أفغانستان: تحول زلزالي ومخاوف تتخطى الحدود الجغرافية

حسناء بو حرفوش

سلط موقع “بلومبرغ” (Bloomberg) الأميركي، الضوء على “المد الطالباني الذي بدأ بالفعل حتى قبل وصول طالبان إلى كابول، حيث تتدهور الأوضاع في المدن الواحدة تلو الأخرى، مع اقتراب المتمردين الإسلاميين من العاصمة”، محذراً في مقال ل……. من أن “الأمور مرشحة لأن تزداد سوءاً مع اتساع رقعة الصراع إلى ما وراء حدود أفغانستان الجغرافية”.

ووفقا للتحليل، “ينذر الوضع في أفغانستان بإطلاق العنان للإرهاب بعد أن باتت الجماعات الجهادية المتمركزة في البلاد، مثل القاعدة، تمتلك نموذجاً لهزيمة الحكومات المدعومة من قبل القوى الكبرى والتشجيع بسبب تقدم طالبان بسرعة البرق. وتشهد البيئة الجهادية حالياً أدنى نسبة من الضغط لمكافحة الإرهاب مقارنة بالعقدين الماضيين. ويحذر أسفنديار مير، المحلل الأمني ​​لجنوب آسيا في المعهد الأميركي للسلام، من المزيج الخطير الذي يتكون من تزايد التهديدات بالتزامن مع انخفاض الجهود المبذولة لمكافحتها”.

تحول زلزالي

وبحسب تحليل مير، “يُتوقع المزيد من العنف الإقليمي مع استمرار التهديدات وعرض عضلات الجهاديين في آسيا الوسطى بالإضافة إلى مهاجمة الشخصيات الصينية في باكستان (…) وسيكتسب انهيار الجمهورية الأفغانية بعد رحيل الولايات المتحدة أهمية إقليمية لا تقل عن أهمية غزو ما بعد أحداث 11 أيلول، أو انسحاب القوات السوفياتية وسقوط النظام الشيوعي. ويضيف مير: “سيغير هذا التحول الزلزالي شكل السياسة في هذا الجزء من العالم بطرق يصعب التنبؤ بها”.

ويتوقع المحلل خطراً مباشراً على المستوى الإقليمي، وتحديداً في جنوب ووسط آسيا، حيث تحدّ الجغرافيا والإمكانات من الضرر الأولي، علماً بأن المصالح الصينية في باكستان قد تضررت بالفعل. ومن الأمثلة على ذلك، انفجار سيارة مفخخة في نيسان الماضي، في فندق فاخر يستضيف سفير بكين في كويتا، على مقربة من معاقل طالبان في جنوب أفغانستان. وتبنت حركة طالبان باكستان مسؤولية الهجوم، وهي جماعة إرهابية فضفاضة التنظيم لها صلات بالقاعدة، ومتمركزة على طول الحدود الأفغانية الباكستانية الشاسعة.

وخلال الشهر الماضي، قتل أكثر من عشرة أشخاص من بينهم تسعة مواطنين صينيين، في انفجار قنبلة وضعت في حافلة متوجهة إلى سد ومشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في داسو، بالقرب من الحدود الباكستانية مع الصين. ولم يعلن أحد مسؤوليته، لكن بكين القلقة استضافت ممثلين عن طالبان في اجتماع مع وزير الخارجية وانغ يي. ويعرض هذا التوتر مشاريع بقيمة 60 مليار دولار في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، للخطر، مع الإشارة إلى أن هذه المشاريع جزء مهم من مبادرة الحزام والطريق الأوسع للرئيس شي جين بينغ، إلى جانب مصالح التعدين الصينية الكبيرة داخل أفغانستان.

(…) ما تريده بكين هو أن تفي طالبان بالتزاماتها بقطع جميع العلاقات مع المنظمات الإرهابية، بما في ذلك حركة طالبان باكستان وحركة تركستان الشرقية الإسلامية (…) وستؤثر أي هجمات أخرى على المواطنين الصينيين العاملين في جنوب آسيا، سواء تبنتها طالبان أو آخرون يعملون بمباركة منها، بلا شك على العلاقات المستقبلية، على الرغم من عدم وضوح ما قد تفعله الصين رداً على ذلك.

وبغياب الدافع السياسي أو الدبلوماسي الكبير لعرقلة تقدم طالبان أو كبح جماح الجماعات العاملة في ظلها، بما في ذلك القاعدة، التي تضاءلت قوتها كثيراً بعد 20 عاماً من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، تبقى القصة مسألة وقت، إلا إذا تصاعدت الهجمات الإرهابية، وتزايد الخطر الذي يهدد بشكل خاص الدول الست المتاخمة لأفغانستان خارج الصين، وتشمل إيران وباكستان وكذلك الهند المجاورة، التي ستراقب عن كثب مقاطعة كشمير الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة، والتي استخدمت في اثنتين من حروبها مع باكستان، كهدف لتجدد العنف. ومن شأن ذلك أن يؤرق روسيا خصوصاً في ما يتعلق بالتأثير على أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وأي رد فعل إرهابي على أراضيها.

ويبقى احتمال تدخل القوى الكبرى أي الولايات المتحدة وروسيا والصين، لتقنع حلفاءها وأصدقاءها بإنهاء الأعمال العدائية. لكن المحللين لا يعتقدون أن ذلك مرجح، خصوصاً وأن الوضع تفاقم منذ أن توصلت الولايات المتحدة وطالبان إلى اتفاقهما في شباط من العام الماضي، وأن المؤشرات تنبئ باستمرار التصعيد”.

المصدر: bloomberg

شارك المقال