رفيق الحريري… رجل بحجم وطن

جورجينا عسال

على حين غفلة من مرور لبنان في لحظة مصيرية حاسمة، استشهد رفيق الحريري في عيد الحب جاعلاً منه عيداً للتضحية من أجل الوطن. هو الشهيد الذي ترك خلفه بصمة لا تُمحى في تاريخ لبنان وروحاً تتغنى بالوطنية. يعتبر الحريري رمزاً للقيادة والتطلع دوماً إلى المستقبل، قد أثبت بأفعاله أن الارادة والعزيمة قادرتان على تحقيق الأماني وإنجاز التغيير.

قاد رفيق الحريري جهوداً هائلة لإعادة بناء لبنان وتحويله إلى مركز اقتصادي وثقافي ريادي في المنطقة. بيروت التي كانت مدمرة بفعل الحرب، شهدت تحولاً جذرياً بقيادته إذ أصبحت عاصمةً تزهو بالحياة.

لم يكن دور الحريري محصوراً في الساحة اللبنانية فقط، بل تعداها ليشمل العلاقات الاقليمية والدولية، بحيث كان فاعلاً في تعزيز التعاون والتفاهم بين الشعوب والدول.

كانت له سياساته الخاصة أثناء توليه الحكم في لبنان، وتنوعت هذه السياسات وفقاً للظروف والتحديات التي كانت تواجه البلاد. لعل أبرز السمات التي طبعت سياساته:

ركز الحريري على إعادة بناء الاقتصاد اللبناني المتضرر من الحرب الأهلية وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال جذب الاستثمارات وتنفيذ مشاريع التنمية والبنية التحتية.

عمل على تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية والغربية والمؤسسات الدولية، وذلك لدعم الاستقرار وتعزيز التعاون الدولي.

دافع عن حرية التعبير وحركة المجتمع المدني والديموقراطية في لبنان، وعمل على تعزيز حقوق الانسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.

شجع على التعاون الاقليمي والدولي لمواجهة التحديات المشتركة مثل الارهاب والتطرف والصراعات الاقليمية.

تسعة عشر عاماً والغياب يزداد قسوة، فما هو وضعنا من دون رفيق الحريري؟

السياسة الحالية في لبنان معقدة ومتشابكة، وتتأثر بعدة عوامل داخلية وخارجية. من بين الجوانب الرئيسة للسياسة الحالية في لبنان:

يواجه لبنان أزمة اقتصادية ومالية خانقة، مع تدهور العملة المحلية، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع النمو الاقتصادي. هذه الأزمة مرتبطة بمشكلات هيكلية في الاقتصاد وفساد في مؤسسات الدولة.

كما يشهد لبنان تعقيدات سياسية متعددة، منها انعدام الاستقرار الحكومي وتأثير الفساد على الحكومة والمؤسسات العامة. كما تظهر التوترات بين القوى السياسية المختلفة وصعوبة التوصل إلى توافقات سياسية للخروج من الأزمات.

يعاني اللبنانيون من تدهور في مستوى المعيشة وارتفاع في معدلات البطالة وتراجع في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة.

يؤثر التوتر الاقليمي على السياسة اللبنانية ويزيد من التوترات الداخلية.

تتأثر السياسة اللبنانية بالتدخلات الخارجية من دول مثل إيران والولايات المتحدة وفرنسا وغيرها، ما يعقد من التوافقات الداخلية ويؤثر على الاستقرار السياسي.

عموماً، تواجه لبنان تحديات كبيرة تتطلب حلاً شاملاً يشمل إصلاحات اقتصادية وسياسية جذرية للخروج من الأزمات المتراكمة.

لو كان رفيق الحريري موجوداً اليوم فما هي السيناريوهات التي كنا لنشهدها؟

كان ليقوم بتسهيل عملية المصالحة الوطنية بين الأطراف المتناحرة في لبنان بهدف تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، بما في ذلك تحسين الادارة المالية ومكافحة الفساد وذلك للتصدي للأزمة الاقتصادية الحالية.

ولا شك في أنه كان ليعمل على تعزيز العلاقات الخارجية للبنان مع الدول العربية والغربية والمؤسسات الدولية بهدف جذب الاستثمارات وتقديم الدعم الدولي.

وكان ليشجع على تعزيز الحوار السياسي بين الأطراف المختلفة في لبنان، بهدف التوصل إلى تفاهمات سياسية تعمل على تحقيق مصالح الشعب اللبناني.

باختصار، يمكن القول إن رفيق الحريري كان شخصية مؤثرة في تاريخ لبنان والشرق الأوسط، ترك لنا إرثاً يتمتع بتأثير دائم على الساحة السياسية والاقتصادية في المنطقة.

شارك المقال