“فخامة الشعبوي” يرعى انتهاك الدستور ضد رؤساء الحكومة

رواند بو ضرغم

من أقسم وحيداً على احترام الدستور وحفظ قوانينه، هو نفسه من يراه منتهكاً ويساهم في تخطيه من غير أن يحرك ساكناً… رئيس الجمهورية ميشال عون متلهياً بالمواقف الشعبوية، يرسخ سوابق دستورية تضعه في مرمى الاتهام باستهداف المواقع الدستورية واستضعافها. فماذا خدمت عملياً خطوة الرئيس عون وانفتاحه على استجوابه من قبل المحقق العدلي القاضي طارق بيطار؟ فالأخير لم يستمع إليه بعد، لأن الاستماع اليه لا يؤدي الى إطلاق يد المحقق العدلي بالادعاء عليه في حال ثبت تورطه بانفجار مرفأ بيروت، في حين تقول مصادر استشارية قريبة من رئيس الجمهورية أنه في حال ثبوت تورط الرئيس عون يجب الذهاب حينها الى مجلس النواب، فهناك المرجعية الصالحة لمحاكمته وليس القضاء العادي… فلماذا إذا هناك رؤساء بسمنة ورؤساء بزيت؟

حرك القاضي طارق بيطار ملف التحقيقات بإصدار أول مذكّرة إحضار لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، هذه الخطوة اعتُبرت تحدياً واضحاً للمجلس النيابي وبمثابة سحب بساط المرجعية من تحت قبّته، وفيها عدم اكتراث بالمادتين 70 و71 من الدستور التي تعطي الصلاحية للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فنصّب المحقق العدلي نفسه مكان مجلس النواب ومكان محكمة التمييز التي تحسم جدل المرجع الصالح للتحقيق مع الوزراء والرؤساء في قضية انفجار المرفأ، إن كان البرلمان أو المحقق العدلي.

اختصر القاضي بيطار كل المرجعيات، واعتبر نفسه فوق القانون والدستور، وأخذ إجراء الإحضار بحق دياب الذي في حال تعذر تطبيقه سيقود لاحقاً الى إصدار مذكّرة توقيف بحقّ رئيس الحكومة المستقيل… هذه السابقة الدستورية التي تحدث تحت ناظري رئيس البلاد وحامي الدستور، ممكن أن تفتح الباب أمام مذكرات إحضار أخرى قد تطال الرئيسين سعد الحريري وتمام سلام، وستكون مدخلاً لأن يصبح باستطاعة أي قاض منفرد عادي جزائي في لبنان أن يستدعي أي رئيس حكومة خلافاً للدستور. ونتيجة للأحقاد والكيديات السياسية، يتغاضى رئيس الجمهورية عن هذه السابقة لأنها ستحقق له ما يتمناه بسجن الرئيس الحريري، والاقتصاص من الرئيس نبيه بري عبر وزيريه المحسوبين عليه (علي حسن خليل وغازي زعيتر) وهو من اعترف بعلمه بالمواد المتفجرة قبل خمسة عشر يوماً ولم يحرك ساكناً، أقله بدعوة المجلس الأعلى للدفاع، ويتذرع بعدم الصلاحية له في مرفأ بيروت، ويتلطى خلف الدستور ويلتحف حمايته.

إقرأ أيضاً: عون يريد وزير داخلية يواجه اللواء عثمان

رؤساء الحكومات السابقون رأوا في مذكرة الإحضار بحق دياب إهانة علنية لموقع رئاسة الحكومة، واستضعافاً مرفوضاً لرئيس الحكومة المستقيل، وإعلاناً مفضوحاً عن إدارة ملف التحقيق العدلي من أروقة قصر بعبدا، وطالبوا برفع الحصانة عن رئيس الجمهورية أيضاً لأن مدة الخمسة عشر يوماً هي مدة زمنية كافية لتفكيك قنبلة نووية فكيف الحال بالنسبة لهذه المواد القابلة للتفجير، وبالتالي فقد تقاعس فخامته وامتنع عن القيام بأي عمل ذي قيمة عملية للحؤول دون حصول تلك الكارثة الإنسانية والاقتصادية والعمرانية التي حلت بلبنان.

ومن جهة أخرى، تؤكد معلومات موقع “لبنان الكبير” أن مجلس النواب أيضاً لن يسكت عن هذه السابقة الدستورية، المتمثلة بتخطي القاضي العدلي للدستور ولا يمكن ان يقبل بها، لذلك من المتوقع أن يصدر موقف عن المجلس النيابي يمكن أن يكون بتوجيه كتاب الى النيابة العامة التمييزية عبر وزير العدل لاتخاذ قرار بمخالفات بيطار الدستورية وبت المرجعية الصالحة.

شارك المقال