على الرغم من أن الجميع ينتظر ساعة الحسم، يبقى وزن الترقب ولعبة الانتظار هو الأثقل، على مستوى المفاوضات بعد اغتيال اسماعيل هنية وعلى مستوى الرد حيث تمارس الأطراف “حرب إرهاب نفسية”.
مقال في “واشنطن إكزامينر” سلط الضوء على هذا الإنتظار في ظل تعيين يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة “حماس” وتعهد إيران بالرد على إسرائيل. ويشكل “التوقع جزءاً من الهجوم في الأصل، خصوصاً وأن ذراع إيران موجودة في العديد من البلدان والتي قد يأتي الرد منها أيضاً”. شبكة “سي إن إن” أكدت بدورها أن “هذه الحالة التي تطول من توقع للرد هي “جزء من العقاب”.
وفي هذا السياق، أكد ريتش غولدبرغ، المستشار البارز لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، لصحيفة “واشنطن إكزامينر” أن ما يحصل جزء من استراتيجية إيران.
ووضعت سلسلة الأحداث الأخيرة الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة. وبالانتظار، تكثر التكهنات ويعود البعض بحثاً عن الدلائل لهجوم إيران في 13 نيسان. وعلى الرغم من أن الخسائر أتت طفيفة، تحذر قراءة في موقع مجموعة الأزمات الدولية (International Crisis Group) من أن ذلك لا يعني “أن إيران غير قادرة على توجيه ضربة خطيرة إلى إسرائيل. والواقع أن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن طهران أرادت إيصال رسالة من دون إحداث أضرار. لكن هذه المرة، قد تشعر إيران بأن محاولة تحقيق الردع ستتطلب هجوماً أكبر. وقد يعني هذا إعطاء تحذير أقل واستخدام ذخائر أكثر دقة. ومن المرجح أيضاً أن يعني ذلك دخول قوى أخرى في فلكها”.
“وبدورها، أرسلت إسرائيل إشارتها الخاصة حول امتلاك القدرة والاستعداد للقيام بما هو أسوأ بكثير من خلال استهداف بطارية دفاع صاروخي مرتبطة بالبرنامج النووي الايراني. وهذا يشير إلى الاستعداد للرد على أي خطوة تتخذها طهران على سلم التصعيد”.
هل يمكن احتواء التصعيد؟
والسؤال الذي يبقى مطروحاً يتمحور حول إمكان احتواء التصعيد ومنع اندلاع حرب إقليمية شاملة، من خلال “احتواء التصعيد القادم بلا شك. وهنا، تظهر بعض الاشارات المطمئنة، لعل أهمها أن إيران والولايات المتحدة أشارتا مراراً وتكراراً من خلال الأقوال والأفعال إلى الرغبة في تجنب مثل هذا السيناريو الأسوأ. وكلاهما لديه دوافع قوية لدرء ذلك. وأشارت الادارات الأميركية المتعاقبة منذ عهد باراك أوباما إلى رغبة في إخراج الولايات المتحدة من نمطها الطويل من التشابكات المستنزفة للموارد في الشرق الأوسط. كما أن واشنطن لا تريد الانجرار إلى حرب إقليمية كبرى قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية.
ومن جانبها، تدرك القيادة الايرانية أنها لا تستطيع تحقيق النصر في مواجهة مباشرة في المنطقة والعالم، على الرغم من قدرتها على إلحاق ضرر بالغ بالمصالح الاسرائيلية والأميركية في الشرق الأوسط. كما سيعني الانخراط في الحرب، توريط الحكومة التي تم تنصيبها مؤخراً، في صراع قد يزعزع الاستقرار بعد أيام قليلة من توليها السلطة.
وعلاوة على ذلك، أظهرت الجهات الفاعلة الرئيسية أنها تمتلك الأدوات الديبلوماسية اللازمة لإدارة أزمة من هذا النوع. وتُظهِر تجربة نيسان فاعلية الرسائل المباشرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب الديبلوماسية القوية عبر القنوات الخلفية بين الولايات المتحدة وإيران. وكان من الممكن أن يكون تأثير هجوم إيران في 13 نيسان أسوأ بكثير لو أنها لم تبلغ عنه مسبقاً. وبالمثل، كان من الممكن أن ترد إسرائيل بشراسة أكبر على وابل الهجمات لو لم تنصح إدارة بايدن بالعزوف عن ذلك بعد محادثات مكثفة.
ومع ذلك كله، يبقى خطر الانفجار كبيراً، لأن الطرفين يرفعان الرهان بلا شك ولأن النجاحات السابقة في ما يتعلق بالاحتواء قد تولد ثقة مفرطة وتتسبب في المجازفة وسوء التقدير. ولا يتطلب الأمر سوى سوء فهم للنوايا، أو خطأ فني أو استهدافي واحد لتخرج الأمور عن نطاق السيطرة وإلحاق خسائر فادحة بالمدنيين في مختلف أنحاء المنطقة، وربما جر جهات خارجية أيضاً.
لذلك، يتعين على الأطراف (وهو ما بدأ بالفعل) المبادرة الى تحديد الخطوط الحمر وتوضيح العواقب المترتبة على تجاوزها، وتوجيه رسائل صارمة الى كل من إيران وإسرائيل، ليسترشد القادة بمنطق إدارة المخاطر الذي ساد في نيسان ومضاعفة الجهود من أجل التوصل أخيراً إلى وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في غزة”.