أين الحلّ؟

صلاح تقي الدين

أصبح الرهان على اقتراب الحل في غزة مثل لعبة الحظ اللبنانية الشهيرة اللوتو “إذا مش الاثنين.. الخميس”، إذ ان بورصة التفاؤل بقرب نجاح مصر المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية في التوصل إلى الهدنة المقترحة بين إسرائيل وحركة “حماس” ترتفع يوماً وتهبط في اليوم التالي وهكذا هي الحال منذ أكثر من أسبوعين.

مفاوضات تعقّدها مطالب إسرائيل يوماً ثم تواجهها مطالب من “حماس”، ويغوص الطرفان في شروط وشروط مضادة في الوقت الذي يستمر فيه الدم الفلسطيني المهدور بالسيلان نتيجة الاجرام الاسرائيلي، وتمتزج معه دماء اللبنانيين في الجنوب الصامد نتيجة غارات إسرائيلية لا تستطيع أن تصيب “حزب الله” فتنصبّ على رؤوس المدنيين الذين يدفعون ثمن “مساندة” أهل غزة.

وفيما ينهمك الوسيط المصري في التفاوض حول شروط “حماس” لاطلاق سراح أسرى إسرائيليين ومطالب العدو، يستمر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاعداد لاجتياح رفح والتهديد به، ويسانده وزير دفاعه يوآف غالانت في التهديد بإبعاد “قوة الرضوان” التابعة لـ “حزب الله” عن الحدود مع فلسطين المحتلة 10 كيلومترات.

ووسط هذه المفاوضات، تتدخل القوى الكبرى ممثلة بوزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن الذي يصول ويجول على العواصم المعنية في المنطقة من أجل تهدئة الخواطر ومنع توسع الحرب لتصبح “جنوناً إقليمياً”، ويسانده في التحرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يَعِد من يلتقيهم من القيادات اللبنانية بأن فرنسا تقف إلى جانب لبنان بكل حزم ولن تسمح لنتنياهو بتوسيع حربه ضد “حزب الله”.

بدأت التطمينات الفرنسية بعد استقبال الرئيس ماكرون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ولو أن المطالب اللبنانية كانت تتعلق بتسليح الجيش اللبناني أكثر من الحصول على تطمينات بأن إسرائيل لن توسع حربها ضد “حزب الله”. ثم جاء استقبال ماكرون للرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي خرج بانطباع مفاده أن فرنسا تبذل وستظل تبذل جهوداً حثيثة لمنع إسرائيل من توسيع حربها ضد لبنان.

لكن الوقائع الميدانية في الجنوب لا تشي بأن إسرائيل ستخفف من حدة استهدافاتها لـ “حزب الله” والقرى والمدن الحدودية، ذلك أن وتيرة الغارات التي يشنها سلاح الجو الاسرائيلي ضد لبنان تتصاعد وتخف لكنها عوض استهداف مواقع تابعة للحزب فإنها تستهدف منازل المدنيين وآخرها كانت الغارة التي شنتها يوم أمس واستهدفت ميس الجبل ما أدى الى وقوع 4 قتلى، ثم استكملتها بقصف مدفعي مكثّف على مركبا والعديسة والطيبة.

في المقابل، شن “حزب الله” هجمات صاروخية على مستوطنة كريات شمونة ما أدى بحسب إعلام العدو إلى وقوع أضرار كبيرة في محطة توزيع الكهرباء وانقطاع التيار عن المستوطنة.

فالميدان المشتعل جنوباً لا يشي بأن إسرائيل سترضخ لوساطات أو ضغوط فرنسية أو أميركية قبل تنفيذ خطتها المرسومة بالنسبة الى قطاع غزة، وطالما أن “حزب الله” لا يزال مصراً على ربط وقف الحرب جنوباً بوقف العدوان الصهيوني على غزة، فإن الحل المنشود لن يأتي قريباً وسيبقى الجنوبيون يدفعون من أرزاقهم وحياتهم ثمناً باهظاً لمساندة غزة.

وبما أن الوضع المشتعل جنوباً، دفع مجلس النواب إلى الانعقاد في جلسة تشريعية لإقرار قانون تأجيل الانتخابات البلدية لمدة عام على الأكثر، فمن الواضح أيضاً أن الانتخابات الرئاسية هي أيضاً في أسفل درجات سلم الاهتمامات الداخلية والدولية، وبالتالي لن نرى في قصر بعبدا قريباً رئيساً يمكنه على الأقل تمثيل لبنان على طاولة المفاوضات الاقليمية التي ستعقد لدى الوصول إلى تسوية، كما أعلن وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه.

عند هذه التعقيدات، يقف اللبناني ليسأل: أين الحل؟

الجواب الواضح أن الحل بيد الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله كما هو بيد نتنياهو. واللوتو اللبناني سيستمر وبورصته تتصاعد أو تتراجع و”إذا مش الاثنين .. الخميس”.

شارك المقال