روايتان متضاربتان والنتيجة واحدة، لونا الشبل تصارع البقاء في إحدى مستشفيات الشام عقب تعرضها لحادث سير في دمشق. فالنظام السوري يقدم رواية مختلفة عن انحراف سيارتها، في حين أن أطرافاً في المعارضة تجمع بمعظمها على أنها محاولة اغتيال سياسية في خضم الصراع على مساحات النفوذ على الأرض السورية. فمَنْ هي “السيدة الثانية” التي ينقل اغتيالها رسالة امتلاك القرار السوري؟
مَنْ هي لونا الشبل؟
هي إعلامية سورية ولدت في محافظة السويداء جنوبي سوريا في 1 أيلول 1975. حائزة على إجازة في الأدب الفرنسي وماجستير في الصحافة والاعلام ودبلوم في الترجمة الفورية من جامعة دمشق.
تزوجت لونا الشبل من الإعلامي اللبناني سامي كليب عام 2008 وانفصلت عنه لاحقاً. ثم تزوجت رئيس مجلس الطلاب في سوريا وعضو مجلس الشعب عمار ساعاتي الذي يعتبر أحد أبرز المسؤولين البعثيين في نظام بشار الأسد والمقرب من شقيقه ماهر.
عملت في قناة “الجزيرة” بين عامَيْ 2003 و2010، غطت خلالها أهم الأحداث العربية والاقليمية والدولية كإعدام الرئيس الشهيد صدام حسين ورحيل أمير الكويت جابر الأحمد الصباح والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والبابا يوحنا بولس الثاني، كما أجرت مقابلات أثارت الجدل منها مع وزير الخارجية الايراني والرئيس السوداني السابق عمر البشير.
بعد استقالتها من قناة “الجزيرة” عام 2010، ظهرت الشبل على قنوات سورية موالية للنظام كالتلفزيون الرسمي وقناة “الدنيا” وقدمت برامج سياسية وحوارية عديدة.
مثلت الشبل النظام السوري من ضمن الوفد الذي شارك في مؤتمر جنيف عام 2014. إلا أن المفاجأة للسوريين عموماً ومعارضي النظام خصوصاً كانت في تعيينها مستشارة خاصة في رئاسة الجمهورية في 14 تشرين الثاني 2020.
انتشر الكثير من الأخبار حول لونا الشبل منها ما أشار إلى وجود خلافات بينها وبين المستشارة الأخرى لرئيس النظام بثينة شعبان وزوجة الأسد أسماء الأخرس. ووفقاً لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية فقد ساعدت الشبل في صياغة الصورة العامة لنظام الأسد، “باعتبارها المسؤول الصحافي الحكومي الأرفع شأناً. وتخضع لعقوبات أميركية وبريطانية منذ سنوات”. وجاء في بيان سابق للخارجية البريطانية: “لونا الشبل عضو بارز في دائرة الأسد الداخلية، وبصفتها مستشارة إعلامية للرئيس، فهي تدعم النظام السوري، الذي يعتمد على التضليل ونقص حرية الاعلام لقمع السكان المدنيين. كما ترتبط بالنظام السوري من خلال دورها كمستشارة”.
على مدى السنوات الماضية شوهدت لأكثر من مرة ضمن اجتماعات الأسد. انتشرت صورة شهيرة للشبل عندما كانت تتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسكرتيره الصحافي ديمتري بيسكوف في دمشق بينما يقف بشار الأسد وينظر إليهم من بعيد. وهي تتمتع بعلاقات قوية جداً بالحكومة الروسية وتمارس صلاحيات كبيرة في قصر الشعب ما يجعل تصريحاتها المصدر الرئيس لمجريات الأحداث الرسمية والحكومية.
الرواية الرسمية لحادثة الشبل
ينشغل الوسط الاعلامي والسياسي بحادث السير الذي وقع للاعلامية السورية الشهيرة والتي يطلق عليها السوريون “السيدة الثانية” بالنظر إلى الصلاحيات الكبيرة التي تمارسها في القصر الرئاسي.
في هذا السياق، أصدر المكتب السياسي والاعلامي في رئاسة الجمهورية السورية بياناً جاء فيه: “إن المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية لونا الشبل تعرضت لحادث سير على أحد الطرق المؤدية إلى مدينة دمشق عصر الثلاثاء 2 تموز 2024. الحادث أدى إلى انحراف السيارة التي كانت تقلها وخروجها عن المسار ما عرضها لعدة صدمات أدت إلى إصابة المستشارة إصابة شديدة نقلت على إثرها إلى إحدى مستشفيات دمشق”.
واختتم البيان بالقول: “تبين حصول نزيف في الرأس ما استدعى إدخالها العناية المشددة لتتلقى المعالجة من الفريق الطبي المختص”.
رواية المعارضة لقتل الشبل
على الرغم من الرواية الرسمية السورية التي تؤكد وقوع الحادث بصورة عادية، تصر تقارير إعلامية معارضة على رواية الحادث “المدبر”، وتحدثت عن أن سيارة مصفحة صدمت السيارة التي كانت فيها الشبل على أوتوستراد دمشق يعفور، ما دفع سيارتها باتجاه منتصف الطريق. وأوضحت أن السيارة التي صدمتها كانت مجهزة بدعامة حديدية في المقدمة، ما أدى إلى تعرض الشبل لنزيف دماغي حاد.
وأضيف أنه عقب الحادث، تم إسعاف الشبل بدايةً إلى مستوصف الصبورة في منطقة يعفور قبل نقلها إلى العناية المشددة في مستشفى الشامي بدمشق، فيما نقل السائق والمرافق إلى مكان مجهول عقب الحادث.
وكان تلفزيون سوريا المعارض ومقره في تركيا قال: “قبل أسبوع اعتقلت السلطات السورية العميد ملهم الشبل شقيق لونا الشبل بتهمة التخابر مع دولة أجنبية”.”.
في السياق عينه، قال الصحافي المعارض أنس أزرق عبر منشور له في “فيسبوك”: “إن الشبل لا تزال في المشفى، وسلطات النظام السوري منعت زوجها عمار ساعاتي من نقلها إلى العاصمة اللبنانية بيروت. والأطباء قالوا إنها تحتاج الى معجزة بحيث تعرضت إثر الحادث لنزيف دماغ وكسور في الجمجمة والرقبة”.
وأضاف: “إن شقيق الشبل العميد ملهم الشبل موقوف بتهمة التخابر الخارجي منذ أسبوع، وهذا الإجراء بحقه جاء قبل انعقاد المؤتمر الحزبي الأخير الخاص بحزب البعث”.
أما المعارض وعضو الإئتلاف السوري السابق أحمد رمضان فقد نشر عبر منصة “إكس”: “مطلع شهر حزيران الماضي أطلق الحرس الثوري الإيراني في سوريا حملة استهدفت شبكات تجسس، ومن بين أفرادها الشبل وأخوها الضابط النافذ في جيش النظام السوري”.
إذاً، يبدو أن العلاقة المميزة التي تجمع المستشارة “فوق العادة” لونا الشبل بروسيا قد تبرر أسباب اتهام إيران بمحاولة اغتيالها بالنظر إلى الصراع على النفوذ بين روسيا وإيران في سوريا. وفي حين تُتهم موسكو بأنها لم تبدِ أي اهتمام تجاه استهداف إسرائيل المصالح الايرانية، سقطت الشبل في دهاليز الصراع على القرار ما استدعى محاولة اغتيالها وهي المتهمة وشقيقها بالتجسس لصالح روسيا.