بانتظار جولة قتالية جديدة في غزة

زاهر أبو حمدة

“لا تدرس اختصاصاً ينتهي بك موظفاً”. تصلح هذه الجملة لأن تكون قاعدة أو نصيحة للطلاب المتوجهين إلى اختيار كلياتهم في الجامعات. وذلك لأن اختصاصك، إن أحببته أو لا، يحدد عملك بعد التخرج. وإذا أسقطنا هذا المنطق على ما يحصل في قطاع غزة المحاصر منذ 14 عاماً، تصبح النصيحة: “لا تقاوم لتكون موظفاً. المقاومة ليست وظيفة من أجل مساعدة مالية.”

ما حصل بعد جولة أيار الأخيرة، كان تصور حركة “حماس” أن استثمارها للإنجاز وليس الانتصار، كما وصفه الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة؛ سيكون مرتفع المستوى بتحقيق المطالب الغزية. لذلك تمردت على اجتماع الفصائل في القاهرة ورفضت مسار العاروري – الرجوب، ورفضت تشكيل حكومة وحدة وطنية. لا بل لم تستطع تأمين “المربع الأول” للمنحة القطرية الشهرية كمساعدة مستدامة. والأهم أن سبب الصاروخ الأول على القدس، لم ينتفِ: الاعتداءات على الأقصى مستمرة وتوسعت لتصل الحرم الإبراهيمي في الخليل، ومصير حي الشيخ جراح ما زال غامضاً. 

للأسف، أصبحت “حماس” مسؤولة تماماً عن الوضع المعيشي والاقتصادي في القطاع، وهذا ليس اختصاصها أصلاً. لأنها تحولت من موقع المعارضة إلى منصب القيادة. وبالتالي، عليها تأمين رواتب الموظفين والحاجات الأساسية. وأمام العجز عن تأمين الضروريات وليس المطار والمرفأ ورفع الحصار وإعادة الاعمار كما تطالب دوماً، لجأت الحركة ومعها الفصائل إلى فكرة “مسيرات العودة” والبالونات الحارقة.

إقرأ أيضاً: كم من الإسرائيليين يجب أن نقتل؟

يتضح تماماً، أن فيديو الشاب المظلل الوجه حين أطلق رصاصتين من مسدسه في فُتحة الجدار ليصيب القناص الإسرائيلي، كان موجهاً وبأمر من قيادة كتائب “القسام”. هذه رسالة أولى ضمن صندوق بريد مفتوح ولن يغلق إلا بجولة قتالية جديدة. ولكن ما سيميز العدوان الإسرائيلي المتوقع، أنه سيكون بموافقة أميركية مصرية، ففي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، بالرئيس الأميركي جو بايدن، سيناقش الطرفان مسألة غزة إضافة الى ملفات الإقليم الأخرى ودعم واشنطن لدولة الاحتلال لا سيما عسكرياً. والأخطر من ذلك، إذا كان هناك موافقة مصرية ضمنية على تصعيد إسرائيلي، بعد “الإحراج” الأخير لضمانات اللواء عباس كامل المتفق عليها. فإن سحبت القاهرة معدات الإعمار التي أدخلتها بعد “سيف القدس” بعدما أغلقت معبر رفح، كخطوة عتاب ولوم ليحيى السنوار؛ يعني أن صوت المدافع والصواريخ سيعود تلقائياً. في مقابل ذلك، يمكن لسيناريو التصعيد المحتمل ألا يحصل، لأن بينت يخشى من انهيار حكومته المتعددة التحالفات، فمن المرجح إذا وقع العدوان أن ينسحب منصور عباس من الائتلاف الحكومي.

شارك المقال