أزمة بايدن الأفغانية… كارثة الشرق الأوسط

حسناء بو حرفوش

سلط موقع “ذا ليفانت نيوز” (thelevantnews) البريطاني، الضوء على تداعيات “الفشل الأميركي في أفغانستان على مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”، والتي تتجلى بتأجيل اللقاء الذي كان مقرراً بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، في البيت الأبيض. كما أشار إلى أن الأزمة التي كان بمقدور بايدن تجنبها قد تعاظمت لتتحول إلى كارثة.

ووفقاً للمقال، “تعيّن تأجيل الجلسة بين بايدن وبينيت والتي وصفت بالتاريخية، بسبب الانفجار الانتحاري في مطار كابول والذي أدى إلى مقتل 13 من مشاة البحرية الأميركية وعدد كبير من الأفغان المتعطشين للفرار من بلادهم في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة. سجل ذلك اليوم بصفته الأكثر دموية بالنسبة للقوات الأميركية المتواجدة في أفغانستان منذ أكثر من عقد. مع الإشارة إلى أن بينيت يزور واشنطن للمرة الأولى منذ أن أصبح رئيساً للوزراء، في ظل معارضة حكومته الائتلافية جهود الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاقية النووية الإيرانية التي وقعتها إدارة أوباما في العام 2015 والتي تخلى عنها دونالد ترامب بعد ثلاث سنوات. وبدا أن مساعي بايدن للعودة إلى الاتفاق مستبعدة بشكل متزايد مع ابتعاد إيران عن التزاماتها وتولي الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي منصبه في طهران.

تأثير الفشل في أفغانستان

يرمز تأجيل اجتماع بايدن-بينيت بشكل ما، إلى تأثير الفشل الأفغاني على القضية الأوسع المتمثلة في مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم الأوسع (…) وسيتأثر كل جزء من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بطريقة ما بفشل السلطة الأميركية في أفغانستان، التي شهدت أطول حرب في تاريخها. ومن السابق لأوانه تحديد مدى الضرر الذي لحق بسمعة الولايات المتحدة، لكن ما حدث عزز التصور الراسخ منذ فترة طويلة بأن الولايات المتحدة تنسحب من منطقة صعبة.

وتستثمر الصين، التي تمثل التحدي الرئيسي للسيطرة الأميركية على العالم، بالفعل في نطاق واسع في أفغانستان، حيث منح خروج الولايات المتحدة المتعجل وتخليها عن أقرب حلفائها، بكين فرصة مثالية لإرسال رسالة إلى الدول الآسيوية الموالية للولايات المتحدة مفادها أنها لم تعد قادرة على الاعتماد على واشنطن. كما أرسلت روسيا، في ظل خبرتها الخاصة في الحقبة السوفياتية، حول أفغانستان باعتبارها “مقبرة الإمبراطوريات”، إشارات إيجابية إلى حركة طالبان. ويعطي الانهيار المتسرع للحكومة الأفغانية والجيش إلى جانب المشاهد الفوضوية في مطار كابول، الانطباع بانسحاب عسكري أميركي غير منظم وغير مهيأ مما قد يؤثر سلباً على تصورات قوة الولايات المتحدة والتزاماتها. بدورها، سترى باكستان، التي دعمت طالبان في السر وفي العلن على مر السنين، في الانزعاج الأميركي فرصة لتولي دور أكثر أهمية. وتمتلك إسلام أباد بالفعل علاقات وثيقة مع بكين وعلاقة متوترة مع واشنطن. وقد أعلن رئيس الوزراء عمران خان أنه يحظى بدعم طالبان وبأنها ستحرر كشمير “من أجلنا”.

وليس من المستغرب أن يشعر حلفاء الولايات المتحدة بالقلق بشأن تداعيات انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، ولا سيما طريقة التنفيذ. وهناك قلق إسرائيلي من مضي إيران قدماً في حملتها للهيمنة الإقليمية بينما ما عاد الاعتبار الأميركي أمراً مفروغاً منه. وتنسحب هذه المخاوف (…) وسط تفاخر إيران بأن سفارتها لا تزال مفتوحة للعمل في كابول. أما في تركيا، يؤكد السياسيون على ضرورة المشاركة في إدارة الأزمة وعرض السيطرة على مطار كابول. وفي هذا السياق، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان الاستعداد لأي نوع من التعاون لصالح الهدوء في أفغانستان وحماية مصالح البلاد، كما رحب بتصريحات طالبان المعتدلة.

وتترجم المخاوف من تعزيز المنظمات الإسلامية المتطرفة أيضًا من خلال إعراب توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا في العام 2001، عن أسفه لحقيقة أن انتصار طالبان سيفرح كل الجماعات الجهادية حول العالم. وأتى ذلك التصريح قبل هجوم المطار، الذي تبناه تنظيم داعش، ما دفع بخبير جهادي للتغريد قائلاً: “لم يستطع تنظيم الدولة الإسلامية تحمل تسليط كل الاهتمام على طالبان. ولذلك، كان عليه أن يبذل جهداً كبيراً لاستعادة انتباه العالم وتصدر عناوين الصحف.”

إقرأ أيضاً: أفغانستان مسرح للفوضى والمنطقة إلى مزيد من العنف

الحكمة التقليدية أقله في الدول الغربية هي أن طالبان لم تعد الحركة المسلحة نفسها كما إبان أحداث الحادي عشر من أيلول. ويتوقع المحللون الأميركيون والأوروبيون أنهم سيتعرضون لضغوط للتصرف بشكل أفضل في أعقاب انتصارهم لتفادي أزمة إنسانية ومالية. ومع ذلك، تقدر الأمم المتحدة أن هناك ما بين 400 و 600 عضو في القاعدة في البلاد، معظمهم يحظون بحماية طالبان.

في الصورة الأشمل، ستتجذر كما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” فكرة تزعزع القدرة على الاعتماد على الأميركيين بدرجة أكبر. ومن المرجح أن يتأثر الشرق الأوسط والمنطقة بالتفسير الأوسع، الذي يعتبر أن أزمة جو بايدن الأفغانية التي كان بالإمكان تجنبها، قد تحولت إلى كارثة”.

شارك المقال