تساءل تحليل أوروبي في موقع “أوراسيا ريفيو” عن حقيقة نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط في ظل التطورات الأخيرة وخصوصاً في قطاع غزة. وكتب البروفيسور ريتشارد روسّو المتخصص في الشؤون الدولية: “على مدى السنوات القليلة الماضية، تزايد نفوذ إيران في الشرق الأوسط وزادت قدرة محور المقاومة على شن هجمات على إسرائيل من مجموعة متنوعة من الاتجاهات. أما العامل الرئيسي في الخطاب والأيديولوجية ضمن هذا المحور فهو الموقف المناهض للولايات المتحدة وإسرائيل. وتشكل طهران المكان الذي تتجمع فيه المكونات المختلفة لهذه الشبكة وتحافظ على التضامن والاتصال اللوجيستي والأيديولوجي. ولكن هذا لا يعني أن إيران قادرة على قيادة الفصائل المختلفة وكأنها جيشها الخاص، ذلك أن نفوذها يتفاوت من جماعة إلى أخرى.
فمن ناحية، تتمتع إيران بدرجة كبيرة من النفوذ في ما يتعلق بالمسائل ذات الطبيعة الاستراتيجية. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن تنفذ المنظمات المختلفة استراتيجيتها بطرقها الفريدة ولو اختارت أن تتبع إيران. وفي إطار محور المقاومة، تعد العلاقة بين إيران وحزب الله الأقوى، سواء من حيث أوجه التشابه والنظرة الى العالم أو حتى لأسباب تاريخية. وعلاوة على ذلك، حزب الله أكثر تنظيماً ومركزية إلى حد كبير مقارنة ببقية المجموعات.
وتتمتع إيران باتصالات قوية مع كل من الحوثيين وحماس، على الرغم من عمل هذه الجهات الأخيرة باستقلالية أكبر بكثير. وهذا لا يمنع إيران من تقديم دعم كبير لهاتين المجموعتين المسلحتين على قدم المساواة مع المجموعات الأخرى التي تدعمها. بالاضافة إلى ذلك، يمكن مقارنة الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية التي يستخدمها الحوثيون وحماس بتلك التي تستخدمها إيران. ومع ذلك، تبقى حقيقة أن هذه المجموعات لا تخضع لإيران حصراً وتعمل بصورة مستقلة عن بعضها البعض”.
هل تمسك إيران حقاً بالخيوط؟
وحسب التحليل، “على الرغم من تصويرها المتكرر في وسائل الاعلام الغربية باعتبارها المحرك الرئيسي، لا تمتلك القيادة في طهران سلطة مباشرة على أي من الجهات الفاعلة. على سبيل المثال، يعتقد الرئيس الأميركي جو بايدن اعتقاداً لا أساس له من الصحة، أن وقف إطلاق النار في غزة كفيل بمنع هجوم محتمل ضد إسرائيل من إيران أو وكلائها.
ويطرح هذا السيناريو قضايا عدة، أولاً لأنه يمنح إيران ميزة استثنائية، بحيث يتصور العالم أن الملالي يمتلك القدرة على اتخاذ جميع القرارات وممارسة نفوذ واسع النطاق. ولكن الأهم من ذلك أن الحكومات الغربية وقادتها فشلوا في حل هذه الصراعات في الشرق الأوسط بطريقة مستدامة لأنهم لا ينظرون عن كثب الى تفاصيل القضايا. ونتيجة لذلك، يتناسون دراسة العوامل التي تؤدي إلى هذه الصراعات، بصورة كافية. ويعتقد العديد من المراقبين في الولايات المتحدة وأوروبا أن القضاء على الجهات الفاعلة الخارجية من شأنه أن يؤدي إلى حل سلس لجميع القضايا في المنطقة”.
ويختم التحليل بالدعوة الى “تقييم كل أزمة في الشرق الأوسط على أساس خصائصها الفريدة، بغض النظر عن النفوذ الذي قد تتمتع به إيران. كما يتعين تذكير جميع الأطراف بأن كل فصيل في الشرق الأوسط يسعى في النهاية الى تحقيق أهدافه الخاصة”.