“إن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من الحرب، وهي فرصة كبيرة، ولكنها تحمل أيضاً مخاطر عالية، وان حزب الله يشعر بأنه مطارد مع استمرار عملياتنا العسكرية”. لم تمضِ 24 ساعة على هذا التهديد الذي أطلقه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت متوعداً “حزب الله” بـ”دفع ثمن متزايد”، حتى شنت طائرات العدو غارة جوية في عمق الضاحية الجنوبية، مطلقة أربعة صواريخ كانت كفيلة بتدمير مبنى في منطقة الجاموس، (وسط معلومات غير مؤكدة عن أنها بلغت نفقاً تحته)، مستهدفة قائد عمليات “حزب الله” إبراهيم عقيل، الذي تولى منصب فؤاد شكر، بعدما إغتالته إسرائيل قبل نحو شهرين، إضافة الى قادة ميدانيين من “قوة الرضوان”، ليخسر المجلس الجهادي للحزب (يتألف من سبعة أعضاء) أبرز عضوين فيه، إضافة إلى قادة من النخب العسكرية، اذ زعم الجيش “القضاء” على 10 قادة كبار في قيادة منظومة العمليات و”قوة الرضوان” كانوا مع عقيل، معطوفاً على ما نشره موقع “أكسيوس” نقلاً عن مسؤول إسرائيلي حول “القضاء على كامل القيادة العليا لقوة الرضوان التابعة لحزب الله بالغارة وهم نحو 20″، ما دفع رئيس أركان جيش العدو الاسرائيلي هرتسي هاليفي الى “التبجح منتشياً” بقوله: “وصلنا إلى قادة حزب الله وسنصل إلى كل من يهدد أمن مواطني إسرائيل!”.
وهذه المرة الثالثة منذ فتح جبهة “المشاغلة” في الثامن من “أكتوبر” التي تعتدي فيها إسرائيل على الضاحية الجنوبية، حيث أن الضربات الثلاث كانت عمليات إغتيال، إستهدفت القيادي في “حماس” صالح العاروري والقياديين العسكريين (من الصف الأول والطليعي) في “حزب الله” فؤاد شكر وإبراهيم عقيل. وجاء الاغتيال الجديد بعدما أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ووزير الدفاع ووزير الخارجية يسرائيل كاتس الخميس مشاورات أمنية في مقر الجيش الاسرائيلي بتل أبيب، على وقع سلسلة غارات كثيفة شنها الجيش الاسرائيلي على القطاع الشرقي من جنوب لبنان، معلناً استهداف 30 منصة صواريخ في المنطقة، ما يؤكد أن نتنياهو وفريقه العسكري كانا في صدد إتخاذ قرار بتنفيذ عمل عسكري ما، إستلحاقاً سريعاً ومباغتاً لمجزرتي تفجير أجهزة “البايجر” و”الهوكي توتي”، التي بحوزة عناصر “حزب الله”، في محاولة تهدف إلى تفكيك تأثير كلمة أمينه العام السيد حسن نصر الله، التي ركزت بصورة أساسية على إستنهاض عصب جمهوره ومعنوياته، وبالتالي تأكيد استمرار الربط بين جبهتي الجنوب وغزة، وكأن إسرائيل تريد القول انها لا تترقب أي رد فعل متوقع من الحزب.
تسارع وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية وتصاعدها، لا سيما نوعياً، معتمدة “عقيدة الصدمة”، أسقط بما لا يقبل الجدل أو الاجتهاد كل الخطوط الحمر وقواعد الاشتباك والسقوف والضوابط (حتى الأخلاقية)، ويشكل إعلاناً صريحاً من طرف واحد (إسرائيل) للحرب، أياً تكن تسميتها أو تصنيفها، الا أنها في الأيام الماضية أخذت شكل “حرب الاغتيالات المفتوحة”.
من وجهة النظر الاسرائيلية، الوقت الآن هو الأنسب للتركيز على جبهة لبنان وضرب البنى التحتية لـ “حزب الله” العسكرية والقيادية، بعد السيطرة النسبية لجيش الاحتلال على الوضع في قطاع غزّة، وهو ما يتضح من نقل معظم الفرق التي كانت عاملة في القطاع إلى الحدود اللبنانية.
التطورات العدوانية التوسعية والتصعيدية من إسرائيل، تعني أن المعادلة الميدانية لم تعد قائمة على الفعل ورد الفعل، بل بلغت الحرب الفعلية غير الكلاسيكية وغير التقليدية من جانب إسرائيل، معتمدة على الضربات الأمنية الخاطفة الفاعلة و”الموجعة”، سنداً بما يعرف بـ”الجيل الخامس من الحروب”، تجنباً للحرب البرية المكلفة وغير المهيأة لها.
أيام مفصلية حاسمة، ستحدد مسار الاتجاهات، وإلى أي مدى ستصل التطورات التصعيدية التي تتدرج إلى الأعلى يوماً بعد يوم.