fbpx

بايدن و”خط ماجينو”

حسناء بو حرفوش
بايدن
تابعنا على الواتساب

جو بايدن لا يتصرف كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، بل هو أقرب الى وزير دفاع ينتظر الأوامر لتغيير الاستراتيجية حين ينقلب المد ضد سفينة الدولة.. بهذه العبارة اختصر المحلل الأميركي سيث ماندل “المشكلة الأساسية في إدارة بايدن للشؤون العالمية”.

ووفقاً لمقال سيث في موقع مجلة Commentary السياسية، “تسمح المقابلة الكبيرة التي أجراها بايدن مع مجلة Time برسم صورة كاملة للعالم من وجهة نظره. وتكشف هذه الصورة بدورها كيف يفكر ويتصرف، وهو الذي قال: إن أميركا هي القوة العالمية التي شكلت أقوى تحالف في تاريخ العالم. وتجدر الاشارة إلى أن المقال يقدم صورة إيجابية لبايدن قدر الامكان، مع وصف تعددية الأطراف التي يفترض أن يتمتع بها بايدن مع نتائجها بإعجاب، فنقرأ في التايم: أضاف بايدن جيشين أوروبيين قويين إلى الناتو، وسيعلن قريباً عن مضاعفة العدد. كما ينقل عن البيت الأبيض قوله إن دول حلف الأطلسي تدفع أكثر بـ 2% من التكلفة المحددة، من ناتجها المحلي الاجمالي للدفاع. وعملت إدارة بايدن على منع تمدد حرب غزة وإشعال صراع إقليمي أوسع. كما توسطت قمة ثلاثية مع الشركاء الاقليميين، كوريا الجنوبية واليابان، وأقنعت الفليبين بالابتعاد عن فلك بكين والقبول بأربع قواعد عسكرية أميركية جديدة. كما حشدت الدول الأوروبية والآسيوية للحد من النفوذ الاقتصادي للصين.

فما الحكم في كل ذلك؟ وفقاً لـ “التايم”، لم تكن التحالفات كافية لتحقيق النصر في حرب أوروبية جديدة في أوكرانيا. ولم تمنع قوة الولايات المتحدة ونفوذها وقوع كارثة إنسانية في الشرق الأوسط. ويحاول (فلاديمير) بوتين تجميع محور من طهران إلى بكين. وفي الصين، تواجه الولايات المتحدة خصماً يحتمل أن يكون مساوياً لها في القوة الاقتصادية والعسكرية وعازماً على هدم النظام العالمي الأميركي. وقد طلب الرئيس شي من جيشه التأهب لغزو تايوان بحلول العام 2027.

أما المشكلة الصارخة فتكمن في عدم قدرة بايدن على التكيف مع الأحداث. لنأخذ على سبيل المثال الغزو الروسي لأوكرانيا. يقول بايدن: يبدو أن السلام يعني التأكد من أن روسيا لن تحتل أوكرانيا أبداً. ولكن وفقاً لوزارة الخارجية، روسيا لا تحتل شبه جزيرة القرم (التي استولت عليها في العام 2014) فحسب، بل أجزاء من خمس مناطق أوكرانية. وفي الواقع، على الرغم من استعادة أوكرانيا لنحو نصف ما استولت عليه القوات الروسية منذ بدء الحرب قبل عامين، لا تزال موسكو تسيطر على نحو خمس الأراضي الأوكرانية.

وفي الشرق الأوسط، لا يختلف الوضع كثيراً. فقد قيل إن رد بايدن على 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان تقديم دعم قوي لاسرائيل. وعندما سُئل عما إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو- الذي أجّل الحرب مراراً وتكراراً بناءً على طلبه – يطيل أمد الحرب لأسباب سياسية، أجاب بايدن: كل الأسباب التي تدفع الناس للتوصل إلى هذا الاستنتاج واردة.

 

كل ذلك يذكّرنا بأن تحالفات الولايات المتحدة تخضع للاختبار في الخارج. وبوسع واشنطن أن تركز اهتمامها على آسيا أو تعيد ضبط نفسها أو تتبنى مفهوماً مماثلاً لا يمكن تحقيقه إلا بمعزل عن العالم الخارجي. والغرض من أقوى تحالف في تاريخ العالم هو الحفاظ على الهدوء في المناطق الحدودية التي تفصل بين الأعداء.

وحالياً، يبدو تحالف بايدن أشبه بخط ماجينو عالمي.. تحالف صعب على الورق ولكنه غير مستحيل في الممارسة العملية. لقد فشلت خطة واشنطن في اختبارين رئيسيين واجهتهما في السابق. ومن المرجح أن تضعها الصين أمام الاختبار الثالث. وفي حال أصرت الادارة الأميركية على اتباع النهج نفسه، فلا يمكن توقع أي تغيير في النتائج”.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال