صور الأسد تزين الدمار

حسناء بو حرفوش

انطلقت التحضيرات في الداخل السوري للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 26 أيار الجاري بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب “أسفرت عن مقتل مئات آلاف الأشخاص واعتقال عشرات الآلاف واستنزاف الاقتصاد وتشريد أكثر من نصف السكان بين نزوح وهجرة”. وبين “البنى التحتية التي استحالت ردماً، نصبت ملصقات عملاقة وصور للرئيس السوري بشار الأسد لحشد التأييد الشعبي والظفر بالانتخابات”. في هذا السياق، كرست صحيفة “ذا غارديان” البريطانية ملفاً على موقعها الإلكتروني يسلط الضوء على التباين بين صور الأسد “التي تظهره كالعين الساهرة على البلاد” وديكور من “الدمار الذي مزق سوريا” و”الأطلال” التي انتشرت في عدد كبير من المناطق.

 

وفي الملف، “ملصقات تبحث عن التأكيد على عين الرئيس “الطبيب” (في إشارة لتخصصه العلمي) لكنها تلوح في الأفق فوق سوريا الممزقة”. كما “تنتشر صور وملصقات الأسد على السيارات وجدران المطاعم والمباني التي تحولت إلى أنقاض”.

وفقا لـ”غارديان”، “لقد تم إلصاق وجه بشار الأسد على جميع أنحاء البلاد، بعد عقد من سحقه الاحتجاجات الأولى ضد حكمه. ألصقت صوره في حلب القديمة التي فرغ مدخلها إلا من عربة للألعاب بلا زبائن. السوق التاريخي، الذي شكّل يومًا ما نقطة رئيسية على طريق الحرير، تعرض للتدمير في القتال بين المتمردين والقوات الحكومية في العام 2012”.

كما “أرفقت الصور والملصقات بشعارات على حائط في أحد أحياء دمشق مثل “دام عزك يا أسد” (فليدم عزك إلى الأبد).” وتنوعت “إطلالات الأسد في الصور والملصقات فيظهر في بعضها بالزي العسكري وفي البعض الآخر بالملابس المدنية، وهو يبتسم أو ينظر إلى الخلف أو بشارب أو حليق الذقن، أحياناً بمفرده وفي صور أخرى مع أخيه ووالده”.

وتتباين “ابتسامة الأسد مع مشهد رجلين يسيران عبر أنقاض شرق حلب التي انتزعتها الحكومة من المعارضة في العام 2016 بعد سنوات من القتال العنيف”. كما تتناقض “إطلالته التي تقرّبه من العين الساهرة” مع “طابور النساء المصطفات للحصول على الخبز في حي هنانو شرق حلب حيث تشكّل طوابير الخبز مشهدًا شائعًا بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي أدت إلى تضاعف أسعار السلع الأساسية ثلاث مرات في فترة نحو أكثر من عام. وعلى الرغم مما يعلن عن دعم أسعار المنتجات، إلا أن العديد من العائلات لا تستطيع سوى الشراء بنصف قيمة المبلغ الذي كان باستطاعتها تأمينه سابقاً”.

وفي حلب الأثرية أيضاً، “صور نصبت فوق ما أضحى معقلاً عسكرياً آخر، وفوق مقهى صغير وضعت فيه الكراسي والطاولات في الساحة المقابلة لقلعة عرفت ذات يوم بمتحف تاريخ المدينة. الأسد عين ساهرة ههنا، ينظر من فوق جنوده بينما تغطي الملصقات مدخل القلعة. وشكّل شرق حلب، الذي خضع لسيطرة الثوار من العام 2012 إلى عام 2016، موطنًا لبعض المواقع التاريخية في المدينة، ولكنه تعرض للقصف بلا هوادة خلال الحرب”.

و”على الطريق السريع بين دمشق وحمص ملصق يحذّر “من التجرؤ على المس بسوريا” مع صورة للأسد وهو يشير بإصبع التهديد. “وتحت الملصق، صورة أخرى له إلى جانب حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، الذي قاتل إلى جانب قوات الأسد”. ووفقاً للموقع، لم تعد الأمور إلى طبيعتها في هذه المنطقة “بعد 10 سنوات من الدمار”. “لقد أصبحت الحياة الطبيعية مجرد وهم بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في ضواحي دمشق وحمص وحلب وفي المناطق التي عاد إليها النازحون. أعيد افتتاح بعض المتاجر الصغيرة بين الأنقاض، لكن الطوابير أمام مراكز تسليم المساعدات الغذائية تتزايد باستمرار. اليوم، يعيش 90٪ من السكان تحت خط الفقر”.

وفي دمشق، “قام أصحاب المتاجر بطلاء المصاريع الدوارة للمحلات بألوان العلم السوري في مشهدية مألوفة في العاصمة حيث تم تشجيع المالكين على القيام بهذه الخطوة للتأكيد على ولائهم للرئيس”. وانتشرت علامات الولاء هذه لتطال “الشعارات على نوافذ السيارات مع تصوير الأسد في قلب شعار النبالة السوري، وهو يراقب من بعيد”.

وتبقى أكثر الصور تأثيراً تلك التي تعكس التباين بين الأمل بالمستقبل وعقم الحاضر. “الأولاد يلعبون كرة القدم في باحة قلعة حلب ولا يولون سوى القليل من الاهتمام للحطام المحيط بهم. لم يعرف معظم هؤلاء الأطفال إلا الحرب”.

وكان مجلس الشعب السوري قد أعلن بالاضافة إلى موعد الانتخابات المرتقبة داخل سوريا “موعد الانتخابات للسوريين في السفارات في الخارج” في 20 أيار. وفتح باب الترشح للانتخابات التي تحصل للمرة الثانية خلال سنوات النزاع، اعتباراً من الإثنين ولمدة عشرة أيام.

هذا وتقطع شروط الترشح للانتخابات الطريق أمام المعارضين المقيمين خارج سوريا، لأنها تفترض أن يكون المرشح قد أقام في سوريا خلال الأعوام العشرة الماضية بشكل متواصل.

وترزح سوريا عشية هذه الانتخابات تحت أزمة اقتصادية تفاقمت تحت وطأة العقوبات الغربية والإجراءات المتعلقة بجائحة كورونا، “فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً