عن لعبة إيران وأولوياتها في أفغانستان

لبنان الكبير

ركز موقع “ذا ويك” (the week) الهندي في مقال، على قراءة تشبّه مسار التطورات الحالية في أفغانستان بالاضطرابات في التسعينيات، وتحديداً بانتقاد إيران لتورط باكستان في هجمات طالبان في وادي بانشير. ويجد التركيز الهندي على التطورات الأخيرة في أفغانستان وبين إيران وباكستان جذوره، في تمسك نيودلهي بالحصول على شركاء نظراً لموقعها الجغرافي، علماً أن شراكاتها معروفة تاريخياً مع روسيا وحليفتها الإيرانية.

وبحسب المقال المذكور، “نددت إيران بشدة بالهجوم الذي شنته طالبان على وادي بانشير الذي يشكل المعقل الأخير للمعارضة المسلحة في أفغانستان، مع تسطير التدخل الأجنبي في القتال بين طالبان وقادة المتمردين بقيادة أحمد مسعود، وفي ذلك إشارة مبطنة لباكستان. وترافق هذا الموقف مع الدعوة إلى التحقيق في هذا التدخل الأجنبي، مع العلم أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية سعيد خطيب زاده أكد أن بلاده باشرت بالفعل التحقيق في التطورات التي تبعث على الكثير من القلق. كما أفادت تقارير بتدخل إسلام أباد المباشر لصالح طالبان. وتذكّر هذه الأحداث بشكل كبير بفترة التسعينيات المضطربة، حين شكلت إيران في تلك الفترة، واحدة من أكثر منتقدي حركة طالبان السنية التي تسيطر عليها باكستان والتي تشق طريقها إلى السلطة في أفغانستان.

موقف إيراني متغير

وفي بداية العام 2021، والذي شهد شنّ طالبان لحملتها العسكرية الثانية، بدا أن إيران قد أصلحت علاقاتها مع الجماعة الإسلامية. وللتذكير، صرح خطيب زاده الشهر الماضي بأن طالبان جزء من مستقبل أفغانستان وأن إيران ملتزمة بتسهيل المفاوضات وأنها مصرة على إعطاء فرصة للجميع وأن لكل الفرقاء الحق في التعبير.

فهل هناك تغيير في الموقف الإيراني؟ وإذا كان الحال كذلك، فما العوامل التي اضطلعت به؟

لعبة إيران في أفغانستان

من أجل فهم مصالح إيران في أفغانستان، لا بد من التوقف عند الحقائق العرقية المعقدة التي ترتكز اليها سياسة كابول. ويشكل البشتون الأغلبية النسبية في أفغانستان، إضافة إلى الأقليات الأخرى مثل الطاجيك والأوزبك والهزارة. ولطالما دافعت إيران عن الهزارة الشيعية التي تشكل إحدى أكثر الأقليات اضطهادًا في أفغانستان والطاجيك الناطقين بالداري (وهي لهجة شرقية من الفارسية).

وفي التسعينيات، اشتعلت شرارة الغضب في إيران مع اتهام حركة طالبان بإبادة جماعية للهزارة في مدينة مزار شريف الكبرى والتي تقع شمالي البلاد. كما اتهمت إيران في وقت لاحق طالبان بتجويع الأقليات في مدينة باميان وسط أفغانستان. وفي الواقع، في ذروة الحرب الأهلية عام 1998 في أفغانستان، اقتحمت طالبان مزار شريف في 8 آب، وحاصرت ثمانية ديبلوماسيين إيرانيين ومراسلين من وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية في مبنى القنصلية وقتلتهم جميعا. ودفع هذا الحادث البلدين إلى شفا الحرب.

علاوة على ذلك يُنظر إلى إيران على أنها واحدة من أكبر موردي الأسلحة والمدفعية للزعيم الطاجيكي أحمد شاه مسعود (ابنه أحمد مسعود)، الذي هزم طالبان في جميع أنحاء البلاد. لكن الحقائق السياسية تغيرت في عشرينيات القرن الحالي. وقد أرادت طهران إبعاد الولايات المتحدة من المنطقة، في ظل أولويات رئيسية متعددة الجوانب، وأولها الحفاظ على العلاقات التجارية مع أفغانستان والعمل كنقطة ارتكاز للتجارة عبر آسيا الوسطى (وهذا ممكن من خلال أفغانستان).

أما الأولوية الثانية فهي تجنب أي اهتزاز في استقرار المنطقة نظراً لما يمكن أن يؤدي إليه من هجرات جماعية عبر الحدود الإيرانية، وهي هجرات تعتبر طهران أنها غير مستعدة لها مع استمرار العقوبات الغربية عليها.

إقرأ أيضاً: نموذج طالبان يستهوي الميليشيات العراقية

أما الأولوية الثالثة والأهم فهي أمن الحدود، حيث تخشى طهران من قيام طالبان بإيواء مجموعة من المتمردين والإرهابيين الذين يستطيعون التسبب باضطرابات في مناطق مثل سيستان وبلوشستان. كما أن هناك مؤشرات الى استعداد طالبان للأخذ والرد مع إيران بشأن هذه القضية. وقد قيل أن طالبان قتلت عمير نارويي، شقيق قائد جماعة جيش العدل البلوشية المناهضة للنظام الإيراني، والتي تسعى إلى استقلال بلوشستان وتشن هجمات ضد أفراد النخبة من الحرس الثوري الإسلامي. وليس من شك في أن إيران تهتم بأي ضمانات على الجبهة الأمنية.

ما الذي تغير الآن؟

السؤال الذي يطرح حاليا هو ما الذي تغير الآن؟ والحق أنه لا يمكن للمرء إلا أن يتكهن. “لربما قدمت طالبان لإيران وعودا بتمثيل الهزارة والطاجيك في حكومة كابول، وهو ما لم يتم احترامه بشكل محتمل في النهاية. ومع الإعلان عن الأسماء الحكومية الرئيسية، بدا وكأن الإدارة الجديدة مكونة من البشتون بالكامل. ولربما تشعر إيران بأنها مقيدة سياسياً أيضا، نظرا إلى حملة الأرض المحروقة التي شنتها طالبان ضد الطاجيك في بانشير”.

المصدر: the week

شارك المقال