جاء ردّ “حزب الله” بعد أسابيع على اغتيال القائد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، والذي كاد أن يجرّ المنطقة إلى حرب إقليمية لولا ضبط الإيقاع الذي مارسه الحزب لتفادي الإنزلاق إلى مستنقع الحرب الشاملة التي تحاشاها لأشهر، إلاّ أن ضربة من هذا النوع لا يمكن أن تمرّ مرور الكرام، خصوصاً وأنها مسّت بهيبة “حزب الله” الذي يعتمد مستوى عالياً من السرّية والأمن ليس من السهل اختراقه.
وتعقيباً على عملية الرد التي كان ينتظرها اللبنانيون بالحدّ الأدنى لتحديد مصيرهم ووجهتهم “منهرب من بيوتنا أو منرجع؟”، كان خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، حمّال اوجه، فلم يجزم بانتهاء عملية الرد، ولكنه طمأن ناسه وجمهوره الى امكان عودتهم إلى منازلهم.
فور انتهاء الخطاب، اعتبر الجمهور الأصفر أن نصر الله أعلن الإنتصار، وفي محلّ آخر رأى البعض أن الاشتباكات انتهت عند الحدّ الذي وصلت إليه، فجال بعض المناصرين بسياراته ودراجاته النارية في عدد من المناطق اللبنانية، مردداً الشعارات والهتافات المؤيدة للحزب.
بعض المحال التجارية عاود فتح أبوابه بعد أسابيع على اغلاقها تخوّفاً من التصعيد الأمني.
فاطمة جوني صاحبة متجر لبيع الألبسة، يقع مباشرة مقابل المبنى الذي اغتيل فيه شكر، تقول لموقع “لبنان الكبير”، انها اتخذت قرار العودة إلى المتجر، بعد اقتصار المبيعات على خدمة “الأون لاين” في الآونة الأخيرة، وذلك عقب خطاب السيد، الذي بعث في نفوسهم نوعاً من الطمأنينة.
وتوضح جوني، أنها أبلغت الموظفين بالعودة إلى دوامهم الطبيعي في المتجر من صباح اليوم الإثنين بإعتبار أن الوضع أصبح آمناً.
وتضيف: “بعد أقل من 24 ساعة على خطاب نصر الله، حركة المبيعات لدينا تغيّرت، على الإنستغرام في كتار رجعوا يطلبوا، بعد أن كانت المبيعات منخفضة، وجزء قام بإلغاء طلبياته”.
وفي جولة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلن عدد كبير من المتاجر عبر صفحاته معاودة استقبال الزبائن، والبعض الآخر تداول المناشير التي تقول انهم عائدون إلى بيوتهم ولا مبرر للبقاء في المناطق التي نزحوا إليها.
أمّا كيف تلقى الجنوبيون الخطاب؟فيجيب المسؤول الاعلامي لهيئة إدارة الكوارث، بلال قشمر، لموقع “لبنان الكبير”: “الخطاب كان موجهاً الى أبناء الضاحية بالدرجة الأولى، الذين تركوا منازلهم عقب اغتيال شكر، فمن يمكن أن يتحمّل مسؤولية عودة أهالي القرى إلى بيوتهم؟ ومن قال إن الإشتباكات انتهت؟ لا بل على العكس، بعد عملية الردّ رفعنا حالة الاستنفار إلى الدرجة الثانية، وهي التهيؤ لإستقبال النازحين من الخطوط الثالثة”.
ويشير الى أن “الخطاب لم ينعكس على النازحين داخل مراكز اللجوء في مدينة صور، لأن قراهم تحت الخطر الصهيوني، عدا عن أن البعض دمرّت بيوته نتيجة الإشتباكات”.
وعلى الرغم من الهدوء النسبي غير المعتاد الذي تعيشه الحدود، هل يعني هذا أن جبهة الإسناد توقفت؟
مصدر مقرّب من “حزب الله” يؤكد لموقع “لبنان الكبير”، أن “الردّ على اغتيال شكر منفصل كلياً عن جبهة الإسناد المرتبطة بوقف إطلاق النار في غزّة، وهي قائمة حتى اللحظة، إنما الردّ ليس لإعلان انتهاء الحرب، بل لتثبيت معادلات جديدة للإشتباكات، يمكن البناء عليها من أجل وقف القتال في الجبهة الجنوبية، وهذه المعادلة هي بمثابة ورقة ضغط قوية يمكن للأميركي أن يستعملها في المفاوضات لوقف إطلاق النار، وعليه أن يحسن استخدامها، لذلك ترك الحزب هامشاً للردّ الثاني في حال لم تثبت القواعد”.
وحول دعوة نصر الله الناس للعودة إلى بيوتهم، يقول: “هذا الأمر أيضاً من ضمن القواعد التي يريد الحزب تثبيتها، وهي أنه قادر على تأمين الحماية للمدنيين، ولو أنه لا يمكن الوثوق بنوايا الجيش الاسرائيلي”.
يذكر أن أحدث جولة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، والتي جرت في القاهرة، وصلت إلى طريق مسدود مرة أخرى، في ظل “جمود صعب” في المحادثات، وفقاً لمصادر ديبلوماسية.