كم من الإسرائيليين يجب أن نقتل؟

زاهر أبو حمدة

نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية في خلال الأيام الماضية ثلاثة مقالات، تدور حول قائد أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي. وشن جدعون ليفي، هجوماً على كوخافي، بسبب الإفراط في قتل الفلسطينيين الممنهج. أما يانيف كوفوفيتش، فذكر أن كوخافي طلب من كبار القادة في القيادة المركزية العمل على تقليل عدد عمليات إطلاق النار على الفلسطينيين في الضفة الغربية مع ارتفاع عدد الشهداء. فيما سأل تسفي بارئيل: “كم من الفلسطينيين يجب أن نقتل؟”.

صحيح أن “هآرتس” وتعني الأرض أو الدولة، تدعم حل الدولتين وتوبخ جيش الاحتلال من حين إلى حين، وهذا ما نشرته بعد معركة “سيف القدس” الأخيرة على صفحتها الأولى. لكن في المحصلة، هي صحيفة عبرية لها خط سياسي تحريري، وموظفوها محتلون ويدفعون ضرائب للحكومة العنصرية. أما ما يلفت الانتباه حقاً، هو ما يمكن تسميته “الهجوم” على كوخافي وتوقيته. وبعيداً عن أي شؤون إقليمية تتعلق بإسرائيل، يخشى غالبية كُتاب “هآرتس” من انتفاضة فلسطينية كبرى أو جولة قتال أخيرة تنهي إسرائيل. لذلك يدعون إلى إعطاء جزء من حقوق الفلسطينيين.

وبالعودة إلى كوخافي، ذكرت القناة “السابعة” أنه طالب ضباط جيشه بتهدئة الأوضاع ونزع صلاحيات ميدانية من ضباط صغار وتكليف ضباط كبار باتخاذ القرار حول تعليمات فتح النار، بعدما استشهد ستة فلسطينيين منذ انطلاق “ثورة الدفاع” عن جبل صبيح نابلس قبل ثلاثة أشهر. بدورها، هاجمت منظمة “نظرية القتال” التعليمات الجديدة مطالبين الجنود برفض تنفيذ الأوامر. ويعتبر مطلب كوخافي، اعلامياً ودعائياً لا أكثر، فهو لا يملك سلطة على المستوطنين المدججين بالسلاح. وكما يقول تسفي بارئيل أن “كوخافي أراد خفض النيران فقط وليس إخمادها”.

منذ أيار الماضي، استشهد أكثر من 40 فلسطينياً في الضفة المحتلة بنيران جنود الاحتلال. وحالياً يطالب كوخافي، عناصره بتخفيض العدد عبر إشراك كبار الضباط بالأوامر الميدانية. ومن هم هؤلاء الضباط؟ هم أساس القتل، فقائد لواء “جفعاتي” العميد عوفر فينتر، خاطب جنوده أثناء العدوان الأخير على غزة: “التاريخ اختارنا لنكون في طليعة محاربة العدو الإرهابي”. يشغل فينتر، حالياً منصب “قائد تشكيل النار”، التابع للقيادة المركزية، وهو أكبر ضابط مسؤول عن إطلاق النار المميت. فهنا لا فرق بين ضابط كبير وآخر صغير في الرتبة لناحية القتل. فكلهم سواسية في سفك الدم الفلسطيني.

يتضح جلياً أن كوخافي، يطمح إلى منصب سياسي وربما رئاسة الحكومة بعد انتهاء مدة عمله في قيادة أركان القتل الإسرائيلي. ويدرك تماماً أن هذه الأرض لا تتسع لشعبين أو ثقافتين، وبدل قتل الفلسطينيين بسرعة عبر المجازر اليومية يمكن أن يكون القتل ببطء ولو طالت المدة. ووفقاً لمطالب كوخافي، ماذا لو خرج قائد فلسطيني وقال: اقتلوا عدداً محدوداً من الإسرائيليين؟ أو كم من الإسرائيليين يجب أن نقتل؟ سيعتبر ارهابياً معادياً للسامية وللكونغرس الأميركي والاتحاد الأوروبي.

حصل في خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000 – 2004) أن أمر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، كتائب “شهداء الأقصى” الجناح العسكري لحركة “فتح” بقتل جندي إسرائيلي يومياً. فكان مصيره الموت بسم نووي.

أصبحت المعادلة الإسرائيلية واضحة: نقتل منكم ما نشاء ولكم فقط البكاء وكثير من الدماء. ومن هنا، على الفلسطيني أن يكون له معادلة، أو أقله كسر معادلة كوخافي.

شارك المقال