مصائبنا لتعويم الأسد؟

عالية منصور

مصائب قوم عند قوم فوائد، فكيف إذا كانت هذه المصائب بفعل فاعل وعن سابق تصميم وإرادة؟ وما المصائب التي يعيشها لبنان الا بفعل فاعل يعرف دوما كيف يستفيد حتى من جرائمه؟

ففي الوقت الذي يعاني لبنان من استنزاف مادي واستنزاف لما تبقى من احتياطي في مصرف لبنان المركزي، رفض الرئيس ميشال عون رفع الدعم عن المحروقات على خلاف قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ليصلوا بالنهاية وبعد مد وشد الى قرار اعلنته الرئاسة اللبنانية في بيان عقب اجتماع ترأسه رئيس الجمهورية، وخصص لمعالجة الأزمة حيث تم “الموافقة على اقتراح وزارة المالية بالطلب إلى مصرف لبنان فتح حساب مؤقت لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات”. وأضاف البيان أن قيمة الحد الأقصى للدعم ستبلغ 225 مليون دولار لتمويل “قيمة الفرق بين سعر صرف الدولار بحسب منصة (صيرفة) والسعر المعتمد بثمانية آلاف ليرة للدولار” لشراء البنزين والمازوت والغاز المنزلي وصيانة معامل الكهرباء لغاية نهاية شهر أيلول.

اذن ارتفعت أسعار المحروقات ولم تنته مأساة اللبنانيين ولا خفت الطوابير على محطات البنزين. وما سيزيد من المأساة أن ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان لحقه ارتفاع خيالي في ارتفاع أسعار المحروقات والغاز في سوريا، ما ينبئ باستمرار التهريب بل وزيادته، وبذلك يستمر استنزاف الدولار من مصرف لبنان من دون أن يعني ذلك وضع حد لمعاناة اللبنانيين اليومية على محطات البنزين وبظل انقطاع الكهرباء والمازوت وكل ما يترتب على ذلك.

تزامن ذلك مع استعراض الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله ووعوده للبنانيين بأن الحل لمشكلاتهم سيأتي من طهران عبر سفن تنقل الفيول الإيراني، لتسارع بعدها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا وتعلن قرار الولايات المتحدة مساعدة لبنان في الحصول على الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري، وفقاً لبيان صدر عن الرئاسة اللبنانية.

وأوضح البيان أن الأردن سيحصل على كميات من الغاز المصري تمكنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على شبكة الربط الكهربائي مع لبنان عبر سوريا، الى جانب العمل على “تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى شمال لبنان”.

وكان رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري قبل نحو شهرين في حديث تلفزيوني أعلن أنه بحث خلال زيارته إلى القاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قضية استجرار الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا. وكشف ان “الملك عبدالله استطاع إقناع الأميركيين بهذا الأمر”. أي الاستجرار عبر سوريا. تبع ذلك زيارة قام بها الملك الأردني إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومما عرف أن اللقاء ناقش الوضع السوري وما يترتب على موضوع استجرار الغاز وتفعيل مشروع خط الغاز العربي.

وإن كان العائق الأساسي أمام هذا المشروع هو العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري بموجب قانون قيصر، إلا أن الوضع الذي وصل إليه لبنان سيكون المبرر على ما يبدو للإدارة الاميركية لتخفيف هذه العقوبات، لتكون سوريا الممر لتصدير الكهرباء إلى لبنان.

كل ذلك يجعلنا نعيد طرح أسئلة كسؤال لماذا عرقل عون و”حزب الله” ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل؟ لماذا إصرار عون على رفض رفع الدعم؟ ولماذا حتى اللحظة لم يحاسب أحد عن الفشل الذريع في ملف الكهرباء والهدر خلال سنوات طويلة؟

إقرأ أيضاً: تحليل بريطاني: ما يُزرع في درعا… يُحصد في سوريا

انه مشروع خنق لبنان واللبنانيين وابتزاز العالم بهم كي يتم تخفيف العقوبات عن نظام قتل مئات الآلاف ولم يتحرك العالم لمحاسبته… إنه نظام الأسد وأكثر ما يبرع به بعد القتل هو سياسة الابتزاز.

فهل سينجح بابتزازه لدرجة إعادة تعويمه مقابل حصول لبنان على القليل من الكهرباء؟ أم أنه سيكتفي بهذه المرحلة بتخفيف بعض العقوبات أو التغاضي عنها مقابل حصوله على الغاز وبعض العلاقات العربية مع إبقاء الباب مفتوحاً للتواصل مع الولايات المتحدة؟

مع إدارة كالإدارة الأميركية الحالية، لا شيء مستغرب، وخصوصاً بعد كل ما شاهدناه ونشاهده في أفغانستان.

شارك المقال