ترحيل السوريين يبدأ أول حزيران والأمن العام يكشف لـ “لبنان الكبير” الخطة

ليندا مشلب
ليندا مشلب

غادرت رئيسة المفوضية الأوروبية لبنان تاركة وراءها مليار يورو في البحر ومليار قنبلة في الجو بدأت تتفجر وتتفاعل داخلياً وسياسياً يوماً بعد يوم.

وإذا كان الدافع وراء هذه الزيارة برفقة رئيس قبرص وبإيعاز من الاتحاد الأوروبي ودعم فرنسي ألماني هو أمر معلوم، يتمثل في تزايد الخوف من فتح البحر أمام النازحين باتجاه أوروبا، فإن أهداف المساعدة المالية غير المشروطة بقيت مجهولة ورهن التحليلات والتوقعات، وفي كلا الحالتين يمكن تسجيل نقاط مهمة دخلت على ملف النزوح وانعطافة كبيرة في مساره.

والسؤال الكبير الذي طرح، هل هبة المليار هي لتمديد الأزمة ولتمويل برنامج بقاء النازحين السوريين في لبنان لمدة ٣ سنوات، بانتظار أن يخلق الله ما لا تعلمون؟

تقول مصادر الأمن العام لموقع “لبنان الكبير”: ان أخطر ملف في البلد اليوم هو موضوع النازحين، سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً، للحكومة وللأجهزة الأمنية كافة، وللقوى السياسية على حد سواء، فلماذا ترمى كل المسؤولية على الأمن العام؟ وما الهدف من تحييد الجيش، علماً أنها مسؤوليته بالمباشر في ضبط الحدود البرية؟ إذ إننا سنبقى مثل “السلة المفخوتة” في اعادة السوريين، نعيد عشرة آلاف من الباب فيدخل ٢٠ ألفاً من الشباك، عبر المعابر غير الشرعية. الكل يتهرب من المسؤولية ويرميها على الآخر ولا أحد يريد أخذ قرار. هذا الملف يحتاج إلى تنسيق عال على أكبر المستويات ولا يجوز أن يترك قنبلة متفجرة في وجه جهاز دون آخر، حتى ولو اتخذ القرار السياسي وطلب من كل المؤسسات تطبيقه، ستسقط كل الخطط إذا بقيت الحدود مفتوحة، والمعابر “شغّالة ومشرّعة” والترحيل ليس كلمة في الفم، بل هو قرار خطير في وجه المجتمع الدولي إذا لم يكن هناك ضوء أخضر منه، لأن أي سوري سيتم ترحيله “بتدقو شوكة” في سوريا، سيرمى بلاه على لبنان وسيحمّلون المسؤولية لأجهزته.

‏وتؤكد المصادر أن الأمن العام ينفذ القانون ونحن في صدد إعداد خطة ترفع الى الحكومة وننتظر التصديق عليها، وهذه الخطة سيصار إلى تعديلها بعد اجتماع بروكسل لتتماشى مع القرارات التي سيُتفق عليها في المؤتمر، وهي ترتكز على الـ Data التي ننتظرها من UNHCR وقد أمهلناها أسبوعين لتقديمها، فهل ستصدق معنا المفوضية هذه المرة أم ستبقي على قرارها بحجبها عنا؟ لننتظر ونرى.

الداتا الصحيحة ستسهل كل الأمور وتجعلنا على بيّنة من كل المعطيات المطلوبة وتخفف المسؤوليات لأن الموضوع ليس أمنياً وحسب، إنما أمني وحقوقي بالتوازي. ‏ولا يجوز أن يحصل تنازع بين القانون الدولي والقانون اللبناني، فإذا تسلمنا الداتا الصحيحة نفصل التنازع بين القانونين. عندها يطبق القانون المحلي على النازحين غير الشرعيين ويطبق القانون الدولي على النازحين الذين يتخذون صفة اللجوء السياسي ‏والأمني، والداتا المفصلة هي نقطة الانطلاق لأي خطة ومن دونها نبقى نواجه الفشل تلو الفشل. ‏فمن تنطبق عليه شروط الإقامة الشرعية تجري تسوية أوضاعه، أما اللاجئ السياسي أو الأمني فيصار إلى توطينه في بلد ثالث، لأن لبنان ليس بلد لجوء.

هذا هو الحل بين خيارين لا ثالث لهما، وتنظيم الملف هو الأساس، أي فصل النازح الشرعي عن غير الشرعي والنازح العادي عن اللاجئ السياسي والأمني. وبالنسبة الى المناطق الآمنة والبحث عنها، هذا ليس من ضمن مهامنا أو اختصاصنا، بل موضوع دولي لا دخل لنا فيه، فليبحثوا عنها مع السوريين.

وتتابع المصادر: نحن بصدد تجميع المعلومات وتحضير ملف متماسك وعندما يصبح جاهزاً سيقوم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري بزيارة إلى سوريا قبل مؤتمر بروكسل. ولن تحصل الزيارة قبل تجهيز الملف لتكون هناك نتائج ملموسة. وهناك بوادر إيجابية من الجانب السوري للتعاون.

الأمن العام سيقوم بما عليه وسينجز المطلوب منه، وللأسف سيأخذ أدوار غيره المتخلفين عن القيام بمسؤولياتهم لكن هذا عمل مشترك بين الحكومتين والخارجيتين والجيش والأمن العام ووزارتي العدل. العودة للمساجين تكون طوعية أو تلقائية وهذا أمر مفروغ منه، لكن يجب أن تكون كل الأمور واضحة أمامنا، هناك اتصالات مكثفة بعيدة عن الاعلام تحصل مع سوريا تمهيداً لزيارة اللواء البيسري من أجل ترحيل المسجونين، وعلى وجه الخصوص من ارتكب جناية والمحكومون بحكم مبرم وهم لا يتجاوز عددهم الـ٥٠٠ وليس من هم متهمون بأعمال ارهابية، وحل هذا الملف يكون خطوة على طريق الحل الشامل وبادرة خير، وتحذير واضح لكل سوري يرتكب جناية أو سرقة أو مخالفة من أن توقيفه يعني مباشرة ترحيله الى السجون السورية، وهذا يكون بمثابة إنذار وعليهم التفكير جيداً قبل الإقدام على أي جريمة أو سرقة أو مخالفة.

هناك أسئلة، استقبل الرئيس نجيب ميقاتي رئيس المجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري وهذا المجلس لا يزال على قيد الحياة وذا صلاحية، هل طرح معه الملف وماذا كان رأيه؟ وهناك سفارة لبنانية شرعية في دمشق وعلاقات ديبلوماسية بين البلدين لماذا لا يحصل التواصل؟

‏مصادر السراي

‏وترد مصادر السراي الحكومي على كل الانتقادات والاتهامات، وتقول لموقع “لبنان الكبير”: ذاهبون إلى بروكسل بخطة كاملة متكاملة تتضمن كل التفاصيل لملف النزوح السوري في لبنان وعلى قاعدة ما على الرسول إلا البلاغ، لا يجب التفكير في أن المليار يورو المخصصة لمساعدة لبنان من الاتحاد الأوروبي هي ثمن سكوتنا أو رشوة، على العكس هي إنجاز في غاية الأهمية.

‏فمؤتمر بروكسل سيعنى بدعم المشاريع المختصة بالسوريين في لبنان والأردن وتركيا وسوريا، أما المبلغ الذي قدمته رئيسة المفوضية الأوروبية باسم الاتحاد الأوروبي فهو فقط لدعم اللبنانيين ومشاريع لبنانية وللمؤسسات اللبنانية العسكرية والأمنية والأمن العام وقوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني وتطوير قدراتهم لمراقبة الحدود البحرية والبرية، ودعم الحماية الاجتماعية والقطاع التربوي وخصوصاً المدارس الرسمية ودعم القطاع الصحي والمستشفيات الحكومية… وسيشرف على توزيع هذه الهبة الاتحاد الأوروبي مع الوزارات المختصة وسيكون هناك تنسيق مباشر بينهم لتوزيع التمويل، ولو لم تحدث الأزمة مع قبرص منذ أسابيع لما حصل هذا التقدم في الملف، عندها سأل الرئيس القبرصي في زيارته الأولى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما هو المطلوب، وحمل سلة مطالب لمناقشتها مع المعنيين في الاتحاد الأوروبي الذي ما كان ليتحرك باتجاه لبنان لولا أنه شعر بسخونة هذا الملف. ‏ففي قبرص اليوم 25,000 سوري غير شرعي نزحوا من لبنان والعدد إلى مزيد، وبالتالي إذا لم يُصر إلى تحقيق المطالب اللبنانية سيفتح لبنان حدوده البحرية تماماً كما فعلت تركيا. ‏من هنا كان الربط واقعياً بين أمن لبنان وأمن أوروبا.

وفي معلومات موقع “لبنان الكبير” أن رئيسة المفوضية الأوروبية وعدت جدياً بدرس اقتراح لبنان إعادة النظر في السياسة الخارجية الأوروبية التي قد تعتمد على مناطق آمنة في سوريا وهذه خطوة جداً مهمة وغير مسبوقة لأن الباب في السابق كان مقفلاً تماماً، على أي بحث يتعلق بالمناطق الآمنة وبالتالي ما حققه لبنان من الزيارة الأوروبية هو عدم رفض الاتحاد الأوروبي ترحيل السوريين غير الشرعيين، وثانياً القبول باقتراح لبنان وقبرص أن تعيد السياسة الخارجية الأوروبية نظرتها بما خص المناطق الآمنة شرط أن يكون التواصل ليس عبر الحكومة السورية إنما عبر مفوضية اللاجئين التي ستكلف التواصل مع الدولة السورية. والاتصال الذي جرى بين الرئيس ميقاتي ورئيس الحكومة السورية حسين عرنوس الأسبوع الماضي تناول هذا الأمر، وسمع ميقاتي من عرنوس عدم ممانعة بلاده عودة أي سوري لكن يجب أن يبحث هذا الأمر بصورة جدية وأن تترافق العودة مع مساعدات عينية ومادية. من هنا كان مطلب ميقاتي أن تعطى هذه المساعدات لهم في سوريا عبر مفوضية اللاجئين لحماية هذه الأموال من قانون قيصر ‏كبناء مدارس وإعادة إعمار البلدات والبيوت المهدمة، ودعم اليد العاملة السورية في قلب سوريا. وحول ملف المسجونين، توضح المصادر أن هناك ثلاث فئات منهم في السجون اللبنانية: الارهابيون وهؤلاء لا يمكن تسليمهم إلى الحكومة السورية بحسب الاتفاقيات الدولية الموقعة مع لبنان ‏لأنهم يعتبرون سجناء سياسيين، وهناك الموقوفون والفئة الثالثة المحكومون.

والمحكومون بالقضايا الجنائية والمدنية يمكن أن يرحلوا، ويبحث وزير العدل مع مدعي عام التمييز موضوع الترحيل إلى سوريا. وطلبنا، تقول المصادر، من رئيس المجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري بحث هذا الأمر عبر المجلس الأعلى تنفيذاً للاتفاقية المبرمة التي تنص على تبادل الموقوفين اللبنانيين والسوريين، أي أن الموقوف السوري في السجون اللبنانية يرحل إلى سوريا لقضاء مدة محكوميته والعكس تماماً، والأوروبيون لا مشكلة لديهم في هذا الشق لكنهم رفضوا رفضاً قاطعاً إرسال أي موقوف سياسي إلى السجون السورية.

وتشير المصادر إلى أن خطة الحكومة ترتكز على تقسيم النازحين السوريين الى ثلاث فئات: الفئة الأولى هم الذين نزحوا إلى لبنان من ٢٠١١ حتى ٢٠١٥ وهي فئة مسجلة على لوائح مفوضية اللاجئين. الفئة الثانية تضم من دخل لبنان بعد ٢٠١٥ حتى ٢٠١٦ وهو العام الذي طلبت فيه الحكومة التوقف عن تسجيل السوريين. والثالثة بعد الـ ٢٠١٦ وهم السوريون الذين تم تدوينهم من دون تسجيلهم recorded ‏أي تدوين معلومات تتعلق بهم ولكن من دون إعطائهم بطاقات، وبالتالي كل سوري دخل إلى لبنان بعد ٢٠١٦ يعتبر غير شرعي إلا إذا كانت لديه إجازة عمل أو إقامة، ونحن سنبدأ العمل بهذه الفئة، تقول المصادر، من هنا طلب لبنان أموراً أساسية من مفوضية اللاجئين أي الحصول على داتا مفصلة حول دخول كل سوري بعد الـ ٢٠١٦، وإلا سنضطر إلى القيام بزيارة مخصصة إلى جنيف من أجل هذا الموضوع. وعند الحصول على هذه الداتا ستبدأ عملية الترحيل في شهر حزيران المقبل بعد أن تكتمل كل المعلومات حول السوريين غير الشرعيين والأمور الثلاثة التي طلبناها من الـunhcr ‏تتعلق بتاريخ التسجيل والدخول إلى لبنان والمناطق التي أتوا منها وأرقام التواصل معهم (أرقام الهواتف) لأن الداتا التي زودتنا بها هي داتا مهمة لكنها بسيطة ولا تصلح لإعداد ملف، أي بصراحة هي داتا استخفت بعقولنا لأنها تتضمن الاسم الثلاثي والعائلة والأسماء (عدد أفراد العائلة، عناوين المنازل، المناطق الموجودين فيها…) وليس access data ، وقد أعطينا مهلة حتى نهاية هذا الشهر لتزويدنا بالمعلومات التي طلبناها وإذا لم نحصل عليها فسنتوجه إلى جنيف لحل هذا الأمر.

وتطلب المصادر من الجميع التعاطي مع هذا الملف من نصف الكوب الملآن لأنها أول زيارة تاريخية من نوعها كموقع ومركز، وفي تاريخ لبنان لم تحصل زيارة كهذه.

وتختم المصادر: لبنان أطلق حملته في الاتحاد الأوروبي… ولن يتراجع قبل تحقيق الهدف.

شارك المقال