سباق المسيّرات: تأهب أميركي إزاء الطموح الصيني

حسناء بو حرفوش

من قد يهيمن على السماء في حال اندلاع النزاع بين الدول الكبرى؟ يعود هذا السؤال إلى الواجهة في ظل استمرار سباق التسلح وعرض الأسلحة الأميركية من ضمن الذخائر التي ظفرت بها حركة طالبان. من الصين إلى الولايات المتحدة وإسرائيل مروراً بكوريا وتركيا، يزداد خطر هذه “الذخائر المتسكعة”. موقع “ناشيونال إنترست” الأميركي لفت في مقال أعاد نشره نزولاً على رغبة المتابعين على حد تعبير الكاتب، إلى خطر جديد قد تواجهه الولايات المتحدة الأميركية، يتمثل بعكوف الصين على امتلاك أسلحة أكثر تقدما، وتحديداً المسيّرات الانتحارية. ويعدّ مثل هذا السلاح، بحسب المقال، “بالنسبة للجيش الأميركي، سلاحاً أكثر تقدماً قد يضطرون لمواجهته في المعركة”. فما الذي يميز هذه المسيّرات؟

على غرار المسيّرات بشكل عام، قد يصعب اكتشاف هذه الطائرات المتسكعة وإسقاطها، وتحديدا النماذج الأصغر حجماً. وقد أعلن الجيش الصيني أنه يريد نوعين من المسيّرات الانتحارية، وفقًا لإعلان نُشر في موقع إلكتروني مخصص للمشتريات العسكرية الصينية، لكن المواصفات الفنية التي يجب أن تتمتع بها المسيّرات، أو رقم الذخيرة الذي يعتزم شراءها بقيت معلومات سرية.

ومع ذلك، تمتلك الشركات الصينية المصنّعة للمسيّرات بالفعل منتجات قد تلبي متطلبات جيش الجمهورية الصينية. عام 2018، كشفت شركة “China Aerospace” التي تصمم وتطور وتصنّع مجموعة من المركبات الفضائية، النقاب عن مسيّرة من طراز “CH-901″، والتي وصفتها وسائل الإعلام الصينية بأنها بطول 4 أقدام وبزنة 20 رطلاً، وبسرعة 150 كيلومترًا في الساعة، وبمدى قد يصل إلى 15 كيلومترًا بالإضافة الى قدرتها التي تدوم لساعتين. أما المسيّرة الأكبر فهي من طراز “WS-43” وتزن 500 رطل ويبلغ مداها 60 كيلومترا وبقدرة تحمل تصل لـ 30 دقيقة.

وكيفما نظرت إلى هذه الطائرات، سواء أرأيتها كمسيّرات هجومية مستهلكة أو كقذائف مدفعية متطايرة، لا شك في أن هذه المسيرات “الانتحارية” تمثل الذخيرة الفتاكة الجديدة في ساحة المعركة في القرن الحادي والعشرين. وتسعى الصين من خلال هذه الأسلحة التي يطلق عليها العملاء العسكريون اسم “الذخائر المتسكعة”، ومن الطبيعي والمفهوم أن يترددوا بالإشارة إليها على أنها انتحارية، إلى سد الفجوة بين قذائف المدفعية، التي لا يمكنها البقاء في الهواء، وإطاحة الطائرات المسيّرة الأميركية مثل “Reaper” و”Predator”. وهذه الأخيرة هي طائرات من دون طيار كبيرة ومكلفة وتتميز بمروحة وأجنحة ورأس حربي وكاميرا. وتقوم هذه المسيّرات بالدوران حول منطقة ومسحها ضوئيًا بكاميراتها لتحديد الأهداف وإرسال الصور مرة أخرى إلى المشغّل. وعندما يلتقط المشغّل هدفًا جديرًا بالاهتمام، يوجه للمسيّرة الأمر بالارتطام بالهدف بصورة انتحارية.

وتتعدد الاستخدامات المحتملة لهذه الأسلحة. وكانت فرقة مشاة البحرية الأميركية قد عرضت عام 2018 مسيّرة من طراز “Switchblade”، وهي سلاح محمول يزن 6 أرطال يمكن وضعه داخل حقيبة ظهر الجندي. وصممت “Switchblade” لحالات مثل مواجهة القوات بقذائف الهاون على منحدر عكسي لموقع (قد يكون تلاً) لا يمكن أن تصيبه الأسلحة المباشرة. وعوضا من انتظار المدفعية أو الضربات الجوية، يمكن لعنصر المشاة انتزاع “Switchblade” من حقيبته وتدمير الهدف. أو، في حال التخوف من خطر إلحاق أضرار جانبية بالمدنيين، يمكن إطلاق “Switchblade” عبر النافذة. وعلى الرغم من أن رأسها الحربي ليس أقوى من رأس القنبلة اليدوية، لكنها قوية بما يكفي في الاستهداف.

أما طائرة “هاربي” (Harpy) الإسرائيلية، المصممة للقضاء على مواقع رادار العدو، فهي سلاح أكبر بكثير. وطرحت هذه الطائرة عام 1990 كأول طائرة انتحارية في العالم، وقد يصل مداها إلى 250 ميلاً وقدرة تحملها لمدة ساعتين. ومع ذلك، على عكس الصواريخ، قد تبقى في منطقة ما لساعات، قبل تشغيل الرادار والتوجه بشكل مستقل نحو الهدف. ومن المفارقات، أن الصين اختبرت للمرة الأولى المسيّرات الانتحارية عندما باعتها إسرائيل نماذج من “هاربي” في التسعينيات، الأمر الذي أثار استياء الحكومة الأميركية. وفي الوقت عينه، تعمل روسيا أيضا على تطوير طائرات “كاميكاز” الانتحارية الخاصة بها.

والأسوأ من ذلك، قد تظهر تلك الذخائر الصينية “المتسكعة” خارج الصين. وربما أصبحت بكين المصدر الثاني للأسلحة في العالم، ويمكن العثور على طائراتها وأسلحتها في كل أنحاء المعمورة. وهذا يعني أن الجنود الأميركيين قد يواجهون مسيّرات انتحارية صينية الصنع في مناطق التوتر مثل أفريقيا والشرق الأوسط.

وكانت كوريا الشمالية أعلنت من خلال تقارير إعلامية غير مؤكدة أنها تمكنت من تطوير تكنولوجيا تنفيذ مهام استطلاع وتسجيل تجارب ناجحة. وزعم القادة العسكريون للبلاد أن المسيّرات قادرة على القيام بمناورات عسكرية ضد أهداف غير عسكرية داخل كوريا الجنوبية.

وكشفت شركة “بايكار” التركية النقاب عن “تصميم مفاهيمي” لمسيّرة جديدة تنتمي للجيل السادس من المقاتلات الحربية وتحمل اسم “ميوز” (MİUS)، الشهر الماضي، على أمل أن تعرض المقاتلة بمناسبة الذكرى المئوية للجمهورية التركية والتي تصادف عام 2023.

المصدر: The National Interest

شارك المقال