لن يصل الاحتلال للأسيرين؟

زاهر أبو حمدة

لنتفق على أن الاحتلال يبث الشائعات والمعلومات المضللة لأسباب متعددة، أبرزها تثبيط العزائم وتشويه صورة الأسرى الستة وضرب المجتمع الفلسطيني بوحدته الجغرافية والديموغرافية. أما الأهم فهو الحصول على معلومات عن الأسرى ووجودهم وطرق تخفّيهم ومعرفة خططهم.

صحيح أن أكثر من 50 ألف رجل أمن وعسكري (الجيش، قوات خاصة، يمام، شاباك، شاباس، موساد، شرطة بلديات، قوات بحرية، مشاة.. الخ) وستة ملايين إسرائيلي، وطائرات وكاميرات وكلاب وتقنيات تحسس وتعقب، في مساحة جغرافية ضيقة جداً، تبحث عن الأسرى؛ لكن بدائية الخطة هزمت التكنولوجيا. وبالتالي تحتاج أجهزة الاحتلال الى المعلومة وهي كلمة السر في كل ما حصل وسيحصل. ولذلك بثّ المعلومات عبر وسائل الاعلام الإسرائيلية وفتح الهواء للمراسلين والمعلقين العسكريين والأمنيين هدفه ليس الشرح إنما إعلان حرب نفسية إسرائيلية على الاسرى وعائلاتهم وجموع الشعب الفلسطيني.

تقول المصادر الوحيدة، أي وسائل الاعلام العبرية، إن الاسرى المتحررين لم يملكوا خطة، وتزيد أن بعض الاسرى ساعدتهم المصادفة والكثير من الحظ. وهنا السؤال: كيف امتلكوا خطة للحفر والخروج ولم يفكروا بخطة بعد الخروج من النفق؟ وهنا تبدو الإجابة من البديهيات: نعم يمتلكون خطة وطبيعي جداً ألا يفصحوا عنها للمحققين أو المحامين. ومع مرور الوقت وبعد تحررهم سنكون شاكرين لو أخبرونا أدق التفاصيل. ويكفي معرفة أنهم تفرقوا في البداية الى ثلاث خلايا ومن التباعد في جهات مختلفة لنتأكد أن لديهم خطة ويبدو أنها مُحكمة لولا بعض الجزئيات غير المكشوفة حتى الآن.

وإذا دققنا قليلاً بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، سنجدها متضاربة إلى حد التناقض وفيها الكثير من الضحك؛ فهم أنفسهم منعوا النشر في قضية الأسرى، ليعودوا ويسمحوا بنقل ما يريدون؛ لا بل إن أفيف كوخافي أجرى مقابلة صحافية وأطلق بعض التهديدات لمدينة جنين ومخيمها. وفي حين كان الاعلام العبري يتحدث عن مساعدة خارجية للأسرى كي يصوّر الأمر على أنه شبكة كبيرة هزّت أمن الدولة وليس أفرادا يتوقون للحرية، ليعود ويشير إلى أنهم لم يتلقوا أي مساعدة. هكذا تتخبط إسرائيل وتحاول عكس صورة الهزيمة لمشهد فيه شيء من الكبرياء المهشم.

إقرأ أيضاً: “الأوبامنش الفلسطيني” يفكّ لغز جلبوع

ويبقى السؤال المطروح حالياً: أين ذهب الاسيران مناضل نفيعات وأيهم كممجي؟ أما الإجابة المتوقعة وفقاً لكلام كوخافي، أنه يرجح توجههما كل على حدة، الى جنين. وهذا يعني أن إعادة اعتقالهما ستكلف دماً ودماً غزيراً. وهذا يؤكد أن اعتقالهما فيه صعوبة بالغة، ربما تؤدي الى حرب جديدة، وهذه المرة ليس مع غزة وحدها إنما مع الضفة المحتلة وبالرصاص والعبوات وليس بالتظاهرات وعمليات الطعن والدهس.

وفي المحصلة، نجح سيناريو الاسرى وهو التحرر ولو لوقت قصير، فيما يلملم الاحتلال انكساراته المتوالية، وسيكون الانكسار الأمني والإعلامي والنفسي حين يمر الوقت ويعلن نفتالي بينيت: وصلنا لطريق مسدود في الوصول الى أيهم ومناضل.

شارك المقال