جلسة “المرفأ”… هل تُغيّر بنود جدول الأعمال؟

هيام طوق
هيام طوق

لم يحضر الجلسة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لمناقشة اتهام المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت سوى 39 نائباً بينهم المتهمون المعنيون، برفقة محاميهم للرد والدفاع عن أنفسهم إلا أن النصاب لم يكتمل بسبب مقاطعة العديد من الكتل والنواب الذين لم يشاركوا معتبرين أن الجلسة بمثابة تمييع للحقيقة كما وأنهم يريدون الوقوف على خاطر الأهالي الذين طالبوا بمقاطعة “جلسة العار”.

وفي حين توجه الرئيس بري إلى الكتل والنواب المقاطعين، بالقول “أنتم لا تدرون ماذا تفعلون”، اعتبر بعض الدستوريين أن عدم الحضور هو تهرب من المسؤولية لأنه على المجلس الاجتماع في كل الظروف وتحمل مسؤولياته، وان النقاش في المواضيع يتم في مكانه الصحيح في البرلمان الذي هو سيد نفسه، ويستطيع أن يقرر اضافة أي موضوع طارئ إلى جدول أعماله.

ورأت بعض الأطراف أن المقاطعة الكبيرة لجلسة الخميس فيها الكثير من الشعبوية واستثمار لوجع الأهالي الذين تحركهم بعض القوى على وقع مصالحها السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة.

في المحصلة، “جلسة المرفأ” طارت، لكن السؤال البديهي الذي يمكن أن يطرح، هل سيدعو الرئيس بري إلى جلسة وعلى جدول أعمالها بند واحد رفع الحصانات عن الجميع كما تطالب الكتل التي لم تحضر الجلسة؟ وهل المواقف تبرر المقاطعة أو أن الحضور والنقاش تحت قبة البرلمان هو الحل الأمثل؟ وبالتالي تقدم الكتل ما لديها من طروحات.

تهرّب من المسؤولية

أسئلة توجه بها “لبنان الكبير” إلى الوزير السابق إدمون رزق الذي أوضح أن “الأصل في المجلس النيابي هو الحضور والغياب هو الاخلال، وهناك نصوص في النظام الداخلي تُسقط النيابة عند الامتناع عن الحضور المتكرر. وكل كلام عن عدم الحضور هو اخلال بالواجب”.

وفي ما يتعلق بمواضيع جدول الأعمال، أوضح أن “جدول الأعمال يضعه رئيس مجلس النواب وهيئة المجلس، وإذا كان هناك من طلب لإضافة مواضيع إليه، يتقدم بها النواب، ويتم التصويت عليها، وإذا حازت على العدد الكافي من الأصوات تُطرح وتُناقش. المجلس سيد نفسه يستطيع أن يقرر إضافة أي موضوع طارئ إلى جدول الأعمال، لكن الذي يحصل هو نوع من “التطنيش” بمعنى الممارسة الفوقية في التعامل البرلماني وفرض نوع من الأمر الواقع، وهذا نتيجة الخلل البنيوي في تركيبة النظام”.

وعن مقاطعة النواب لجلسة الخميس التي خصصت لمناقشة اتهام المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت، أوضح رزق أن “عدم الحضور لأي سبب هو نوع من التذرع المخزي وتهرب من المسؤولية لأنه على المجلس، الاجتماع في كل الظروف وتحمل مسؤولياته في أي موضوع. نحن في حالة فراغ سلطوي”، لافتاً إلى أنه “لا تعاون مبدئياً لتسهيل عملية التشريع والرقابة لأن مهام مجلس النواب هو التشريع والرقابة على الحكومة. هناك تعطيل للمهمتين بسبب اختلال موازين القوى وعدم وجود مرجعية سلطوية مؤهلة لتقويم الوضع”.

وشدد على أهمية دعوة رئيس المجلس لعقد جلسة “وإذا كان هناك من إضافة موضوع ما على جدول الأعمال ممكن أن يكون طارئاً أو ملحّاً، بطلب من نائب أو أكثر، يطرح على المجلس الذي يمكن أن يقره بالأكثرية، وبالتالي يوضع على جدول الأعمال، واذا لم يتم إقراره، يبقى جدول الأعمال المحدد أساساً”.

وردّ رزق السبب في ما يحصل اليوم في ظل ضغط أهالي شهداء المرفأ إلى “النظام الديموقراطي اللبناني المعطل من أعلى الهرم إلى أخمصه بسبب عدم الأهلية الشخصية وطغيان الأمر الواقع على الوضع”، مطالباً “كل من يتعرض لضغوط تعطيلية بأن يصارح الشعب اللبناني وإلا فهو يرتكب خيانة مزدوجة: خيانة لثقة الشعب وخيانة لشرف المسؤولية. نريد مواقف مسؤولة لا تتخذ بالمغمغة”.

اختلال في الانتظام

ووافق عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة على ما قاله رزق عن أن الأصل في المجلس النيابي هو الحضور والغياب هو الإخلال، متسائلاً: “لماذا لم يحضر النواب الجلسة ليعبّروا عن مواقفهم؟ أليس هذا أفضل؟ المقاطعة فعل سلبي”.

ولفت إلى أنه ليس لديه معلومات حول دعوة رئيس المجلس إلى جلسة مقبلة، “ولست على اطلاع على الاتصالات بين رؤساء الكتل، لكن بعد ما حصل الخميس هناك شيء اختلّ في الانتظام. الأكيد انه سيتم طرح موضوع رفع الحصانات لكن متى وكيف لا أعرف. وأتمنى على الذين قاطعوا الجلسة أن يصروا على إلغاء الحصانات، فنصبح كلنا مواطنين عاديين أمام القضاء”.

وعن بعض النواب الذين لم يحضروا احتراماً لأهالي الشهداء الذين طلبوا مقاطعة الجلسة، اعتبر خواجه أن هناك “حالة شعبوية واستثمار في وجع الأهالي، وبعض القوى السياسية تحركهم انطلاقاً من مصالح سياسية في الانتخابات النيابية المقبلة. هذا جرح وطني لا يجوز مقاربته بهذه الطريقة”.

وشدد على “انه مع إلغاء الحصانات وليس تعليقها فقط في ما خص جريمة المرفأ. وهذا يتطلب تعديلات دستورية في أكثر من مادة”، متسائلاً: “هل بعض الكتل التي لم تحضر جلسة الخميس، تسير معنا في اتجاه إلغاء كل الحصانات من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف في الدولة؟ أنا مع عقد جلسة لإلغاء كل الحصانات، لا تبقى إلا حصانة واحدة هي المادة 39 من الدستور التي تشير إلى أنه ممنوع مجازاة النائب بما يخص أفكاره وآراءه التي يطرحها”.

شارك المقال