لم يكن مجيداً

لينا دوغان
لينا دوغان

لم تتوقع بيروت طعناً كهذا وهي التي حضنت الكل وجمعتهم تحت سمائها وبين جنباتها. لم تتوقع بيروت هذا الغدر وهي لم تتعامل على أساسه، لم تكن بيروت معهم جميعاً غدارة ولا خائنة ولا ناكرة للجميل، لقد كانت دوماً مرحبة ومحبة وحافظة لكل من استقبل أولادها في محنهم، لكن أن يمر على بيروت يوم هكذا، لم يكن بحسبانها ولا بحساباتها.

لم تكن بيروت كغيرها من العواصم كبيرة مساحةً، فهي صغيرة لكن قلبها الكبير حباً رحب بالجميع ووزع عليهم من الترحاب والإكرام والتكريم ما لم توزعه مساحات أصقاع الأرض.

ورغماً عن ذلك لم تقابل جوهرة الشرق الأوسط بمثل ما قدمت، بل أتى عليها يوم ليس ككل الأيام، صحيح أن بيروت لم تكن كل أوقاتها وردية مثلها، لكن هذا اليوم ترك أثراً كبيراً فيها، لا تزال آثاره واضحة في قلبها وقلب أهلها.

كان هذا اليوم هو للغدر ببيروت ولم يكن ليسمى بغير ذلك، فإنها وحتى في عز ضعفها قوية جبارة متمردة، لكنهم حاولوا أن يكسروا قوتها ويسحقوا جبروتها ويحطموا تمردها. صحيح أنهم لم يقووا على ذلك، لكنهم استخدموا أشد أنواع الغدر بكرمها معهم، وأقسى أنواع الخيانة بحبها لهم وأغلظ أنواع الظلم والغل بصدقها معهم، فكم كانت جِلفة عليها بواريدهم ونيران قناصيهم، وكم كانت حالكة لياليكِ يا بيروت.

هو كان شحن في السياسة فلماذا صار باروداً على بيروت؟ هو كان تعاركاً على المواقع فلماذا تحول قتلاً في بيروت؟ هو كان كباشاً في المواقف، فلماذا أصبح دماءً في بيروت؟ هو كان تناحراً على المراكز فلماذا تبدل ليصير فرض قوة إسكاتاً لبيروت؟

سكتت بيروت يومها لأنها لا تريد سلاحاً في وجه أبناء بلدها، هكذا قالها كلمة واحدة الرئيس سعد الحريري، الذي وجهت البنادق الى بيته ومؤسسته الاعلامية، وقولاً واحداً لا للدم بين أبناء البلد الواحد،، فأسكتوا الاعلام وأسكتونا برصاص القنص الذي كان يطالنا ونحن نؤدي عملنا بمهنية واحترافية، بمهنية بيروت الراقية المرفوعة الرأس دوماً، واحترافية بيروت في الوقوف دائماً وأبداً مع الحق في وجه الباطل.

هكذا علمتنا بيروت بكبرها وعظمتها وكبريائها أن لا ننكسر أمام أحد ونبقى كقلبها الكبير نعرف معنى الوطن والمواطنية.

كبيرة أنتِ يا بيروت وعظيمة وستبقين عروسة المدائن ولن يقهرك لا غريب ولا قريب، وثقي بأنك أنت المجيدة ولم يكن ولن يكون اليوم الذي فرضوه عليكِ مجيداً.

شارك المقال