خروج “وديعة حزب الله” من “القوات”؟

ديالا احمد
ديالا احمد

حدد النائب الزحلاوي “المشاغب” سيزار نعيم المعلوف انتهاء “عقد التزامه” مع تكتل “الجمهورية القوية” بثلاث سنوات منذ انتخابه عضواً ضمن تكتل “القوات اللبنانية”، حتى أيّد علناً ما أعلنه الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله عن باخرة المازوت الإيراني، ليصبح نائباً مستقلاً، وذلك بعدما أرفق تأييده بتصريحات داعمة لاستيراد المازوت من إيران تحدّياً للقرارات الدولية وللمجتمع الدولي، إلى تهجمه على السفيرة الأميركية دوروثي شيا، مع معرفته مسبقاً أن ما يقوله لن يعجب رئاسة التكتل الذي كان ينتمي إليه.

في الشكل، بدا أن حزب القوات قام بالالتفاف على الموضوع وتعاطى معه بالكثير من اللامبالاة وعدم التأثر، إلا أن ذلك لم يمر مرور الكرام في الشارع البقاعي عامة والزحلاوي خاصة الرافض لطروحات لحزب الله، ما فتح أبواب الحديث عن دور القوات في حرمان زحلة من أن يكون لديها نائب كاثوليكي بحيثية وازنة، فالثوابت السياسية لحزب القوات التي ترفض دور حزب الله المتمادي بانتهاك سيادة الدولة، كانت الحد الفاصل ونقطة الفراق بين القوات والمعلوف.

هذه المرة لم تكن تصريحات “سيزار” تشبه سابقاتها، ولم تكن مجرد مزايدات على موقع رئاسة الجمهورية، أي انتقاد للرئيس سعد الحريري، كما لم يشفع له موقعه الزحلاوي ومواقفه الشعبوية بأن يكون صوت الناس فيما يتم إذلالهم على محطات الوقود، بقدر ما هو إعلان التقارب إلى حد التحالف مع “حزب الله” وبالتالي رسم لوحة تحالفات جديدة في زحلة.

وبعدما خسرت “القوات” نائباً زحلاوياً، بقي حضورها مبتوراً ومقتصراً على جورج عقيص كنائب كاثوليكي من خارج المدينة على الرغم من نجاحه التشريعي. إلا أن “القواتيين” وفعاليات المدينة يعتقدون أن عاصمة الكثلكة ظلمتها القوات بعدم تبنيها مرشحاً عن أحد المقعدين الكاثوليكيين، واحد عن المدينة وآخر عن القضاء. لذا يحمّل الزحلاويون المسؤولية للاحزاب وتحديداً “القوات” بإقفال البيوت السياسية الزحلاوية التقليدية، ما أدى إلى خسارتها المقعدين، اللذين يشغلهما ميشال ضاهر (مستقل من الفرزل) وجورج عقيص (حزب القوات من أبلح) والاثنان من خارج المدينة.

من هذا المنطلق، يشكل خروج النائب الزحلاوي من تكتل القوات مادة دسمة للنقاش الحزبي الداخلي عن ماهية اللوحة المقبلة وما إذا ستكون مفروضة على القاعدة الشعبية أي كما جرى تأليفها سابقاَ أي أنها نتاج مروحة من المشاورات الحزبية المناطقية.

أما النائب المعلوف فيقول أمام الزحلاويين إن تحالفه مع القوات كان واضحاً، “لست حزبياً، فما يسري على نواب القوات لا يسري على المتحالفين”، ليؤكد حسب مقربين منه أنه منذ اتفق مع القوات على التحالف “كان واضحاَ بثلاث نقاط في السياسة غير قابلة للمساومة، الأولى عدم المسّ بمقام رئاسة الجمهورية كخط أحمر، والثانية اعتبار سلاح حزب الله قوة ردع، والثالثة ارتباط مصير لبنان بسوريا. ووصل الأمر عند البعض للإطلاق عليه “وديعة حزب الله لدى القوات”، على حد تعبير أحد الزحلاويين المتشددين بانتقاد الحزب.

من هنا تؤكد المعطيات أن تصريحه الأخير كان موعداً لفك التحالف مع القوات للذهاب إلى تحالف مع “حزب الله” ما يؤدي إلى إعادة خلط أوراق التحالفات الجديدة في مدينة زحلة.

وحسب بعض المصادر، فالمعلوف أعلن موقفه الأخير بناء لرؤيته أن لبنان مُقدِم على مرحلة جديدة بدأت بتلزيمه إلى الإيراني بشكل رسمي، كما حصل في بداية التسعينيات حين دفع الأميركيون ثمن مشاركة النظام السوري معهم بالحرب ضد العراق، يومذاك تلزيم لبنان رسمياً للسوري، فضلاً عن اعتباره أمام زواره أن تصريح حسن نصر الله حول باخرة المازوت ما هو إلا مؤشر إلى موعد الانطلاق بالصفقة العالمية الجديدة.

إقرأ أيضاً: غجر لـ”لبنان الكبير”: دخول النفط الإيراني ليس سهلاً

هذا “الطارئ على السياسة الزحلاوية” يؤسّس لمرحلة جديدة في الانتخابات النيابية المقبلة، بتحديد أسماء جديدة وخلط التحالفات.

وقالت مصادر مقربة من حزب الله لـ”لبنان الكبير” أن ترتيب وضع المعلوف مع الحزب جرى بمساعٍ من أحد أبرز إعلاميي الحزب النافذين، وقام بتأمين أكثر من لقاء مع مسؤول وحدة الارتباط والتّنسيق في “حزب الله” وفيق صفا. وأضافت المصادر أن قيادة الحزب ترحّب بتحالفها مع المعلوف كمستقل، في لائحة واحدة من المرجح أن تضم التيار الوطني الحر وحركة أمل والحزب القومي السوري الاجتماعي.

من جهته، يحاول المعلوف أن يُبقي شعرة معاوية بينه وبين القوات، من دون أن يسجِّل عليه مغادرة تكتلها.

شارك المقال