تفترض الحكمة التقليدية تفادي الأطراف المعنية الإنزلاق نحو حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط، لكن هذه الرغبة تصطدم بموجة من عمليات الإغتيال. وبعد تفاؤل حذر، عادت المنطقة إلى حافة الهاوية من جديد وفقاً لتحليل في موقع “واشنطن بوست” حمل توقيع إيشان ثارور. وحسب التحليل “قبل أسبوع واحد فقط، كان هناك أمل ضئيل بانتصار الدببلوماسية. فقد ترافقت مغادرة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو واشنطن بعد ظهوره المثير للجدل أمام الكونغرس، مع همسات حول إمكان التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن المتبقين. ولكن فجأة حصل ما حصل في مرتفعات الجولان المحتلة وفي ضاحية بيروت وفي إيران”.
المنطقة تستعد للفصل التالي
“وأكدت العمليات الأخيرة استعداد إسرائيل وقدرتها على استهداف الخصوم خارج حدودها، بما في ذلك في عمق الأراضي المعادية. كما أشارت إلى أن حكومة نتنياهو (على غرار زعماء إيران وحلفائها)، لن تستجيب على الأرجح لدعوات الولايات المتحدة والقوى الخارجية الأخرى لوضع حد لدورة العنف المستمرة. ولشهور، أكد المحللون أن الأطراف المتحاربة لا تريد الحرب الشاملة (سواء كانت إيران أو وكلاؤها، أو إسرائيل أو الولايات المتحدة). ولكن ربما لا بد من إعادة النظر حسب ما أكد فراس مقصد، الزميل الأوّل في معهد الشرق الأوسط، والخبير المرموق في مجال السياسة اللبنانية والسورية، والجغرافيا السياسية على شبكة سي إن إن، مشيراً إلى إجماع واسع النطاق داخل إسرائيل حول تغيير توازن القوى على طول الحدود الشمالية مع لبنان.
وهذا يعني أن ما حصل يستدعي انتظار الاستجابة. وبعد اغتيال (اسماعيل) هنية، تعهد آية الله علي خامنئي بإنزال عقاب شديد بإسرائيل معتبراً أن الانتقام في هذه الحالة هو واجب. كما أعلن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله أنه وحلفاءه يبحثون عن رد حقيقي، وليس رداً رسمياً في إشارة إلى الهجمات المدروسة التي شنتها إيران ووكلاؤها منذ بدء الحرب الاسرائيلية في غزة.
وتعقيباً، رأت المحللة سيما شاين التي تدير برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي، أن إسرائيل قامت بخطوة إلى الأمام نحو تصعيد محتمل إلى حرب شاملة. ونحن في وضع تم فيه تجاوز العديد من الخطوط الحمر. وعلى الرغم من التوترات المتصاعدة، تعقد الآمال في التوصل الى وقف إطلاق النار لأن التواجد على حافة الهاوية، بصورة متكررة، لا يجعل الحرب أقل احتمالاً، بل على العكس تماماً. ما يحصل يعقد بناء مسار ديبلوماسي والابتعاد عن التهديد الوشيك بالانزلاق نحو الصراع الشامل، وفقاً لجيريمي بوين، محرر بي بي سي. وتقتضي الخطوة الأولى الوحيدة الجديرة بالثقة، وقف إطلاق النار في غزة ولا شك في أن المفاوضات كانت لتستكمل بشكل أكثر سلاسة بوجود هنية.
وختاماً، أثبت التاريخ مراراً أن اغتيال القادة لا يعني محو الحركات التابعة لها. وعلى الرغم من أن إسرائيل تمكنت من الوصول الى شخصيات سياسية بارزة، لم تستطع في أفضل الأحوال إلا إحداث تأثيرات محدودة على قدرات الحركات التي تحاربها وعلى تطورها”.