اللاجئون… الحل بانتظار قرار دولي

زياد سامي عيتاني

منذ جريمة تصفية منسّق حزب “القوات اللبنانية” في منطقة جبيل، وتوقيف أشخاص من التابعية السورية بشبهة تنفيذ الجريمة، أعيد فتح ملف “النزوح” السوري على مصراعيه، بكل تداعياته الأمنية والاقتصادية والديموغرافية، بحيث علت الأصوات بضرورة مقاربة الموضوع بصورة جدية وجذرية، من منطلق وطني، بعيداً عن التوظيف السياسي وعن التعاطي معه بدوافع عنصرية. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان حوالي مليوني لاجئ، ويطالب لبنان بعودتهم إلى بلادهم عودة آمنة وكريمة.

أما عن كلفة “النزوح” المباشرة إقتصادياً على لبنان، فهي بحدود مليار ونصف المليار سنوياً وفق البنك الدولي، فيما الكلفة غير المباشرة 3 مليارات دولار، أي ما مجموعه 4 مليارات ونصف المليار في السنة، يعني خلال 13 سنة تقدر بـ 58 مليار دولار.

وفي خضم النقاش السياسي الدائر في لبنان بشأن أزمة اللاجئين، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس من بيروت عن مساعدات بقيمة مليار يورو دعماً “لاستقرار” لبنان، معوّلة على “التعاون الجيد” من أجل مكافحة عمليات تهريب اللاجئين انطلاقاً من السواحل اللبنانية. وقالت فون دير لاين خلال مؤتمر صحافي إثر لقائها والرئيس القبرصي، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “أستطيع الاعلان عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان، ستكون متاحة بدءاً من هذا العام حتى 2027” من أجل المساهمة في “الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.

وأتت زيارة المسؤولة الأوروبية في وقت عمدت فيه قبرص في الفترة الأخيرة الى إعادة قوارب مهاجرين تنطلق بصورة غير نظامية من السواحل اللبنانية باتجاهها، بينما تكرر السلطات اللبنانية مطالبة المجتمع الدولي بإعادة السوريين الى بلدهم، بعدما توقفت المعارك في محافظات سورية عدة. وقد قوبلت هذه الخطوة بموجة من الاستنكار السياسي، بحيث إعتبرتها قيادات سياسية بمثابة تكريس لبقاء اللاجئين في لبنان، واصفين المبلغ بالرشوة، للحد من هجرتهم من لبنان إلى قبرص.

ويرى المتابعون، أن أزمة “النزوح” السوري أصبحت مسألة سياسية تتجاذبها الأطراف، ما يعزز الحاجة إلى وضع إستراتيجية وطنية لادارة هذه الأزمة وحلول مستدامة، وهو أمر متعذر في ظل الفراغ الرئاسي، وحكومة تصريف أعمال، فضلاً عن الانقسام السياسي المستفحل. ويخشى المتابعون كون معظم النازحين من الشباب والمدربين عسكرياً، ويمكن أن ينفلت الأمر على مخاطر أمنية، خصوصاً أن لبنان مستهدف أمنياً وفي ظل الحاجة الملحة الى وسائل العيش يمكن أن يشكل هؤلاء مادة دسمة للتجنيد من الجهات ذات المصلحة.

من المؤكد أن لبنان عاجز عن حل أزمة اللاجئين بمعزل عن قرار دولي إقليمي (غير متوافر)، بل أكثر من ذلك فإن العواصم الغربية هددت بوقف ما تقدمه من مساعدات للسوريين الموجودين في لبنان، في حال عودتهم إلى بلدهم، ما يؤكد جدية المخاوف اللبنانية من أن يكون هناك مشروع غير معلن لتوطينهم في لبنان.

وما يزيد من المخاوف والقلق عند اللبنانيين بشأن مستقبل اللاجئين في لبنان، غياب أي حل بين عواصم القرار الغربية وسوريا! فقد بات مؤكداً أن مسؤولية حل أزمة اللاجئين رهن بتعاون الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يتبنى سياسات لا تشجعهم على العودة، ومنها عدم البدء بإعادة إعمار المناطق المدمرة، والاستمرار في التجنيد القسري، والامتناع عن الكشف عن عشرات الآلاف من المفقودين وفرض رسوم هي الأعلى في العالم للإعفاء من التجنيد أو تأجيله أو للحصول على جواز سفر أو حتى لدخول البلاد، وغيرها.

شارك المقال