عيتاني لـ”لبنان الكبير”: هناك حقد على بيروت

آية المصري
آية المصري

من منا لا يعرف بيروت، عاصمة الفرح والحياة، من منا لا يعرف الكورنيش البحري، وصخرة الروشة، وقهوة المدكو، وشوارع الداونتاون، وجامع محمد الأمين…

بيروت عاصمة الإرث الثقافي والحضاري، عاصمة الحب ونبض الحياة، بيروت المشعة نوراً وطاقة، يقصدها عشرات آلاف السياح سنويا ليتعرفوا الى كنوزها التي لا تُقدر بثمن. بيروت الوسط التجاري، المنطقة التي جمعت ووحّدت أبناء منطقتين كانتا متناحرتين خلال سنوات الحرب الأهلية.

المنطقة التي أسسها وأشرف على تجميلها الرئيس الشهيد رفيق الحريري… هذه هي العاصمة الحية التي عرفناها وقصدناها وليست ما حوّلها اليوم حكامها المجرمون، فشوارعها لم تعد مزدحمة الا على محطات الوقود، والنور تحوّل الى ظلام، والشمع اصبح البديل، والحياة لم تعد فيها كما كانت لان شعبها يُذلّ يوميا على ابواب الأفران، والمستشفيات، والصيدليات.

بيروت الحزينة، بيروت المدمرة، بيروت المحطمة، بيروت المنكوبة، بيروت الملطخة بدماء شهدائها وسمائها التي تسبح فيها جرائم حكامها، نعم هذه الكلمات التي تصفها اليوم، مشاريعها المُستحقة تُرمى في جواريرهم. فما الذي حل في بيروت وأبناءها؟

عيتاني: دياب والوطني الحر يعطلان المشاريع

وأوضح رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني لموقع “لبنان الكبير” انه “منذ عام 2016 بدأت بلدية بيروت وضع مُخطط لعشر سنوات بهدف تطوير المدينة، واستكمال البنى التحتية وتطويرها، وتحصين المرافق العامة والساحات العامة والكورنيش، وفي الوقت عينه إطلاق العمل لإيجاد الحلول لأزمة السير الخانقة فهناك ما يقارب 350 الى 500 ألف سيارة تدخل يوميا الى العاصمة، فبيروت القلب النابض للبنان وعندما يضعف إقتصادها، اقتصاد لبنان ككل ينهار”.

وشدّد عيتاني على ان “المشكلة الأساسية تكمن في غياب اللامركزية في بيروت، فعام 2016 وجدنا عجزاً في الكهرباء بحدود 250 ميغاوات مما دفعنا الى القيام بدراسة لانشاء محطات توليد للكهرباء لـ250 ميغاوات “BOT” غير مُكلف للبلدية وعلى أراضيها، بحيث نكون شركاء مع الشركة المصنّعة، فجرت اتصالات بأهم الشركات المصنعة لمولدات الكهرباء مثل “سيمنز” وغيرها، وكانوا مستعدين للدخول في المناقصة. ومن ثم تم رفع الموضوع إلى مجلس الوزراء فرفضه وزير الطاقة والمياه يومها جبران باسيل بحجة ان كل منطقة ستبادر إلى القيام بهذه الخطوات بنفسها، وأنه لا داعي لذلك لأنه بعد عامين ستكون كهرباء لبنان 24/24. طبعا لو أخذنا الموافقة حينها لما وصلنا الى ما وصلنا إليه اليوم، من أزمة كهرباء وسياسة التقنين”.

وأضاف: “بعد انفجار مرفأ بيروت، أعربت شركة “سيمنز” عن استعدادها لتقديم المساعدة، وتم الاتفاق على تركيب مولد كهرباء في الكرنتينا كي تُغذّى المنطقة المتضررة جراء الانفجار، للأسف رفضه وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر وكانت حجته نقص الفيول، وطالب غجر بقطع غيار للمعامل مما أدى الى انسحاب “سيمنز” وتقديمها قطع الغيار بدلا من توليد كهرباء للمنطقة. وتحركت بلدية بيروت فوراً بعد هذه الكارثة، وقدمت أموالاً لمساعدة الأهالي المتضررين وإصلاح البيوت المحتمل إنهيارها، خاصة الطبقة غير الميسورة، وجهزت دفاتر الشروط وطالبنا بحالة طوارئ استثنائية تحت اشراف ديوان المحاسبة ووزارة الداخلية للقيام بإتفاقات بالتراضي وطبعا رُفض الطلب ايضا وكأن هناك حقد على بيروت”.

وتابع: “بيروت محرومة بسبب نظامها الخاطئ والرافضين لتطويره، والحل المناسب هو عبر اعتماد اللامركزية الادارية، وتعديل في قانون البلدية من دون إنتقاص من صلاحية أحد لكن لا بد من ضبط انتقال المعاملات من دائرة الى أخرى كي ننجز المشاريع بطريقة أسرع وقُدّم هذا الاقتراح لحكومة دياب ورُفض، وأعيد تقديمه الى مجلس النواب ويُدرس حاليا في اللجان وربما أدخلت عليه بعض التعديلات”.

إقرأ أيضاً: إيجارات السكن في بيروت تعطّل فرص الشباب

وأوضح عيتاني: “لا مشاريع حالية تنقذ بيروت في ظل الانهيار الاقتصادي والحكومي، فبلدية بيروت كانت تملك قبل شهر تشرين الاول 2019 حوالي 800 مليار ليرة، اي ما يقارب 600 مليون دولار واصبحت قيمتها اليوم في المصرف المركزي 50 مليون دولار. في السابق، كان بامكاننا متابعة مشاريعنا المنتجة، فمثلا هناك 3 مواقف سيارات عبارة عن أبنية في كل من الاشرفية والحمراء وكورنيش المزرعة، تؤمن العمل لأهالي بيروت وتجني اموالا للبلدية، ايجارات، ومدخول للبلدية مستدام، لم نستطع البدء بها بسبب رفض المقاولين جراء انهيار العملة الوطنية”.

بعد ان خسرت بيروت “رفيقها”، أتى زمرة من المتغطرسين والفاسدين الذين لا تهمهم الا جيوبهم ومراكزهم وأصبحوا يعطلون الإنماء في بيروت التي كانت عروس الشرق وتحولت اليوم الى عاصمة مقهورة… لكن بيروت لن تموت ومن يعِش يرَ…

شارك المقال