“ذا غارديان”: المنطقة لا تطيق المنافسة بين بينيت ورئيسي

حسناء بو حرفوش

ركز موقع “ذا غارديان” (TheGuardian) البريطاني على تبعات وصول الرئيس الإيراني المتشدد ابراهيم رئيسي إلى السلطة مؤخراً في ظل التوترات العديدة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط والتي تترجم بـ”تهديد إسرائيل بعمل عسكري ضد طهران وحرب الظل في الخليج، وإطلاق حزب الله، حليف إيران صواريخ على إسرائيل انطلاقاً من لبنان الفوضوي، والإدانات في لندن بسبب احتجاز الرهائن. وبالتزامن، تتزايد مخاوف الولايات المتحدة من فشل محادثات فيينا النووية. فهل تنتهي بصفقة أم لا؟ يضاف إلى ذلك ترجيح اكتساب إيران القريب للقدرة على صنع سلاح نووي”.

وبحسب الموقع، “يشهد الشرق الأوسط لحظة مظلمة ومحفوفة بالمخاطر، خصوصاً في ما يتعلق بالصراع متعدد الأوجه بين إيران والغرب. ولم يمهد رئيسي، الذي أدى اليمين الدستورية الخميس بعد انتخابات مزورة وتشوبها المقاطعة، أي أرضية للتفاؤل، بل أصرّ على ضرورة رفع العقوبات “الاستبدادية” التي فرضها دونالد ترامب منذ 2018، دون عرض تنازلات أو تقديم خطة لتحقيق ذلك. ويمثل صعود رئيسي انتصاراً حاسماً للفصائل المحافظة الشديدة المناهضة للغرب والمرتبطة بالمرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي. وقد خاض سلف رئيسي، حسن روحاني، على غرار محمد خاتمي من قبله، معركة داخلية طويلة وخاسرة في نهاية المطاف لتحقيق التقارب مع الولايات المتحدة وأوروبا. أما اليوم، فتخضع جميع مؤسسات الجمهورية الإسلامية الرئيسية، بما في ذلك الجيش والقضاء والبرلمان لسيطرة المتشددين (…) ومن المفارقات أن رئيسي، الذي يحظى بدعم الحرس الثوري الإسلامي الأكثر نفوذاً من أي وقت مضى، يتمتع في فيينا بالدعم الذي كان روحاني يفتقر إليه. (…) أما الاقتصاد الإيراني ففي حالة يرثى لها، في ظل التضخم وشح المواد الأساسية وتضاعف معدل الفقر على مدى عامين بحسب ما تظهر الأرقام الرسمية (…) ومن شأن الاتفاق المحدود على تخفيف العقوبات أن يخفف من معاناة الشعب.

ومع ذلك، يؤمن رئيسي وخامنئي المتشدد بفضائل الاعتماد على الذات، بناء على أسس أيديولوجية ودينية. وهما يجادلان بأن الاقتصاد الإيراني الموجه مركزيًا، لا ينبغي أن يعتمد في المستقبل (…) على تجارة القطاع الخاص والأعمال التجارية مع الغرب الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. وهما يدفعان باتجاه القضاء النهائي على النفوذ السياسي الذي منحته العقوبات لواشنطن ولا يريدان ببساطة صداقة مع الولايات المتحدة الأميركية. ومع التحرر من القيود التي مارستها المعارضة “المعتدلة” المهزومة في السابق، ينذر إصرار رئيسي على زيادة الاعتماد على الذات بتوسيع نفوذ إيران الإقليمي، ليس أقله من خلال تعزيز “محور المقاومة” من خلال الحلفاء والوكلاء في سوريا والعراق واليمن ولبنان. وبالمثل، يظهر احتمال التحالفات الاستراتيجية الأوثق مع الصين وروسيا، من خلال توقيع طهران مؤخراً على شراكة تجارية وعسكرية مدتها 25 عامًا مع بكين. أما من الجانب الروسي، فكان فلاديمير بوتين من المهنئين بحرارة بانتخاب رئيسي.

لكن هجوم الطائرات المسيرة على الناقلة في خليج عمان، والذي أسفر عن مقتل بريطاني وروماني الأسبوع الماضي، ينذر بالسوء لعصر رئيسي. وكما جرت العادة، نفت إيران مسؤوليتها، بينما تقول بريطانيا والولايات المتحدة أن بإمكانهما إثبات العكس. كما يمثل تعليق طهران للمحادثات حول تبادل الأسرى صفعة أخرى، بالإضافة إلى الحكم الصادم بالسجن 10 سنوات الذي صدر بحق البريطاني الإيراني مهران رؤوف. لربما ريتشارد راتكليف، زوج نازانين زاغاري راتكليف المسجونة ظلماً، على حق في ضرورة قرع ناقوس الخطر. ويتوجب على وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب القيام بالمزيد.

التطورات في لبنان مصدر قلق

ويثير اندلاع الأعمال العدائية المفاجئة عبر الحدود الإسرائيلية-اللبنانية ومع حماس في غزة المزيد من القلق. واعترف حزب الله، على غير العادة، بإطلاق صواريخ، في إعلان يبدو وكأنه رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بموافقة إيرانية. أضف إلى ذلك أن إسرائيل هددت بعمل عسكري مباشر بعد هجوم الناقلة. ولا يمكن للشرق الأوسط تحمل مثل هذه المنافسة بين الرئيسين الجديدين رئيسي وبينيت. وفي غضون ذلك، يتزايد القلق في واشنطن، من اشتعال الصراعات بين طهران والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، والتي تغذيها التغييرات في القيادة في إيران وإسرائيل (…) مع عودة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية إلى المربع الأول.

أضف إلى ذلك أن إدارة بايدن منشغلة بملفاتها الخاصة، وعلقت آمالها في نزع فتيل التوترات مع إيران على إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 والذي تخلى عنه ترامب بشدة. وهي تسعى لبرهنة أن قراره الأحمق ساهم من بين عوامل أخرى، بصعود رئيسي والمتشددين وتشويه سمعة الإصلاحيين في إيران. ويقترح المحللون الأميركيون الآن أن الأوان قد فات بالفعل، حتى ولو توصلت الأطراف المعنية لحل وسط. وهم يشتبهون بأن إيران اكتسبت بالفعل الكثير من الخبرة في صنع القنابل في غضون ذلك، لدرجة أن الفضيحة النووية باتت ظاهرة للعيان. ولا شك بأن هذا الفكر يؤرق القادة الإسرائيليين لأسباب مبررة. وينبغي لذلك أن يقلق المنطقة وجيران أوروبا غير البعيدين. لكن المزيد من رجم الذات والقتال بالحرب بالوكالة، لا يكفي للرد. الأصح هو الامتثال بالاتحاد الأوروبي الذي بعث بممثل لحفل تنصيب رئيسي. ففي هذا المنعطف المحفوف بالمخاطر، الأجدى للولايات المتحدة وبريطانيا أيضاً هو السعي وبإلحاح أكبر لإبقاء الباب مفتوحاً والدفع باتجاه الحوار مع طهران. وبدوره، يتوجب على رئيسي الكفّ عن اتخاذ المواقف وإظهار القليل من الحنكة السياسية، عبر الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الغربيين”.

شارك المقال