروا أن المناسبة تخصهم مباشرة وهم الأولى في الدخول إلى المرفأ، متفهمين الدواعي الأمنية. لكن البعض الآخر، رأى أنه من حق كل اللبنانيين المشاركة بالصلاة لأن الذكرى وطنية بامتياز، معتبرين أن “كل حدا مش مع إسقاط الحصانات عن كلن يعني كلن مش لازم يكون مسموح له المشاركة في القداس”.

أما القرص الأكبر للذكرى، فكان على خط نشاطات وسلسلة لقاءات ونقاشات مفتوحة ومساحات التفاعل، التي تنظمها “الأجندة القانونية” و”ميغافون” وجهات أخرى في عمل مشترك، إحياء للسنوية الأولى للذكرى حيث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصلت رسائل على “واتس أب”، مفادها أن ” ع مرفأ العدالة رسم الدخول 10 آلاف”، ما شكل موجة انتقادات واسعة، وخلق جواً من البلبلة بين الناشطين على مواقع التواصل الذين عمدوا إلى ارسالها لبعضهم، وانتشرت كالنار في الهشيم. لكن موقع ” لبنان الكبير” استوضح الأمر من “المفكرة القانونية” التي نفت نفياً قاطعاً ما يتم التداول به “عبر ملصقات تضليليّة لا تمتّ إلى عملنا بصلة. فنحن ملتزمون بالقضية الأساسية وهي إحقاق العدالة لضحايا تفجير المرفأ من دون أي مزايدة أو استغلال”.

وأوضحت المفكرة أن الملصق الذي اعتمدته للإعلان عن نشاطاتها قد عدل وكتب عليه ” 10 آلاف ليرة  للدخول ع مرفأ العدالة”، مؤكدة أن نشاطاتها ونشاطات الجمعيات الأخرى مجانية، وكل ما جرى التداول به كذب وافتراء بهدف التشويه، وخلق جو من السلبية”.

ما يرافق الذكرى ايضاً بلبلة فنية، غذ تداول الناشطون صورة للمجسم المارد الذي نفذه نديم كرم والذي اعتبره البعض عملاً جباراً حيث لملم الفنان بقايا الحديد التي مزقها انفجار المرفأ، وعلا شامخاً من تحت الرماد، مستفيقا من صدمة الدمار، ومجسداً أوجاع  بيروت.

أما بالنسبة للمنتقدين، فحدّث ولا حرج، فجاءت لاذعة، إذ اعتبر البعض أن المجسم انتقاص من معنى الشهادة والشهداء لأنه من بقايا “زبالة ودمار”. في حين رأى البعض الآخر أن “الرقص والفن والاستثمار بأوجاع الأهالي وعلى أشلاء الشهداء التي لم تجف” أو كمن يقول إن “التمثال خرج ينوضع ع مدخل مطمر الكرنتينا”، وآخر يكتب “من أمام الإهراءات . ما هذا الهراء؟”. ومنهم أيضاً من رأى أن للسياسة حصة في هذا العمل، إذ سأل أحد الناشطين: “قديه كلف التمثال يللي نعمل لميشال عون؟ إللي وعد إنو خلال 5 أيام رح تبين الحقيقة وصرلون سنة وما بين شي. هايدي إهانة للشهداء ولعوائلهم”.

وللحديث عن المجسم وما رافقه من انتقادات لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تواصل “لبنان الكبير” مع نديم كرم الذي نفى كل ما يشاع عن أنه مدعوم من جهة سياسية، ويؤكد انه لم يلتق أياً من المسؤولين الذين لا يعرفهم، معتبراً أنه يتعرض لحملة تشهير وافتراء وكذب من ناس يعرفهم. ونحن “حصلنا على موافقة ادارة المرفأ لتجسيد المارد هناك وليس من أي جهة سياسية كما يشاع. كما أننا لم نتلق دعماً من قبل أي طرف سياسي، ومن ساعدنا هم أصحاب مؤسسات وأشخاص قدموا أفكارهم ومعداتهم وتعبهم”.

إقرأ أيضاً: ثورة دماء الشهداء… ورقة التوت سقطت عن المسؤولين

وعما يقال إنه استخدم مواد لا تليق بالذكرى، لفت كرم إلى أن “بيروت دمرت ولا زالت، فمن الطبيعي استخدام بقايا الحديد الذي جمعناه من المدينة المدمرة، لذلك قررنا تنفيذ مجسم أسميناه مارد من تحت الرماد وهو عبارة عن شخص يجسد واقعنا الحالي المدمر، وأفكارنا الخاطئة التي تجعلنا لا نتقبل بعضنا،  لكن في نفس الوقت، فإن المياه التي ترمز إلى الحياة والتي تخرج من يد المارد، قصدنا منها إيصال رسالة مفادها أن الشعب اللبناني يتميز بإرادة وحبه للحياة، وهو سينتفض لإكمال المسيرة وصولاً إلى الحقيقة والعدالة”.

وفي الختام لا بد من الغشارة إلى أنه بغض النظر عن السجالات “الفايسبوكية” وعن الآراء حول نشاطات الذكرى التي يشيطنها البعض، ويؤيدها البعض الآخر، فإن الذكرى تبقى أسمى من أي كلام من هنا وأي سجال من هناك لأن أرواح الشهداء هي الأغلى على أهلهم، وتحقيق العدالة أكثر ما يهمهم ويهم كل اللبنانيين لأن الذكرى وإن كانت تعني الأهالي أكثر من غيرهم إلا أنها تبقى ذكرى وطنية سيخطها التاريخ بأحرف سوداء قاتمة.

شارك المقال