مسرحيات عونية… والاحتياطي إلى نفاد

راما الجراح

صُدم الرئيس ميشال عون من قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول اعتماد الآلية السابقة لفتح الاعتمادات من خلال احتساب سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق، واستدعى سلامة على الفور إلى بعبدا، وانتفض النائب جبران باسيل وأعلنها ثورة من خلال مؤتمر صحافي اعتبر فيه أن قرار سلامة مخالف لقانون مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية ولسياسة الحكومة بترشيد الدعم.

كحركات ثائر بوجه الفساد وهو من أرباب الفساد، دعا مناصريه والشعب للتحرك، معتبراً أن ما يحصل مؤامرة، مثل كل طاغية يقتل شعبه ويحاول تحوير اعتراضاته على أي أحد سواه.

ردود فعل العونية مسرحية!

ويعتبر نائب كتلة المستقبل سامي فتفت عن ردود الأفعال هذه أنه “لا يمكنهم أن يتحدثوا عن صدمة أو مفاجأة وهم رُعاة حكومة كان من المفترض أن تدير موضوع الدعم منذ البداية، وردود فعلهم عبارة عن مسرحية أمام الناس، وهم مسؤولون بشكل مباشر عن كل الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم من فشل الحكومة وهدر ١٠ مليارات دولار وغيرها”.

ويضيف “لا بد من رفع الدعم وأؤيد ما تطرق له وليد جنبلاط اليوم فيما يخص البطاقة التمويلية والنقل العام”، وحسب رأيه قرار رفع الدعم جاء متأخراً وكان يجب اتخاذه منذ فترة طويلة.

سلامة متعسف!

ردّ عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون على قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فيما يخص رفع الدعم بأن “حاكم المصرف المركزي يتصرف كرئيس جمهورية، وكصاحب صلاحيات تخوّله التحكم بمصير الناس، وهذا الأمر أصبح واضحاً للجميع، ومن غير المقبول أن تُرمى جميع الاتهامات على أكتافنا وكأننا المسؤولون عن كل ما آلت إليه الأمور في لبنان”.

ويضيف لـ “لبنان الكبير”: “كنا نرى في مجلس النواب مدى تعسف حاكم المصرف المركزي حول عدة مواضيع منها ما يخص لجنة الصحة ودعم الأدوية وغيرها، ونحن عندما وُضع القانون وأُقر، ربطنا أهمية رفع الدعم بالبطاقة التمويلية وبعدها أقررنا البطاقة التمويلية وعينّا لجنة وزارية من ٣ وزارات ليضعوا جميع المعايير على أساس أن يستفيد المواطن بشكل خاص منها على أن تأتي بعدها عملية الرفع التدريجي للدعم”.

وعن البطاقة التمويلية، يؤكد عون أنه حصل تأخر كبير في إطلاق البطاقة التمويلية، لكن ليسوا هم من يتحملون المسؤولية، و”نحن نضغط منذ زمن على مسار البطاقة التمويلية وتهمنا مصلحة الناس، وأكبر دليل على ذلك أننا اليوم كنا أول المعترضين على القرار العشوائي الذي صدر عن حاكم مصرف لبنان”.

يجب تنحي الحاكم ومساءلته

وعن إجتماع مجلس الدفاع الأعلى، اعتبر أن “ما حصل غير طبيعي وأنا “مش شايفه ومش طايقه” للحاكم، لأن ما حصل في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى كان مختلفاً تماماً عن القرار الذي صدر عن المصرف المركزي، فرياض سلامة قدّم اقتراحات بما يمكن أن يحصل في المستقبل وكيف يمكننا أن نتخذ قرارات توقف التهريب وترشيد رفع الدعم، وكانت المفاجأة أنه اتخذ قراراً كبيراً وحده وكأنه “حاكم بأمره”، وننفي نفياً قاطعاً أنه أخبرنا بشكل مسبق عن هذه الخطوة، وهذا الأمر يستوجب ليس فقط تنحيه بل مساءلته أيضاً”!

آلية العمل فريدة من نوعها

ويرى الخبير الاقتصادي نسيب غبريل أنه “منذ أيلول الماضي ومصرف لبنان يدعو إلى ضرورة ترشيد الدعم، وعدم الوصول إلى المس بالتوظيفات الإدارية، ونحن لا نملك سلطة تنفيذية منذ سنة تقريباً، بالإضافة إلى أنه في جميع بلدان الخارج المصرف المركزي غير مسؤول عن تمويل الدعم وهذه الآلية فريدة من نوعها في لبنان، حيث أن دعم المواد الأساسية والمشتقات النفطية يأتي من الخزينة ويكون بين نفقات الموازنة العامة، وهذا غير موجود لدينا، حتى موازنة عام ٢٠٢١ لم تتضمن أي دعم للمشتقات النفطية وغيرها”.

الاحتياطي توقف بشكل كلي

وحسب رأيه فإن “القرارات اتخذتها الحكومة وحمّلتها لمصرف لبنان، والعملية الإصلاحية مجمدة منذ بداية الأزمة حتى اليوم ولم يُتخذ أي قرار بالنسبة لتدهور الاقتصاد أو معالجة الأزمة ليبدأ ضخ رؤوس الأموال مجدداً إلى لبنان التي تدعم الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان والتي توقفت بشكل شبه كلي مع زيادة أعباء الدعم على المصرف من دعم المعدات الطبية والسلة الغذائية مع استمرار دعم المشتقات النفطية”.

وفي السياق عينه يقول: “تحدّثنا جميعاً عن ترشيد الدعم وأهميته حتى وصلنا إلى مرحلة أصبح المواطن يواجه خيارين أحلاهما مُر، الأول وجود الدعم وفقدان المواد من السوق بسبب التهريب، والثاني عند توفر المواد يجب رفع الدعم كلياً وهذا ما حصل، هناك سوء إدارة للأزمة أدى إلى كل هذا التفاقم”.

مؤتمر دعم لبنان

ونوّه في الختام بالمؤتمر العالمي للدعم الإنساني للبنان الذي حصل في مناسبة الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، إذ خرج بيان مشترك من فرنسا والأمم المتحدة وبيان آخر من صندوق النقد الدولي ومجموعة الدعم للبنان، وكان هناك إجماع تام على ضرورة تشكيل حكومة حتى تبدأ عملية الإصلاح ووضع لبنان على سكة الإنقاذ، ولكن لم نرَ أحداً سمع هذا الحديث وأخذه على محمل الجد!

اشتدي يا أزمة تنفرجي إلا في لبنان تنفجري، ففي العقل والمنطق لا قرارات تصدر عن أي بلد، وفي أي بلد من دون اطلاع رئيس البلاد عليها وموافقته، إلا في لبنان هناك كلام آخر دائماً، على أمل “تروح السكرة وتجي الفكرة”!.

شارك المقال