وفد وزاري إلى سوريا… والمخطوفون إلى النسيان

هيام طوق
هيام طوق

في وقت جرى فيه الحديث عن توجه وفد وزاري إلى سوريا لبحث تفاهمات رسمية وتوقيع اتفاقيات لتمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، كان أهالي المفقودين والمخفيين قسراً، يُحيون ذكرى اليوم العالمي للمفقودين والمخفيين قسراً الذي أعلنته الأمم المتحدة في 30 آب من كلّ عام يوماً دولياً لضحايا الاختفاء القسري، بكثير من الألم والدموع لأن جرحهم لم يندمل منذ 46 عاما، “وتوسعت دائرة الفقدان لتشمل الحقيقة المفقودة، العدالة المفقودة، المحاسبة المفقودة، الأمن المفقود وصولاً إلى الكرامة المفقودة”.

الأهالي اليوم يشعرون بغصة لا بل أكثر، فهم فقدوا الايمان بدولتهم التي لم تعط أي أهمية لهذه القضية الوطنية. منهم من يطلب من كل وفد أو مسؤول يزور سوريا أن يطرح قضية المخطوفين والمفقودين والمخفيين قسرا على طاولة البحث. ومنهم لا يريد من الوفد الوزاري التابع للسلطة أو من غيره، المطالبة بطرح القضية على قاعدة “فالج لا تعالج” على مدى سنوات طويلة. وهم اليوم يريدون شيئا واحدا من الدولة هو تسهيل عمل “الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً” علّها تصل الى نتائج تشفي غليلهم قبل أن تصبح القضية في غياهب النسيان.

وعلى الرغم من أن الأهالي يشيرون الى محاولات خجولة مع الدولة السورية، فهم لا ينكرون خطوة الرئيس سعد الحريري عندما زار سوريا سنة 2009، وحمل معه ملفا تضمن 622 اسماً موثقاً لدى السلطات والأجهزة الأمنية وفي المحاكم ووزارات العدل والدفاع والداخلية، وسلّمه الى الجانب السوري الذي وعد بالعمل على القضية الا ان الحكومة أسقطت حينها بفعل الثلث المعطل، وتوقف الملف لغاية اليوم.

مخيبر: تكوين ملفات جدية

يوضح النائب السابق والناشط في قضية المفقودين غسان مخيبر ان “تحديد مصير المفقودين أصبح في هيئة مستقلة وهي الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً التي أقرّت وفق القانون الرقم 105 سنة 2018. والمطالبة اليوم بالاسراع في إعطاء هذه الهيئة كل الامكانات اللازمة لتبدأ عملها بفعالية لأنها ستوثق الملفات خصوصاً ان الدولة لا تمتلك الاسماء والأدلة للمطالبة بها، ولا يجوز الحوار بالعموم، بل يجب وضع قائمة الاسماء مع الادلة على طاولة النقاش للمطالبة بالمفقودين”.

ويتحدث عن ” تقصير الدولة المتمادي منذ عقود طويلة، لكن نأمل من هذه الهيئة ان تنهي الملفات كي تحملها الديبلوماسية اللبنانية الى الدولة السورية بشكل جدي لأن المطالبات سابقاً كانت بالعموميات، وتواجه بردّ سوري أن لا لبنانيين في السجون السورية. المسؤولية، إذاً، تبدأ بتكوين ملفات جدية”، لافتاً الى ان “اللجنة الدولية للصليب الاحمر كانت قد بدأت بمساعدة عدد من الجمعيات المحلية جمع عينات الحمض النووي، وتالياً هناك معلومات كثيرة لدى اللجنة التي تنتظر بدء عمل الهيئة لتسلمها المعلومات المتوافرة لديها. المعلومات المتعلقة بالمفقودين في سوريا كثيرة انما مبعثرة والهيئة ستتولى تجميع وترتيب الملفات لمعرفة مصير المفقودين والمخفيين قسرا”.

حلواني: تفعيل عمل الهيئة الوطنية

لم يعد لدى رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني أي ايمان بأن الدولة مهتمة بهذه القضية، متسائلة: “هل أطلب من وفد أحزاب السلطة ان يطالبوا بقضيتا؟”.

وتطالب حلواني اليوم الدولة بعد أن فقدت الأمل بها “بإزالة العراقيل من أمام الهيئة الوطنية التي تشكلت بموجب مرسوم وزاري كي تقوم بعملها كما يجب، هكذا ندعم قضية المفقودين والمخفيين أينما كانوا”.

أبو دهن: تقصير الدولة فاضح

رئيس “جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية” علي أبو دهن الذي يعتبر ان “الدولة مغيبة كلياً في قضيتنا ولا تتعاون معنا أو مع الجهة السورية. وللأسف الرئيس ميشال عون أنكر وجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية في احدى المقابلات التلفزيونية، على الرغم من ان هناك أعداداً كبيرة من عسكرييه بين المخطوفين. التقصير كبير وفاضح من الدولة، وهذا يعدّ انتقاصاً من حقوق الدولة واستقلالها ما دام لديها معتقلون سياسيون خارج بلدها ولا تطالب بهم”.

“ولكي نقول الأمور بموضوعية، الرئيس سعد الحريري عندما زار سوريا سنة 2009، أخذ معه ملفا تضمن 622 اسماً موثقاً لدى السلطات والأجهزة الأمنية وفي المحاكم ووزارات العدل والدفاع والداخلية، وسلّمه الى الجانب السوري الذي وعد بالعمل على القضية الا ان الحكومة أسقطت حينها بفعل الثلث المعطل، وتوقف الملف لغاية اليوم”، يتابع أبو دهن.

ويشدد على انه “ليس لدينا أي ثقة بأن السلطة ستتحرك في هذه القضية، ونحن نتمنى من أي وفد يزور سوريا أن يطرح الموضوع على طاولة البحث والنقاش كما نتمنى على اللجنة الوزارية التي ستزور سوريا أن تضع قضيتنا على جدول أعمالها ما دام ثمّة تعاون بين الدولتين”.

شارك المقال