لقاء سوداوي في بعبدا… وتنصّل شيعي من “المؤتمر التأسيسي” العوني

رواند بو ضرغم

بدأ العهد لعبة تكبير حجم العراقيل في وجه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، من أجل دفعه للقبول بشروطه التعجيزية أو الاعتذار.

فور وصول الرئيس ميقاتي إلى قصر بعبدا لاستكمال البحث مع رئيس الجمهورية ميشال عون في تأليف الحكومة، وبعدما اقترح ميقاتي إرجاء البحث في لقائه السابق بحقيبتي الداخلية والعدل لتذليل باقي العقد واستكمال الاتفاق على توزيع باقي الحقائب، استهل عون اللقاء الرابع باعتراضه على تأجيل البحث في هاتين الحقيبتين اللتين يطالب بهما عون بالوكالة عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لا بل كان واضحاً معه وصريحاً بطلب إما الداخلية أو المالية.

فهم الرئيس المكلف أن الرئيس عون يختلق مشكلة غير قابلة للحل ويريد احراجه مع الثنائي الشيعي، الذي أجمع على تسميته رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة. ويعلم ميقاتي أن لا مجال للبحث في تنازل الشيعة عن المالية، وفي الوقت عينه لن يتنازل عن حقيبة الداخلية التي أدرجها من حصة الطائفة السنية، لذلك حاول بطريقة ديبلوماسية أن يقنع عون بأن تعديل الحقائب السيادية سينتج عنه توزيع جديد للحقائب والمهام وعودة إلى نقطة الصفر… إلا أنه لم ينجح وبقي عون مصراً على مطلبه “الداخلية أو المالية”.

مجريات اللقاء الرابع السوداوي الذي لم يدم أكثر من نصف ساعة، معطوفاً على كلام مستشار عون الوزير السابق بيار رفول بأن “ميقاتي بروح متل ما راح الحريري” يظهر نية العهد بإحراج ميقاتي لإخراجه بعد أن اتبع آلية الحريري في التأليف واستكمل ما وصل إليه مراعياً المبادرة الفرنسية ومبادرة الرئيس نبيه بري.

تشير المصادر إلى أن عون نطق بما يريده باسيل، ولا توافق على أي جزء من التأليف حتى الساعة، وعادت المفاوضات إلى نقطة الصفر، وليس هناك أي مسعى من قبل باقي الأطراف السياسيين ولا اتصالات ولن يحرك “حزب الله” أي ساكن وخصوصاً أن علاقته بالتيار الوطني الحر ليست على ما يرام. وتجزم مصادر الثنائي الشيعي بأن لا تراجع عن تمسك حركة “أمل” و”حزب الله” بوزارة المالية.. فهل ينجح الرئيس المكلف بتدوير الزوايا خلال مهلة الشهر التي وضعها لنفسه من أجل التأليف أو الاعتذار؟

تستبعد المصادر أن تتألف حكومة حتى نهاية العهد، ولن يخرج الدخان الأبيض من قصرٍ ساكنه ميشال عون. وهذا ما يفسر إفصاح ميقاتي عن مجريات اللقاء من منبر بعبدا، ونقله للبنانيين أن رئيس الجمهورية غير مستعجل على التأليف، نتيجة اهتمامه المركز حالياً على الكلمة التي سيلقيها في مؤتمر دعم لبنان في الرابع من آب…

فوقوف لبنان على فوهة الانفجار الأمني والاجتماعي والشعبي عشية الذكرى السنوية الأولى على كارثة انفجار المرفأ، وخروج لبنان من قطوع الفتنة السنية الشيعية التي بدأت شراراتها في خلدة، كلها تفاصيل ليست بأولوية عند رئيس الجمهورية، فإن تأليف حكومة لانتظام الحياة السياسية وللبدء في مهمة الإصلاح والإنقاذ ليست الأساس عند عون، إنما الأولوية مركزة على إلقاء كلمة أمام المجتمع الدولي من “رأس دولة” لم تسلم منه أي مؤسسة إلا وهدمها أو عطلها أو انقضّ على صلاحياتها.

إقرأ ايضاً: عقول مريضة!

وعليه، يسوّق رئيس الجمهورية عبر مستشاريه بأن الحل متمثل في مؤتمر تأسيسي جديد، حيث خيّر الوزير السابق بيار رفول الأطراف السياسيين ما بين إعطاء رئيس الجمهورية صلاحياته وإلا فلنذهب إلى مؤتمر تأسيسي. هذا الكلام نوقش في المجالس السياسية الضيقة، إذ ظهر مطلب رئاسة الجمهورية وكأنه مدعوم من الشيعة وتحديداً “حزب الله”، إلا أن مصادر الحزب تؤكد أن لا نقاش داخلياً في مؤتمر تأسيسي جديد وخصوصاً أن لا مصلحة للطائفة الشيعية بإجرائه، إذ لديها رئاسة مجلس النواب وحصلت على المالية في الحكومة العتيدة إذا تألفت، ولا شيء جديداً ممكن أن يضيفه المؤتمر التأسيسي، ولا نية لدى الثنائي بتكريس المالية نصاً مكتوباً في الدستور للطائفة الشيعية، لذلك كلام رئاسة الجمهورية عن المؤتمر التأسيسي يتنصل منه حليفه “حزب الله” لا بل يستغرب الكلام عن مؤتمر جديد سيضعف الموارنة ويقلص من صلاحيات الرئاسة الأولى التي كرسها اتفاق الطائف.

شارك المقال