مبادرة وزني… تضخم مالي ومعاناة موظفين

آية المصري
آية المصري

بعد إرسال وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، الى رئاسة مجلس الوزراء، مشروع مرسوم للحصول على موافقة إستثنائية لإعطاء سلفة خزينة بقيمة 600 مليار ليرة لبنانية، كمساعدة إجتماعية لموظفي وأجراء الإدارات العامة والاجهزة العسكرية والأمنية والقضاة والسلك التعليمي بمختلف فئاته اضافة الى المتقاعدين المستفيدين من المعاش التقاعدي، أسئلة عديدة تُطرح في هذا السياق، فما انعكاسات هذه السلفة على الاقتصاد اللبناني؟ هل من تضخم مالي سنشهده؟ وماذا عن الآلية المتبعة للموازاة بين معاناة المواطن من جهة والحد من الضرر الاقتصادي من جهة أخرى؟ وماذا عن موظفي القطاع الخاص فالتضخم يزداد والاسعار ترتفع ورواتبهم تبقى على حالها؟

نادر: الاقتراح ليس سوى “ميني” سلسلة الرتب والرواتب

أوضح الخبير الاقتصادي سامي نادر لموقع “لبنان الكبير” أن المشروع المقدم من وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني يؤدي الى العديد من الانعكاسات ومنها التضخم لان عملية التمويل تتم بواسطة الطبع وليس عبر إصلاحات معينة كتوفير المال لاعطائه للموظفين وبالتالي تُطبع الاموال مما يزيد الضغط بشكل اكبر على الليرة اللبنانية الى جانب تدهورها الملحوظ”.

وتابع نادر: “بنظر المسؤولين هم يساعدون موظف القطاع العام، لكن في الحقيقة هم يساعدونه بمئة وفي الوقت عينه يخسّرونه مئتان، لانه عندما تبدأ عملية الطبع، الدولار سيرتفع بوتيرة أكبر من النسبة التي دخلت جيوب الموظفين، اي الذي يُعطى من جهة يتم أخذه مضاعفا من جهة أخرى، لذلك اي عملية زيادة بالرواتب غير مُرفقة بإصلاحات او غير مُرفقة بخطة إقتصادية شاملة تُعيد دورات الانتاج الى ما يجب ان تكون عليه وتُخفف من الهدر تُسمى عملية لحس مبرد. هذه ليست طريقة للمساعدة انما لمفاقمة التدهور”.

وأكد نادر ان “رفع الدعم كان وما زال ضروريا لكن يجب إرفاقه بخطة إقتصادية، ناهيك عن البطاقة التموينية التي تُموّل من جيوب الناس وكل هذه الخطط لا تؤدي الى نتائج إيجابية الا عندما تهدف الى إعادة إحياء الاقتصاد وليس إعادة إحياء الدعم بكافة أشكاله. اليوم دعم الفقير واجب وضروري عبر خطة إقتصادية شاملة تُعيد تحريك الانتاج من أجل تمويل الحاجات الاجتماعية والا كيف سنحصل على الاموال؟”.

وختم نادر: “هذا الاقتراح ليس سوى “ميني” سلسلة رتب ورواتب شبيهة بتلك المسرحية التي سرعوا الانهيار بواسطتها، ما زالوا بالتفكير العقيم عينه فكيف ستتم عملية التمويل من دون إصلاحات كتخفيف المصروف على قطاع الكهرباء، كتخفيف أعداد الموظفين، ووضع ضريبة في المكان المناسب… للأسف لا يوجد دماغ إقتصادي”.

الاسمر: يجب تعميم مبادرة وزني

قال رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر: ” لا يمكننا الاعتماد على أراء خبراء الاقتصاد لان كل خبير إقتصادي يقدم رأياً يختلف عن غيره ونحن كاتحاد عمالي عام نعتبر ان ضخ هذه الأموال في السوق سيشترون بها الناس ولن تصل الى المصارف، هذه أموال ستُضخ من جديد في السوق. اذا كنا نبحث عن معالجة الوضع الاقتصادي لا يجب ان نبحث كيف نحرم عسكريا او عاملا بالقطاع العام من راتب شهري زائد، كما علينا تثبيت سعر صرف الدولار والعملة الوطنية وملاحقة المحتكرين والمهربين”.

وأضاف الاسمر: “مشكور وزير المال الذي قام بتخصيص هذا المبلغ، راتب شهر اعطاه للموظفين ويجب ان تعمم هذه المبادرة على بقية القطاعات ومنها القطاع الخاص. لا يجب الحديث عن انعكاسات هذا القرار على الوضع الاقتصادي، فهذا القرار يُحسّنه لانه يضخ الاموال من وزارة المالية ويجب فقط الحديث عن الوضع الكارثي الحقيقي الناتج عن رفع الدعم، وليس اذا أُعطي موظف مساعدة ولا يمكننا ان ننسى ان هناك قسما كبيرا من الموظفين ما زالوا يتقاضون الحد الادنى للأجور”.

عربيد: ليس حلا… نحن في مأزق كبير

ويرى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد أن “هذا القرار ليس حلا، والمطلوب ان يعاود القطاع العام انتاجه لانه متوقف عن العمل للعديد من الاسباب منها كورونا، والنقليات وغيرها. كما يُفضل حل قضية النقليات لان هناك عددا كبيرا من الموظفين والعاملين لا يمكنهم الوصول الى العمل نتيجة بدل النقل، ويجب تصحيح بدل النقل كي يتمكن الموظف من الحضور، ويجب إعادة ترتيب انتاجية القطاع العام فالحضور ضئيل مقارنة بالسنوات السابقة والحجج كثيرة وفي طليعتها كورونا”.

وتابع عربيد: “موضوع سياسة الأجور مرتبط بالواقع الاقتصادي العام في البلد، بالقطاعين العام والخاص، ومن غير المسموح ان يستمر الوضع على ما هو عليه، الأجور تقلصت وتراجعت قدرة القطاع الخاص على رفع الأجور ونحن في مأزق كبير يتطلب معالجة سريعة وهذه لن تأتي الا من خلال حوار ثلاثي الأبعاد، يشارك فيه اصحاب العمل، والعمال، والدولة”.

وختم عربيد: “مع الاسف الوقت ليس للمنطق ولا للكلام، فقط نرى تراشقا سياسيا لن يوصلنا الى مكان، والضحية اليوم هو المواطن والموظف والفقير، نحن داخل إنفجار اجتماعي وبدأت معالمه تظهر بوضوح”.

ربما هذا الاقتراح المقدم من الوزير وزني سيُنفذ، وربما سيبقى مجرد إقتراح حبر على ورق، لكن الأهم اليوم هو إيجاد حل حقيقي وواقعي كي يستطيع المواطن والموظف الاستمرار على قيد الحياة، فواقع لبنان الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي أصبح على المحك.

شارك المقال