fbpx

بري – جعجع… ماذا في الكواليس؟

أنطوني جعجع
تابعنا على الواتساب

إلى ماذا يمكن أن يؤدي التراشق الكلامي بين الرئيس نبيه بري وقائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع؟

الأول وصل الى مرحلة من السلطة لم تعد تسمح له بتقبل أي نقد أو اعتراض أو مشاكسة، والثاني وصل الى مرحلة من التضييق لم تعد تسمح له بتقبل أي تطويق أو مقاطعة أو تغييب.

والواقع أن بري، يتصرف كما يتصرف “الحبيب” الذي عرف مكانه فتدلل أو تكبر، وجعجع يتصرف كما يتصرف “المحارب” الذي حوصر مجدداً فانتفض وتمرد.

وأكثر من ذلك يعرف رئيس حركة “أمل” أن “حزب الله” لا يقوى على تحديه، ما دام يمسك بمفتاح البرلمان ويفاوض له وعنه مع الأميركيين وسواهم من خصوم ايران في لبنان، وما دام يمارس الرئاسة الأولى ولو بالشكل، ويقرأ في دستور آخر يناسب خيارات الممانعة ويقطع الطريق على أي تفسيرات دستورية مضادة.

ويعرف قائد “القوات اللبنانية”، أنه لم يتمكن من أن يحتل “مكاناً موثوقاً” في دارة بري الخصم الشرس لكل من ميشال عون وجبران باسيل، ويعرف أن القوة النيابية والشعبية التي حصل عليها في الانتخابات النيابية الأخيرة، لم تعطه في “معادلة الزعيم المسيحي الأقوى” ما أخذه عون من قبل، متهماً الفريق الآخر بالتعامل مع هذا الواقع “على القطعة وغب الطلب”.

ويقول مصدر قريب من بري إن الأخير “لا يكن أي كراهية للمشاكس الشمالي”، ويعرف في قرارة نفسه أنه قادر على أن يكون رئيساً فاعلاً، لكنه يرفض الأمر لسببين الأول، أنه مقتنع بأن التعامل مع جعجع – الرئيس لن يكون فضفاضاً، والثاني أنه يرى في سجلات جعجع، سواء عن حق أو باطل، ثقلاً لا يستطيع التساهل حياله أو محوه أو تبييضه لدى حلفائه وعرّابيه، مشيراً الى أن هذه الحال لا تنطبق على بري وحده بل على شرائح عدة اسلامية ومسيحية لا يجمعها الكثير من الكيمياء مع الرجل.

ويرد مصدر قريب من جعجع أن سجلات بري ليست أكثر بياضاً ولا أكثر وطنية هو الذي شارك في مجازر وحروب وانتفاضات طاولت الجيش اللبناني والشيعة الآخرين والفلسطينيين والمسيحيين، مشيراً الى أن ولاء الرجل لآل الأسد في سوريا كان أكثر التحاماً والتزاماً من ولائه للبنان ولمن توالى على رئاسته.

ويذهب المصدر بعيداً الى حد القول إن بري يمارس في عين التينة دور “رجل الدولة”، وفي الشوارع دور “الدراجين” الذين يجولون في المناطق المسيحية في دوريات استفزازية كان آخرها ما جرى في الطيونة، ويمارس في مكان آخر ما لم يمارسه حتى في عز الوصاية السورية، أي دور رئيس الجمهورية في التفاوض والتمثيل والتوجيه والقرار وحتى في التوقيع.

ويضيف: ان بري يرفض أن يعقد أي مؤتمر لا يكون راعيه أو يتخذ أي قرار لا يكون عرّابه، أو يجرى أي تصويت لا يكون صندوقه، ملمحاً الى أن أصل الخلاف بين الرجلين يعود في جزء أساسي منه الى الحملة التي شنت قبل أسابيع لتهميش المؤتمر الذي دعا اليه جعجع في معراب، وإفهام من يعنيهم الأمر، أن شعرة لن تقطع في لبنان الا بأمر من عين التينة أو الضاحية الجنوبية، وأن أي محاولة لتجريد حرب الجنوب من أي شرعية شعبية أو سياسية لن تمر بسلام.

لكن المصدر القريب من بري يرد أن الأخير رجل حوار من الطراز الأول ويشكل صمام الأمان للسلم الأهلي والتوازن الطائفي في لبنان، والرجل الذي يمسك ميزان العدل من وسطه كلما شعر المسيحيون بالغبن أو بالاستفزاز أو بأي نوع من المخاطر والتحديات، لكنه في المقابل لن يرضى بأن يتنازل عن دوره القيادي وعن خطه السياسي المتماهي استراتيجياً مع “حزب الله” والمحور السوري – الايراني والشخصي المتماهي مع المرشح الرئاسي سليمان فرنجية.

وليس سراً في هذا السياق أن بري مستعد للقيام بأي شيء واللجوء الى أي شيء للحؤول دون وصول واحد من رجلين الى قصر بعبدا هما سمير جعجع وجبران باسيل، وأن يسير بفرنجية مرشحاً وحيداً باعتباره واحداً من أشرس خصومهما الجديين والتاريخيين، واستمراراً لموقعه المتقدم وسطوته على البرلمان والدستور والشارع معاً.

وليس سراً أيضاً أن بري المغتاظ من رفض جعجع المشاركة في حوار برئاسته يحدد فيه مسار الرئاسة الأولى ومرشحها، مستعد أيضاً للسير في أي مرشح يمكن أن يطوق جعجع ويحرجه، في حال سقط خيار فرنجية، لافتاً الى أن هؤلاء كثر وتمت مناقشة أسمائهم في الصالونات السياسية على مسمع من جعجع وفريق عمله.

من هؤلاء كما تردد في الكواليس، من هم من منطقتين شماليتين ويشكلون بالنسبة الى معراب أسماء صدامية أو نافرة أو مرتدة، وهم من دفع جعجع الى التلويح بتعطيل النصاب اذا سارت الأمور في اتجاه مرشح من هذه الخيارات، والى التقاطع مع باسيل، ولو على مضض، للسير بجهاد أزعور عساه يقطع الطريق على فرنجية وسواه من خصوم معراب.

وتسود مخاوف لدى قيادة “القوات اللبنانية” من انقلابين قد يمشي بهما بري بضوء أخضر من “حزب الله”، الأول أن ينجح باسيل في اقناع حسن نصر الله بالتخلي عن فرنجية في مقابل مرشح آخر من خصوم جعجع، بحيث يكون نسخة عن رئيس “المردة” في حسابات الضاحية الجنوبية، وملحقاً لعهد عون في حسابات الرابية، والثاني قد يقوده وليد جنبلاط بدعم من “حزب الله” وباسيل، لمصلحة قريب له أصبح بحكم المصاهرات من أهل البيت سواء في بنشعي أو المختارة، وأصبح بحكم التباينات وتضارب المصالح من خصوم جعجع الأشداء.

ولا تستبعد مصادر سياسية مطلعة أن يكون اللقاء الذي عقد في معراب أخيراً بين جعجع والنائب تيمور جنبلاط قد تطرق الى هذه النقطة الحساسة التي تشكل المفتاح الذي تتوقف على دورته السلبية أو الايجابية طبيعة العلاقة المستقبلية بين “القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الاشتراكي”، مشيرة الى أن الوفد الزائر نقل تطمينات الى جعجع مفادها أن موضوع المرشح الصدامي ليس وارداً في حساباته.

هذا في الشكل، لكن مصدراً محايداً يعلق على هذا السيناريو قائلاً: ان جعجع في وضع جيد حتى الآن ما دام متفقاً مع باسيل والمعارضة على إسقاط فرنجية، وانه يملك من الرصيد النيابي والشعبي ومن العلاقات الخارجية وتلاقي المصالح، ما قد يساعده على الحؤول دون وصول أي من خصومه الأساسيين الى قصر بعبدا، مؤكداً أن هذه الحال ستبقى على حالها الا في أمرين أساسيين، هما نجاح حسن نصر الله في تطويع باسيل، أو انتصار “حماس” في غزة وانتصار “حزب الله” في الجنوب.

وفي الانتظار، لا بد من وسيط قد يكون قطرياً هذه المرة ينقل الى بري أنه لا يزال “الصديق العزيز” في خيارات جعجع الذي يضغط في غير اتجاه داخلي وخارجي للوصول الى مرشح وسطي، وينقل الى معراب أن ما جرى لن يصل الى حدود الانفصال “ولا يمكن بالتالي أن يفسد للود قضية”، والباقي لن يكون أكثر من سحابة صيف ستعبر كما عبرت سحب كثيرة من قبل.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال