روسيا تستخدم سوريا في اختبارات سلاح الجو

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “ناشيونال إنترست” (nationalinterest) الأميركي مقالاً حول التجربة الحربية الروسية في الداخل السوري، خلاصته أن روسيا استخدمت سوريا كحقل تجارب لأسلحتها.

وبحسب بعض ما ورد في المقال، “لقد استُغل الصراع السوري كمجال اختبار بالذخيرة الحية لجيل جديد من الأسلحة وأساليب العمليات الروسية بقدر ما استثمرت الحرب الأهلية الإسبانية كساحة اختبار للأسلحة ولتكتيكات الحرب الآلية. وترجم ذلك بشكل واضح من خلال الجهود المنهجية لنشر كل أنواع الطائرات المقاتلة في المخزون الروسي، بما في ذلك القاذفات الاستراتيجية التي لم تشغّل على مدى ستين عاماً بالإضافة إلى نماذج أولية لمقاتلات الشبح (…) وبحلول العام 2018، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن 80٪ من أطقم رحلاتها قد قامت بجولة قتالية في سوريا. ومنحت العمليات الجوية الروسية المراقبين فرصة لمراقبة كيفية تكيف بعض الأجهزة الروسية مع القتال في العالم الحقيقي”. ويسلط المقال التقني المطول، “الضوء على العمليات التي قامت بها طائرات الهجوم الأرضي في الفترة الممتدة بين 2015-2018 (…) ويستلهم المقال نصه من سرد مؤرخ الطيران توم كوبر المتماسك للأحداث السياسية والعسكرية لواحدة من أكثر الحروب متعددة الفصائل وأكثر الجبهات تعقيدا في الذاكرة الحديثة، بالإضافة إلى رواية أنتون لافروف حول “الحملة الجوية الروسية في سوريا”.

(…) ونظرًا لأن الحرب التي تخاض في سوريا برية، ليس من المفاجئ الركون إلى القاذفات التكتيكية والطائرات الهجومية التي تلبي هذه المهمة على وجه التحديد. ومع ذلك، لم تفلح أنظمة VKS بحملة القصف الدقيق على غرار أسلحة الولايات المتحدة، مع الإشارة إلى أن الذخائر الدقيقة المتوفرة منذ فترة طويلة في الترسانة الروسية، متوفرة بكميات أقل بكثير. وبحسب كوبر (…) أكدت أدلة الفيديو أن القنابل التي أطلقت من هذه الانظمة فقدت بانتظام بمسافة 100 متر بعيدا عن هدفها.

(…) ويسطر المقال عدداً من التحسينات الني أدخلها الروس، من ضمن إجراءات أخرى، للتعويض عن “الدقة المنخفضة باستهداف الهدف بقنابل متعددة مع الاستخدام المكثف للقنابل العنقودية والذخائر الحارقة. وتجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي يحظر استخدام هذه الأخيرة في المناطق المدنية. ومع ذلك، لم ينظر إلى الأضرار الجانبية الناتجة على أنها مشكلة، وسرعان ما تبنت روسيا استراتيجية القوات الجوية السورية باستهداف البنية التحتية المدنية في المجتمعات التي يسيطر عليها المتمردون مثل المستشفيات والمدارس والمساجد ومخيمات اللاجئين وملاجئ القنابل والمخابز. وقصفت الطائرات السورية على سبيل المثال، خلال فترة ستة أشهر في العام 2016، المستشفيات السورية 172 مرة، بوتيرة مرة واحدة في اليوم تقريبا. واعتمدت استراتيجية المجازر لطرد السكان المدنيين ثم تطورت إلى استراتيجية التركيع أو التجويع حيث استخدم القصف لإجبار المتمردين والمدنيين على التفاوض بشأن انسحابهم إلى منطقة آمنة والتي ستتعرض حتماً للهجوم”.

كما يركز الموقع من خلال إعادة نشر المقال ضمن مجموعة من الاستراتيجيات الحربية الروسية في سوريا، على “العجز في أصول الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (…) والالتزام بالتركيز على ضربات مخططة مسبقاً وعلى أهداف ثابتة حددها الجيش السوري. علما بأن المسيرات الروسية في بداية الحملة كانت عبارة عن نماذج قصيرة المدى مخصصة لرصد المدفعية، لذلك كان لا بد من السعي للحصول على قدرات تحمّل أطول. وباعتراف لافروف نفسه، “بلغ عدد رحلات الطائرات المسيرة في ذلك الوقت في سوريا 300 رحلة أسبوعياً. وعين مراقبو الجو الروس المتقدمون من قبل معظم القوات الموالية للحكومة والشركات العسكرية الخاصة، ونتج عن ذلك تسجيل حالات تدمير عديدة لوحدات نموذجية لداعش تضم دبابة واحدة أو دبابتين وشاحنات بيك آب مسلحة بالإضافة إلى عدد قليل من العبوات الناسفة المنقولة على السيارات الانتحارية”.

واعتمدت واحدة من أكثر القاذفات التكتيكية خطراً هي Su-24M Fencer ، وهي قاذفة أسرع من الصوت (…) وغطت ما يعادل من نصف مجموع الطلعات الجوية. وركز التسلح النموذجي على تدمير المخابئ تحت الأرض أو المباني السكنية متعددة الطوابق. (…) وبالإضافة إلى المدى الفائق والسرعة والحمولة الصافية، تضمنت المقاتلة الروسية Su-34 التصويب بالليزر، ما جعلها واحدة من الطائرات المقاتلة الروسية القليلة القادرة على تحديد أهدافها الخاصة للقصف الدقيق، عدا عن الرادار متعدد الأوضاع (…) وعملت طائرات Su-34s الأطول مدى على تحسين قدرتها على ضرب أهداف مثل الرقة دون الحاجة إلى الانتقال إلى قواعد أمامية في وسط سوريا. ونشرت ست طائرات من طراز Su-34 لفترة وجيزة في مدينة همدان بإيران لشن هجوم على أهداف داعش، ولكن السياسيين الإيرانيين تراجعوا عن هذا الترتيب بعد فترة وجيزة باعتباره غير دستوري.

(…) ومن ضمن التحسينات أيضا التركيز على التعويض عن (…) إضاعة الطيران الروسي فرصاً متكررة للانقضاض على مركبات داعش الضعيفة (…) ولتعزيز الفعالية، استخدمت وحدات التحكم الجوية الأمامية المدمجة مع القوات البرية السورية بشكل متزايد. وحددت هذه الأهداف الحرجة من الأرض ومن ثم نقلت إحداثيات الاستهداف عبر نظام “ميترونوم” (Metronome ) المتوفر على طائرات Su-24M. وبحلول منتصف العام 2017، كانت عشر طائرات روسية تطير في كثير من الأحيان في الأجواء لأربع مرات في اليوم، بانتظار نقل الأهداف إليها (…) والتزمت بشكل متزايد بعمليات دعم جوي قريبة “منخفضة وبطيئة” في العام 2016 باستخدام ثلاثية من طائرات الهليكوبتر الهجومية الروسية الحديثة (…) وعكست العمليات الروسية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في صحراء دير الزور المفتوحة عام 2017 بشكل خاص تحسّنًا في الضربات الاستطلاعية”.

وأظهر الطيران الروسي تحسيناً في التطور التقني والتشغيلي خصوصاً في مطلع العام 2018 (…) ومع ذلك، تستمر التحسينات في ظل محدودية أساليب القصف غير الموجه وعن ارتفاعات عالية كما ذكرنا أعلاه، خصوصاً مع التساؤلات حول النتيجة في حال الدخول في مواجهة مع منافس يمتلك دفاعات جوية خطيرة والقدرة على اختراق الأقمار الصناعية”.

المصدر: The National Interest

شارك المقال