همّ بعبدا إنقاذ باسيل لا التأليف وهيل يغادر بهدية حدودية عونية

رواند بو ضرغم

وضع مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل في جيبه تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن تعديل مرسوم الحدود البحرية الجنوبية، وأصبحت باقي الملفات تفاصيل عند الأميركي وخارج نطاق اهتماماته، وعاد هيل أدراجه متقاعداً منتصراً أمام إدارته الجديدة.

وفق المعلومات، حاول المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي إظهار نفسه للأميركيين، أنه هو من أقنع الرئيس عون بعدم التوقيع على مرسوم تعديل الحدود، ليس فقط لأنه يحتاج إلى جلسة مجلس وزراء، إنما أيضًا لأنه يؤثر سلباً على التفاوض المتوقف أصلاً، وسيزيد الإشكالية بين المتفاوضين، وكذلك نتيجة استحالة الاستفادة من المردود الاقتصادي في حال إرسال المرسوم إلى الأمم المتحدة واستمرار توقف التفاوض. والأهم من كل ما تقدم أن الفريق الرئاسي لم يكتفِ فقط بالالتزام بعدم توقيع المرسوم، إنما أيضاً وعدوا زائرهم الأميركي بعدم انعقاد جلسة لمجلس الوزراء بهدف البحث في هذا المرسوم. لذلك تأكد الأميركي من أن المرسوم انتهى أمره ودفن على خطي بعبدا والسراي.

بعد هذا النجاح الحدودي، بات ملف تأليف الحكومة أمراً غير ذي أهمية أو أولوية أميركية. فهذا الملف أصلاً لزّمه الأميركي للفرنسي، وهم يدعمون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مبادرته، بتأليف حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، لا أثلاث معطلة فيها.

حاول الفريق الرئاسي إقناع الموفد الأميركي بأنهم لا يطالبون بالثلث المعطل، وهم راضون بحكومة من 24 وزيراً، وأن العرقلة هي من قِبل الحريري ولا دخل لبعبدا و”التيار الوطني الحر” فيها، على اعتبار أن الحريري ينتظر ضوءاً سعودياً أخضر. فتدخلت السفيرة الأميركية دوروثي شيا متوجهة لجريصاتي بالقول: “كل هذه الادعاءات غير صحيحة، فالحريري يؤكد أنه لا ينتظر موافقة السعودية ولا أي طرف خارجي آخر، ويقول أيضاً إن فريق رئيس الجمهورية ينفي تمسكه بالثلث المعطل في العلن ولكن في الحقيقة يطالبون بأكثر من الثلث من خلال تمسك الفريق الرئاسي بتسمية كل الوزراء المسيحيين”.

وفي التفاصيل، فإن مناورة بعبدا مبنية على حصة ثابتة من ثمانية وزراء (٦ مسيحيين + أرمني + درزي)، ويصر الفريق الرئاسي على تسمية الوزيرين المتبقيين المسيحيين ورفض تسمية الحريري لهما، بما يجعل حصة عون في الحكومة مؤلفة من 10 وزراء. إلا أن طرح الحريري يقضي بأن يقترح لتسمية هذين الوزيرين، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي وباقي النواب المسيحيين الذين سموا الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة، وأن يقدموا لائحة بأسماء اختصاصيين مسيحيين يقوم الحريري باختيار اسمين منهم. إلا أن هذا الطرح مرفوض أيضاً من عون وتياره. وهنا تكمن العرقلة وتعذُّر ولادة الحكومة.

الهمّ الرئاسي ليس هنا. الهمّ الرئاسي ليس تأليف حكومة إنقاذية للبلاد، بل تراجع الأميركيين عن العقوبات المبرمة على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

ووفق المعلومات، في اللقاء الذي جمع هيل بمستشار عون الوزير السابق سليم جريصاتي والوزير السابق الياس بو صعب المقرب إلى باسيل، والنائب آلان عون، حاول جريصاتي وبو صعب معرفة ما اذا كان هناك أي احتمال للتراجع عن العقوبات على باسيل، إلا أن هيل أكد أن هذه العقوبات وضعت على أساس قانون ماغنتسكي، وفقط الخزانة الأميركية هي من تنظر في هذا الموضوع ولا دخل للخارجية بها، وليس هناك أي بوادر للتراجع عنها ولا يمكن أساساً إلا باتباع الأطر القانونية. فحاول جريصاتي وبو صعب أن يعلما من هيل ما إذا كان هناك أي اتجاه أميركي لعقوبات إضافية قد تطال فريق رئيس الجمهورية. الا أن إجابات الاميركيين عن هذه الأسئلة معروفة سلفاً، وهي اللاجواب.

وعليه لا يزال سيف العقوبات مسلطاً على المعرقلين، ولم يتلقّ فريق رئيس الجمهورية جواباً مطمئناً من هيل يمكّنهم من الاستمرار في المناورة الحكومية. أما أفق التأليف فلا يزال مسدوداً، يحكمه انعدام الثقة بين طرفي التأليف، وحرب إلغاء سياسية تفرض معادلة رئاسية ترث عهد ميشال عون.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً