بعد انتظار قرابة الشهر، ردّ “حزب الله” على اغتيال رئيس أركانه فؤاد شكر في عمق الضاحية الجنوبية، بعملية أسماها “عملية الأربعين”، وذلك بعد ليل ساخن في جنوب لبنان، قالت اسرائيل إنها ضربات استباقية بعد رصدها استعدادات الحزب لتوجيه ضربة اليها، معلنة إفشالها عمليته، إلا أن الأخير أكد أنه وصل الى أهدافه واستطاع ضرب قاعدة “غليلوت” في ضاحية تل أبيب البعيدة 110 كيلومترات عن الحدود اللبنانية، وقاعدة “عين شيمر” شرق مدينة الخضيرة التي تبعد عن الحدود اللبنانية 72 كيلومتراً. وفنّد الأمين العام للحزب عملية الرد في خطاب مساء أول من أمس، أشار فيه إلى أن معطيات الحزب تؤكد نجاح العملية، إلا أن العديد من خصومه لم يقتنعوا بالرواية بل وسخر البعض من قدراته، لا سيما أن لا دليل ملموساً على أن الحزب أصاب هدفه.
وفي هذا السياق، قالت مصادر قريبة من “حزب الله” لموقع “لبنان الكبير”: “ليس بالضرورة أن تكون عملية استهداف القاعدة موثقة بالفيديو كما كان الهدهد يصوّر، فهناك أنواع عدة من المسيرات لدى المقاومة، بعضها يكون مبرمجاً تلقائياً وبعضها الآخر يتم التحكم به عن بعد ويستطيع التصوير وإرسال ما صوّره، إلا أن المؤكد هو أن المبرمج أفضل، وذلك لامكان التقاط المسيرات التي تعتمد على التحكم أو التشويش عليها، وبالتالي قد تكون المقاومة استعملت المسيرات المبرمجة، أو قد تكون تخفي عمداً مشاهد الاستهداف لأسباب أمنية ولوجيستية ربما يكشف عنها في مراحل لاحقة”.
أما عن عدم وجود توثيق من الجهة الاسرائيلية، على الرغم من أن قاعدة “غليلوت” قريبة نسبياً من السكان في تل أبيب، فتشير المصادر إلى أن “القاعدة ضخمة جداً جداً، وليس بالضرورة أن يتمكن سكان بعيدون كيلومترين عنها من مشاهدة دخان من نار اندلعت فيها، هذا إذا ما افترضنا أن ضربة المقاومة أشعلت النار، فقد يكون الهدف دقيقاً جداً، بالاضافة إلى ذلك، معروف عن العدو أنه يخنق الاعلام، لدرجة أن يهرق هواتف مواطنيه، كي لا يتسرب شيء عن الواقع الداخلي لا يريده أن يتسرب، وبالتالي يمكن للعدو تكتيم مشاهد اصابة القاعدة”.
وتلفت المصادر إلى كلام الأمين العام لـ”حزب الله”، لجهة متابعة المقاومة أوضاع العدو وإذا تبين أن الرد على اغتيال شكر لم يكن كافياً، فسيرد الحزب في وقت آخر، موضحة أن “الحزب ربما قد لا يكون وثق الإصابة وسينتظر المعطيات التي تتكشف عند العدو، وربما تكون هذه الكلمة ضمن الحرب النفسية التي يشنها الحزب ضد العدو، لا يمكن معرفة الحقيقة فعلاً اليوم، وستنكشف لاحقاً”.
وكان نصر الله قال في خطابه مساء الأحد: “نحن سنتابع نتيجة تكتم العدو عما جرى في هاتين القاعدتين وبالخصوص في غليلوت، وإذا كانت النتيجة مرضية وتُحقق الهدف المقصود، فنحن نعتبر أن عملية الرد على اغتيال الشهيد القائد الحاج محسن السيد محسن واستهداف الضاحية قد تمت، وإذا لم تكن النتيجة في نظرنا كافية فسنحتفظ حالياً لأنفسنا بِحق الرد حتى وقت آخر”.
في المقابل، سخر خصوم “حزب الله” في لبنان من الرد، معتبرين أنه فشل، وأن الحزب ليست لديه قدرات كما يدّعي، وتناقلوا مشاهد لمزرعة دجاج قالوا ان الحزب استهدفها، ولكن في الحقيقة إن غالبية الأهداف غير العسكرية التي تصاب في الكيان الاسرائيلي هي بسبب الصواريخ الاعتراضية الاسرائيلية وفق ما تؤكد مصادر قريبة من الحزب، بل ان السيد نصر الله لفت إلى هذا الأمر في خطابه، كون أهداف الحزب جميعها عسكرية.
على أية حال نجحت العملية أم لم تنجح لا يمكن معرفة الحقيقة اليوم، لا سيما أن اسرائيل مشهورة بالسيطرة على الاعلام، ولعل أكبر دليل على ذلك هو تقرير لجنة فينوغراد الذي كشف إخفاقاتها في حرب تموز 2006، بينما كان الاعلام الاسرائيلي خلال الحرب وبعدها لفترة يؤكد انتصار “دولته”، وفي هذه الحالة إن كانت العملية ناجحة فستتعرض اسرائيل للاحراج، أما إن لم تنجح، فمن المؤكد أن الحزب سيرد عليها لاحقاً، ولكنه كما يعمل منذ بداية الحرب، يأخذ في الاعتبار التوقيت المناسب، إن كان بسبب واقع الميدان، والأجندات الاسرائيلية الحربية، أو على خلفية وضع لبنان.
ويبقى السؤال متى وكيف تنتهي هذه الحرب؟ وهل ستعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول أم أن الحرب ستفرض واقعاً جديداً ومعادلات جديدة للبنان والمنطقة؟