السبب الحقيقي وراء غزو إسرائيل لرفح

حسناء بو حرفوش

على الرغم من أن أكثر من 1.5 مليون شخص يرزحون تحت الحصار في مدينة رفح، تمضي إسرائيل قدماً في غزوها من دون أهداف واضحة. وحتى الآن، لم تتمكن من القضاء على “حماس” في غزة، وبالتالي، يبدو أنها لا تسعى إلا الى استهداف المزيد من المدنيين في صفوف الفلسطينيين.

ويصر المسؤولون الاسرائيليون، وفقاً لموقع mondoweiss المتخصص بالشؤون الفلسطينية والاسرائيلية، “على اجتياح رفح منذ أشهر على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة. كما حذرت الأمم المتحدة من وقوع كارثة إنسانية إذا غزت القوات الاسرائيلية المدينة. ومع ذلك، وفقاً لرئيس الوزراء الاسرائيلي (بنيامين نتنياهو)، يكتسب غزو رفح أهمية بالغة لتحقيق الأهداف المعلنة للحرب، وتحديداً إجبار حماس على تقديم تنازلات في صفقة تبادل الأسرى من خلال الضغط العسكري. كما يمثل الهجوم على رفح موضوع إجماع في السياسة الاسرائيلية. وقد هدد الحليفان الرئيسيان لنتنياهو في اليمين المتطرف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا لم ينفذ الغزو. وأعرب كل المسؤولين الاسرائيليين الآخرين عن دعمهم لعملية في رفح، بما في ذلك زعيم المعارضة يائير لابيد، الذي كرر ادعاء نتنياهو حول وجود أربع كتائب من حماس في رفح.

وعلى الرغم من ذلك، تبدو الأهداف الفعلية للغزو غير واضحة. ولا تعكس أهداف إسرائيل المعلنة الواقع على الأرض، الأمر الذي دفع المحللين الى استنتاج أن الهدف الحقيقي ربما نذير هجمات مستقبلية لمحاولة استعادة الشعور بالردع بعد أن تحطم للأبد في 7 أكتوبر.

غزو من دون أهداف واضحة

ويقول القادة الاسرائيليون إن غزو رفح ضروري مدعين أن مثل هذه الخطوة ستجبر حماس على الدخول في مفاوضات. لكن لا يبدو أن أياً من هذه الادعاءات يستند الى الواقع على الأرض. أولاً، ليس هناك ما يشير إلى تقلص قدرة حماس القتالية إلى أربع كتائب متبقية محاصرة في رفح. واستمرت عمليات المقاومة التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية المسلحة كافة، خصوصاً كتائب القسام التابعة لحركة حماس، من دون انقطاع من شمال غزة إلى جنوبها.

ثانياً، أعلنت حماس عشية غزو رفح، أنها وافقت على الصفقة التي تدعمها الولايات المتحدة وطرحتها مصر وقطر، والتي تضمنت تبادل الأسرى. وحتى أن عائلات الأسرى الاسرائيليين فضلت قبول الصفقة بدلاً من غزو رفح، ونزلت إلى شوارع تل أبيب في تلك الليلة نفسها. ومع ذلك، أصر نتنياهو على المضي قدماً في الغزو، تاركاً الهدف الحقيقي للهجوم مفتوحاً للتكهنات.

المشروع الصهيوني

وقدم عدد من المحللين تفسيرات مختلفة للنوايا الحقيقية وراء غزو رفح، مع تأكيد معظمهم أن المحرك الأساسي هو نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون: نتنياهو لأن لديه مصلحة في إطالة أمد الحرب لتجنب المساءلة عن إخفاقات 7 أكتوبر، واليمينيون لأنهم يريدون تسوية غزة وتطهيرها عرقياً. ويعتقد آخرون أن نتنياهو في مأزق ويحاول استرضاء طرفي حكومته الحربية – لذلك أرسل فريقاً للتفاوض إلى القاهرة بالتوازي مع شن الغزو لإرضاء المتشددين مثل سموتريش وبن غفير.

كل هذه التفسيرات قد تبدو واقعية، لكنها لا تكفي لتفسير النوايا الحقيقية وراء غزو رفح. والأهم من ذلك، لا يجب نسيان أن المؤسسة السياسية الاسرائيلية ملتزمة بالغزو بالقدر نفسه، وأن نقاط الاختلاف الوحيدة تكمن في الجدول الزمني لموعد حدوثه ومكان تبادل الأسرى فيه. ويكمن السبب الحقيقي لعدم قدرة إسرائيل على التراجع في خوفها من أن يحدد أداؤها الحالي مستقبل التجربة الصهيونية.

وبالتالي، على الأرجح أن الكيان الصهيوني سيواصل هذه الحرب في جولات مختلفة. ولن يقتصر الأمر على غزة، بل سيمتد إلى جبهتها الشمالية مع لبنان، وحتى إلى أجزاء أخرى من جغرافية فلسطين، مثل الضفة الغربية. وقد تتخذ الحرب أشكالاً مختلفة، لكنها ستكون كلها دموية بالقدر نفسه. ولأن إسرائيل غير قادرة على استعادة إحساسها السابق بالأمان والتفوق، يبدو أنها لن تلجأ إلا الى الدم!”.

شارك المقال