منذ 18 عاماً شنت اسرائيل حرباً على لبنان، على خلفية خطف “حزب الله” جنديين اسرائيليين في عملية “الوعد الصادق”، وعلى الرغم من منعها من تحقيق أهدافها بالحرب وتحقيق الحزب والمقاومة ككل ما لا يمكن وصفه إلا بالانجازات أمام الآلة الحربية الاسرائيلية، إلا أن ذلك لم يمنع الدمار الكبير الذي لحق بلبنان، لا سيما الجنوب والضاحية الجنوبية. واليوم يعيش لبنان حرباً ثانية، لكنها أقل نطاقاً من حرب تموز 2006، ضمن قواعد اشتباك جديدة، تتصاعد أحياناً وتعود إلى روتينها أحياناً أخرى.
ماذا تغير؟
تختلف قدرات كل من “حزب الله” واسرائيل في هذه الحرب عن 2006، حين كانت تقدر قوة الحزب آنذاك بنحو ٢٥-٣٠ ألف مقاتل، ولا يتخطى عدد صواريخه الـ 15 ألفاً، غالبيتها لم تكن موجهة، ومداها أقل من 20 كيلومتراً، بالاضافة إلى المئات من الصواريخ المضادة للدروع قصيرة المدى إلا أنها كانت فاعلة بصورة كبيرة، وقد اعتبرت حينها إحدى الاسلحة الاستراتيجية التي كانت أساساً في منع اسرائيل من تحقيق أي نوع من النصر الاستراتيجي في الحرب، بينما في المقابل كانت متفوقة بالمدرعات وسلاح الجو والقوة التدميرية.
أما اليوم ووفق معاهد أبحاث اسرائيلية، فلدى الحزب أكثر من 70 ألف مقاتل ويمتلك ما لا يقل عن 150 ألف صاروخ، تتضمن المئات من الصواريخ الدقيقة الموجهة، والمتوسطة والطويلة المدى، وتشمل صواريخ كروز، والصواريخ الباليستية، والصواريخ الدقيقة القصيرة المدى المضادة للدبابات، والصواريخ الساحلية المتقدمة وآلاف الطائرات والمروحيات المُسيّرة، بالاضافة إلى ذلك، اكتسب الحزب خبرة كبيرة بالقتال في سوريا، مكنته من الجمع بين حرب العصابات والجيش النظامي، وبرزت في هذه الحرب القائمة قدرته على اختراق الأنظمة الدفاعية الجوية الاسرائيلية، واستخدام مسيراته في جمع المعلومات الاستخباراتية.
وبالنسبة الى اسرائيل، فقد بقيت على تفوقها الجوي وأضافت إليه دمج الذكاء الاصطناعي بالتقنيات الحربية، ما مكنها من رصد عناصر الحزب في لبنان وسوريا واستهدافهم، واستطاعت اغتيال عدد منهم. بالاضافة إلى ذلك أظهرت قوة تدميرية هائلة في حربها مع حركة “حماس” بحيث مسحت مناطق كاملة في غزة عن وجه الأرض، في وقت قصير نسبياً.
وتقول مصادر قريبة من المقاومة لموقع “لبنان الكبير” انها “تراكم الخبرات حتى من هذه الحرب المحدودة، وهي أصلاً حرب لم تخض مثلها من قبل، بحيث أن عدد مقاتليها الذين استشهدوا في حرب تموز خلال حرب شاملة أقل من عدد الذين استشهدوا في الحرب المحدودة، وبالتالي المقاومة في حالة تطور دائم، وتعمل خلال الحرب على سد الثغرات التي اكتشفتها في هذا النوع من الحروب، ولو أن الحرب شاملة لربما كان عدد شهداء المقاومة أقل، لأن نوع العمليات وتحرك المقاتلين سيختلف تماماً، لا سيما أن المقاومة لا تنفذ قصفاً عشوائياً يعيث دماراً هائلاً في الكيان، بل هي عمليات دقيقة تهدف الى إشغال العدو، وردعه عن لبنان، وإسناد غزة، وليس إشعال حرب شاملة، وهي نجحت في ذلك بصورة كبيرة حتى الآن”.
وتشدد المصادر على أن “المسؤولين الاسرائيليين يحسبون ألف حساب لما تهدد به المقاومة باحتلال الجليل، وهو ما دفعهم إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة بحيث دمرت اسرائيل المنازل وحرقت الأراضي على طول الحدود، بما يمكن اعتباره انشاء حزام ناري وذلك تخوفاً من هذا التهديد، ولكن على الرغم من حاولاتهم، بالتأكيد المقاومة لا يزال لديها العديد من المفاجآت”.