fbpx

دحلان فوق البركان!

أحمد عدنان
أحمد عدنان
تابعنا على الواتساب

قبل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، وقبل إعلان قائد الجناح العسكري يحيى السنوار خليفة له، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً بعنوان “صعود محمد دحلان” يتحدث عن احتماليات او حظوظ تولي السياسي الفلسطيني محمد دحلان إدارة قطاع غزة بعد الحرب، اختتمته بتصريح لفاطمة وحيد ابنة دير البلح: “أريد حقاً أن تتركنا حماس وشأننا، وإذا كان دحلان هو من سيحل محلهم فنحن نرحب به”.

ولعل أهم الأسباب التي طرحت اسم دحلان في هذه الأيام:

1- أنه ابن مدينة خان يونس في القطاع.

2- رصيده العربي والدولي والاقليمي.

3- أنه أمل لأبناء غزة المعادين لـ “حماس” ومشروعها الحاد، خصوصاً بعد تزعم يحيى السنوار لحركة “حماس”.

ولكن العامل الأهم في طرح اسم دحلان، يعود إلى خلفيته الأمنية، وكل سيناريوهات “اليوم التالي بعد الحرب” المتعلقة بغزة سيناريوهات تفكر في أمن إسرائيل أكثر من تفكيرها في غزة وأهلها.

دحلان ابن تجربة سياسية من خلال حركة “فتح” والسلطة الفلسطينية كما هو ابن تجربة أمنية تمثلت في رئاسة جهاز الأمن الوقائي.

وكشخص لم تنقطع روابطه بغزة، التي تشكل الأصل الشعبي لزعامته، يغلب الظن أنه يدرك تماماً أن السياسة والتنمية أهم أوجه الأمن في القطاع المنكوب، وربما التنمية قبل أي شيء آخر.

فكرة تولي دحلان، مباشرة أو من خلال حزبه، إدارة قطاع غزة بعد الحرب، فكرة عملية، بحكم بعض التقاطع الإقليمي – الإسرائيلي، وربما تدخل الولايات المتحدة في هذا التقاطع، لكن الصعوبة التي ستواجه دحلان تكمن في المشهد الفلسطيني الداخلي:

– أولاً، خلاف دحلان مع الرئيس محمود عباس وبالتالي السلطة الفلسطينية، سيظهر دحلان في مظهر المتآمر على الشرعية الفلسطينية ووحدة فلسطين، فضلاً عن أن هذا الخلاف – بالإضافة إلى تباينه الجذري مع جماعة الإخوان المسلمين – جعله في الأساس هدفاً لحملة إعلامية وسياسية عمرها سنوات.

– ثانياً، فلول “حماس” وامتداداتها الإقليمية والدولية لن تترك الطريق معبدة لدحلان كي يفعل ما يشاء في غزة، ولو كان ذلك من مصلحة أهل غزة.

– ثالثاً، تزعم يحيى السنوار لحركة “حماس” يرشح انتقال المشهد الفلسطيني إلى حالة توتر دائمة.

– رابعاً، إن فكرة وجود دحلان في غزة كمشروع أمني فقط، فكرة ليس لها قبول وليس لها مستقبل على الأرض.

إذا استقر المجتمع الدولي على تمكين دحلان، فهو بحاجة إلى أن يقدم لأهل غزة فكرة الأمل بعد كل هذه الدماء وكل هذا الدمار، الأمل الذي يمكن أن يحول غزة من نموذج هانوي إلى نموذج هونغ كونغ. ليس عيباً أن يكون ثمن رفاه غزة – بعد كل هذه المعاناة – أمن إسرائيل، العيب أن تستمر غزة سجناً لأهلها الذين إن لم يجتروا أياماً متشابهة غرقوا في أيام سود.

وربما تكون فرصة دحلان الكبرى كامنة في تقديم الحل الجذري، من خلال “فك الارتباط التام” بين غزة وإسرائيل، ومن ذلك إيقاف الاعتماد على الطاقة والمياه من إسرائيل والاعتماد على ذلك من مصر أو من مصادر غزاوية داخلية بتمويل عربي، ومن “فك الارتباط” أيضاً منع إسرائيل من الاستفادة من الأيدي العاملة الغزاوية وتوفير بدائل وظيفية أخرى للعمالة.

كما أن فكرة “فك الارتباط” تشمل تبني دحلان لتحرير الموقوفين والمعتقلين من أهل غزة داخل السجون الإسرائيلية.

يجب أن تخرج غزة من الصراع العربي – الإسرائيلي عبر بوابة دحلان التنموية والأمنية، وفكرة “فك الارتباط” ومشروع “هونغ كونغ”، صمام أمان يلغي احتمالات النزاع والتوتر في المستقبل.

يجب أن لا يكون إخراج غزة من الصراع العربي – الإسرائيلي على حساب وحدة القضية الفلسطينية، ويمكن صيانة هذه الوحدة تحت مظلة العلاقة الطيبة التي تجمع دحلان بالمناضل الفلسطيني الأسير مروان البرغوتي، الشخصية الأكثر أهلية وشعبية ومنطقية لتولي مسؤولية السلطة والقضية الفلسطينية بعد الرئيس محمود عباس.

لا مستقبل مشرق لغزة مع وجود حركة “حماس”، والحديث عن ترحيل قادة الحركة – وعلى رأسهم السنوار – ضمن ترتيبات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، خطوة لا بد من الإصرار عليها، ولعل نجاح نموذج دحلان المأمول في غزة، يساعد الضفة مستقبلاً على الخلاص من براثن الاحتلال، أو هذا ما يجب أن يكون.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال