الى سوريا… زيارتان مفصليتان

ليندا مشلب
ليندا مشلب

يتحضر لبنان الرسمي لزيارتين مهمتين إلى دمشق الأولى لمتابعة ملفات النقل والترانزيت والنازحين السوريين، والثانية لموضوع استجرار الغاز من مصر عبر الأردن وسوريا إلى لبنان لتوليد الطاقة الكهربائية… وإذا كانت الزيارة الأولى يتم التحضير لها منذ مدة طويلة فإن الثانية استجدت بعد تحرك السفيرة الأميركية وإعلانها الموافقة على استجرار الغاز إلى معامل إنتاج الطاقة في لبنان.

ويعمل الوفد الوزاري المعني بالترانزيت والنازحين على تجهيز كل الملفات، ويضم وزراء الزراعة والصناعة والأشغال العامة والنقل والصحة والشؤون الاجتماعية، بعدما قطعت التحضيرات له شوطا ًكبيراً بانتظار تحديد الموعد قريباً خلال شهر أيلول مكلفين رسمياً من الحكومة اللبنانية، علما أن “قانون قيصر” لا يؤثر على هذه الزيارات التي لها طابع خدماتي وتجاري وعقد اتفاقيات. والهدف من الزيارة هذه تسهيل عمليات النقل البري عبر الأراضي السورية وتصدير المنتجات اللبنانية التي تأثرت وتراجعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية وخصوصاً بعد مشكلة الكبتاغون مع المملكة العربية السعودية.

أما ملف النازحين فمن المعروف أنه أكبر من لبنان وله علاقة بالتسوية في المنطقة برمتها، وحله لن يكون ببساطة عبر اتفاقية بين لبنان وسوريا إنما فقط لتسوية أوضاع السوريين الراغبين بالعودة إلى بلدهم.

والملف الأهم حالياً الذي وضع على نار حامية هو استجرار الغاز. ويقول مصدر حكومي لـ”لبنان الكبير” إن السوريين أبدوا استعدادهم للتعاون لبحث هذا الأمر وسيتوجه قريباً إلى سوريا وفد وزاري يضم وزراء الطاقة ريمون غجر والخارجية بالوكالة زينة عكر والمالية غازي وزني فور انجاز التحضيرات اللازمة بتكليف رسمي من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. ويذكر المصدر أن التعاون بين لبنان وسوريا في ملف الكهرباء ليس جديداً، فمنذ زمن ولبنان يستورد الطاقة السورية عن طريق ثلاث محطات، من خط الـ٤٠٠ عبر محطة كسارة للتحويل ومن خط ٢٢٠ عبر محطة دير نبوح ومن خط الـ٦٦ عبر محطة عنجر على حوالي ٣٥٠ ميغاواط، لكن المفاوضات السابقة مع الجانب السوري والتي كانت لها علاقة بالكلفة أفضت إلى تخفيض استيراد الطاقة إلى حوالي ٣٥٠ ميغاواط من المحطات الثلاث ثم ما لبثت أن توقفت كليا بسبب أعطال في الشبكة وعدم إمكانية تأهيلها والبالغة كلفتها ٦٥ مليون دولار. ويضيف المصدر أن التفاوض في موضوع استجرار الغاز من مصر سيفضي إلى استيراد ٧٠٠ ميغاواط من حمص إلى محطتي دير عمار والزهراني عبر شبكة الربط الخماسي في المقابل تحصل سوريا على نفس كمية الغاز من مصر مروراً بالأردن وصولاً إلى الشبكة في الشام حيث ينتهي خط الربط، علما أن هذه الكمية توفر إنتاجا ًكهربائياً يقدر بـ٥ ساعات تغذية، وإذا ما أضيف لها النفط العراقي فإن التغذية تتحسن بشكل ملموس كون الشركات المشغلة حالياً وشركات الخدمات تراجعت عن تهديدها بوقف تشغيل المعامل والصيانة في المرحلة الراهنة بعدما دفع جزء من مستحقاتها من مبلغ الـ٢٢٥ مليون دولار الذي تم الاتفاق عليه مع حاكم مصرف لبنان حتى أواخر أيلول (دفعة على الحساب)…

إذاً بانتظار تحديد موعد الزيارة وترتيبها والتي يعمل على خطها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، فإن أسئلة كبيرة تطرح: هل التفاوض سيؤدي حتماً إلى معاهدة؟ وماذا سيكون حجمها وإلى أي مدى ستنفذ؟ فالسوري ليس “كاريتاس” وليس جمعية خيرية، لذلك سنحتاج إلى وقت وتفاوض ناجح إلا إذا قررت دمشق أن تعطي لبنان من دون مقابل وبمعزل عن الأميركي… سؤال خاضع للحسابات الخاصة بالسياسة السورية في التعاطي مع لبنان كدولة أو كقوى سياسية، مع العلم أن هناك ازمة غاز كبيرة في سوريا منذ سنوات فهي خسرت ما تتراوح نسبته بين ٥٠ و٧٠ بالمئة من إمكاناتها النفطية الموجودة في إدلب خارج سيطرة الدولة.

شارك المقال