المغتربون ينظّمون صفوفهم وضغوط لاجراء الانتخابات

المحرر السياسي

تأخذ الإنتخابات النيابية لعام 2022 حيزاً كبيراً من إهتمام المجتمع الدولي الذي يدعو الى ضرورة إجرائها في موعدها ويحذّر من تأجيلها، وكان آخرها رسالة التحذير بعنوان “ما عاد في وقت” والتي تسلمها رئيس الجمهورية ميشال عون من ممثل الإتحاد الأوروبي والتي جاء فيها تشديد على ضرورة تشكيل حكومة واستعداد الاتحاد لدعم العملية الانتخابية عام 2022 في هذا الوقت الصعب، ​وكان سبق لوفد من الاتحاد الأوروبي​ مكلّف مراقبة ​الانتخابات النيابية​ المقبلة في موعدها قد زار لبنان في تموز الماضي مشدداً على هذا الموضوع. ولا تخلو لقاءات وتصريحات المنسقة الخاصة للأمين العام للامم المتحدة جوانا يورونيكا خلال جولتها على المسؤولين اللبنانيين من التأكيد على ضرورة إجراء الإستحقاق الإنتخابي. لبنانياً، ما زال هذا الإستحقاق مرتبطاً بالمزاج السياسي وخصوصاً بتشكيل حكومة قادرة على إجرائه والإشراف عليه.

مصير إنتخابات المغتربين يرتبط كذلك بالاستحقاق بشكل عام، إذ أن اللبنانيين المنتشرين في بلاد الإغتراب وهم خزان الدعم في الوقت الحالي مادياً ومعنوياً، يطالبون الدولة بعدم تجاهلهم لما لصوتهم من تأثير في الإنتخابات المقبلة، خصوصاً أن مشاركتهم قد تؤدي الى التغيير ولا سيما بعد ثورة 17 تشرين، وهم يملكون تطلعات لبناء دولة حديثة تؤسس لمستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة.

المغتربون بدأوا تنظيم صفوفهم في الخارج تحضيراً لإنتخابات 2022 ويؤكدون على حقهم الدستوري والديموقراطي المكتسب في المشاركة في هذا الإستحقاق. وكانت مجموعات منهم قد حضّرت لحملة إعلامية وإعلانية عبر فيلم مصور طالبوا فيها بضرورة مشاركتهم في العملية الإنتخابية وارسلوا كتاباً لوزارة الخارجية بهذا الخصوص لأنهم يتوقعون ارتفاع نسبة المشاركة بعد أن سجلت الإنتخابات الماضية مشاركة 63 ألف مقترع، حسبما أكدوا لموقع “لبنان الكبير”.

وتوازياً بدأت وزارة الخارجية والمغتربين تحضيراتها لمواكبة هذا الأمر، ومنذ تسلّم الوزيرة زينة عكر مهامها بالوكالة تعمل مع وزير الداخلية محمد فهمي واللجنة التي تشكلت لهذا الشأن ومهمتها تطبيق دقيق لتنفيذ قانون الانتخاب لغير المقيمين في لبنان والقيام بالترتيبات اللوجيستية المتعلقة بالإنتخابات، والتي كانت الخميس الماضي عنوان الإجتماع مع الوزير فهمي واللجنة وجرى خلاله التنسيق لمتابعة التحضيرات الجارية لإنتخابات المغتربين في النصف الأول من العام 2022 والمنصة الإلكترونية التي ستوضع لتسجيل المنتشرين في دول الإغتراب.

وحسب مصادر متابعة لموقع “لبنان الكبير”، يُتوقع أن تبدأ عملية التسجيل في الخارج كحد أقصى في 20 أيلول المقبل ولمدة شهرين تنتهي في ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢١، وجرى أيضاً تحديد مراكز الإقتراع وذلك بالتنسيق بين وزارتي الخارجية والداخلية والبعثات الديبلوماسية. كما بُحثت الصعوبات التي واجهت المغتربين والبعثات في الإنتخابات الماضية وسبل تفاديها مع تقدير أولي للنفقات والإحتياجات لإجراء الإنتخابات.

وجرى إرسال تعميم الى كل البعثات الديبلوماسية والقنصلية في الخارج تطلب خلاله الخارجية التحضير للانتخابات النيابية وفقاً للقانون الذي أجريت على أساسه إنتخابات العام 2018 أو أي قانون آخر يقره المجلس النيابي. وتم طلب فتح مراكز إقتراع خارج البعثات الديبلوماسية والقنصلية حسب التوزيع الجغرافي للجالية اللبنانية. وتشير المصادر الى أن وزارة الخارجية تنتظر موافقة الدول المضيفة للمغتربين وتزويدها بأعداد الناخبين والإجراءات التي ستتخذ من أجل تنفيذ الاستحقاق.

كما تم إرسال كتاب الى مجلس النواب حول كيفية توزيع المقاعد الستة المخصصة لغير المقيمين وهي بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين وبالتساوي بين القارات، حسب التوزيع الطائفي ووفقاً للقارات التابعة لها. وطلبت وزارة الخارجية والمغتربين إصدار النص القانوني المتعلق بهذا الأمر.

وقد أثار منذ أيام رئيس الرابطة المارونية النائب السابق نعمة الله ابي نصر، ونائب رئيس الرابطة السفير خليل كرم، موضوع انتخاب المنتشرين مع وزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة زينة عكر. وأكد ابي نصر حقهم في المشاركة ترشيحاً واقتراعاً في الإنتخابات العامة إنفاذا للمادة ١١٣ من قانون الانتخاب، وضرورة إحترام هذا الحق من خلال اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة.

رئيس الجمهورية ميشال عون يؤكد في تصريحاته كافة وخصوصا في الفترة الأخيرة على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022، مؤكداً أن لبنان سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لإقامتها في أجواء ديموقراطية وأمنية مناسبة، مع التشديد على الشفافية لتأمين أوسع مشاركة شعبية موضحاً أنه يجب التركيز على عدم إستغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة للتأثير في حرية الناخب وخياراته.

إلا أن هذا الكلام يبقى رهينة الخيارات السياسية لرئيس الجمهورية وتياره وحلفائه والذين يضعون العراقيل أمام تشكيل حكومة يمكنها إنقاذ لبنان جزئياً من الإنهيار الكامل، وهم يستعملون شتّى الذرائع للبقاء في السلطة مع إمكانية تأجيل الإنتخابات إذا استطاعوا ذلك، وكذلك يبقى رهن تأمين الأموال اللازمة لها.

لكن عيون المجتمع الدولي وتلويحه بالعقوبات يؤكد تهيّب المسؤولين اللبنانيين والحاجة الماسة الى إجراء انتخابات العام 2022، علّها تكون خشبة الخلاص للتغيير نحو الأفضل وتحقيق الديموقراطية التي لطالما حلم بها الشباب ولا سيما المغتربين منهم وأكدوها خلال إنتفاضتهم الأخيرة عام 2019.

شارك المقال