البنزين والدولار يفتكان بمعارض السيارات

جنى غلاييني

أزمة عنوانها “الشمولية” تطال كافة قطاعات لبنان الحيوية وتؤثر سلباً في حياة المواطن، إلاّ أن الأخير لم يكن يتوقع أن تعيده هذه المشاكل الى حياة بدائية لا تمكّنه من إنجاز أبسط أموره. اليوم قطاع السيارات الذي يعتبر الواجهة كان له الحصّة الأكبر من تداعيات الأزمة، فلا بنزين لتعبئة هذه الوسيلة ولا دولارات لشرائها، لتتحوّل السيارة الى “مزهرية” نزيّن بها مدخل المنزل.

اليوم، وبسبب الأزمة الحالية، تراجعت أرباح هذا القطاع بشكل كبير، ويقول نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة وليد فرنسيس ‌لـ‌”لبنان‌ ‌الكبير”: “مبيعاتنا متراجعة بنسبة 95% وسببها الأساسي يعود الى أزمة البنزين التي تضررنا منها أضعاف أزمة الدولار”. ويشرح: “استيرادنا للسيارات من الخارج شبه متوقف لأننا نجد صعوبة في التحويلات المالية لذا فضّلنا أن نشحن الى بلدان أخرى مثل دبي وأفريقيا لأن تجارتنا فيها تتم بشكل أسرع وتحصد أرباحاً مادية أكثر”.

لكن يؤكد فرنسيس أنّ “احتمالات إفلاس أصحاب معارض السيارات ضئيلة، فالمعارض التي أقفلت أبوابها سابقاً ربّما كانت مديونة ورصيدها غير كافٍ لمواصلة بقائها، لكن اليوم هناك معارض تملك أرصدة ضخمة وأعداداً كبيرة من السيارات تصل قيمتها الى ما فوق المليون دولار وهي بالتالي لن تفلس وتقفل فجأة”.

ويتابع: “وهناك بعض معارض السيارات الفخمة أيضاً والتي تدعم عدداً من العائلات بإعاشات وإعانات، وبالتبرع للصليب الأحمر، والمساهمة في بناء الكنائس، وتقديم سيارات لمخابرات الجيش والجمارك والأمن الداخلي، وتدعم بلديات وحفلات، لذا من المستحيل أن يفلس مثل هذا النوع من المعارض”. ويضيف: “الأزمة شاملة كل القطاعات لكن وفي عز هذه الأوضاع لا يزال هناك أفراد من الطبقة الميسورة مادّياً يشترون سيارات يبلغ سعر الواحدة منها 50 ألف دولار فما فوق”.

ويختم: “أكثر من 20 ألف سيارة وصلت الى مرفأ بيروت هذه السنة مما يعني أنّ هناك حركة بيع في السوق اللبناني، لذا لا إقفال للمعارض وأجور العاملين أصبحت تُدفع بالدولار أيضاً”.

في المقابل، يقول ‌نقيب‌ ‌مستوردي‌ ‌السيارات‌ المستعملة‌ ‌إيلي‌ ‌قزي لـ”لبنان الكبير”:‌ “‌للأسف‌ نحن ‌في‌ ‌طريقنا‌ ‌الى‌ ‌الإفلاس‌ ‌والإقفال‌ ‌التام‌ ‌إذا‌ ‌استمرّت‌ ‌الأوضاع‌ ‌على‌ ‌هذه‌ ‌الحال”.‌ ‌ويشرح: “الناس‌ ‌أصبحت‌ ‌تتمنّع‌ ‌عن‌ ‌شراء‌ ‌سيارة‌ ‌حالياً‌ ‌بسبب‌ ‌أزمة‌ ‌البنزين‌ ‌التي‌ ‌لا‌ ‌تزال‌ ‌في‌ ‌تفاقم‌ مستمر، وفي ظل‌ ‌هذه‌ ‌الأوضاع‌ ‌الصعبة‌ أصبح المواطن ‌يبحث‌ ‌عن‌ ‌لقمة‌ ‌عيشه ‌وليس‌ ‌عن‌ ‌سيارة‌ ‌جديدة،‌ ‌مما‌ يدفع‌ ‌كل‌ ‌عائلة‌ ‌لديها‌ ‌5‌ ‌أو‌ ‌6‌ ‌سيارات‌ ‌كحد‌ ‌أقصى‌ ‌الى‌ ‌الاستغناء‌ ‌عن‌ ‌أغلبيتها‌ ‌والاعتماد‌ ‌على‌ ‌سيارة‌ ‌واحدة‌ ‌لعدم‌ ‌قدرتهم‌ ‌على‌ ‌تأمين‌ ‌البنزين‌ ‌أو‌ ‌تأمين‌ ‌أبسط مقوماتهم‌ ‌المعيشية”. كما يشير الى أنّ “السيارة‌ ‌أصبحت‌ ‌عبئا‌ ‌على‌ ‌المواطن،‌ ‌فأي‌ ‌عطل‌ ‌فيها‌ يكلّفه‌ ‌مبالغ‌ ‌كبيرة‌ قد ‌يكون‌ ‌غير‌ ‌قادرٍ‌ ‌على‌ ‌تحمّلها”‌. ويوضح: “هناك‌ ‌العديد‌ ‌من‌ ‌الزبائن‌ يعرضون‌ ‌استبدال سياراتهم الكبيرة‌ بسيارات ‌أصغر‌ لتوفير ‌البنزين‌، وحركة‌ ‌استيرادنا‌ ‌للسيارات‌ ‌في‌ ‌تراجع‌ ‌مستمر،‌ ‌كنّا‌ ‌نستورد‌ ‌فوق‌ ‌الـ‌50‌ ‌ألف‌ ‌سيارة‌ ‌والآن‌ ‌نستورد‌ ‌على‌ ‌الطلب‌ ‌فقط‌ ‌أو‌ ‌بأعداد‌ ‌صغيرة‌ ‌لاستمراريتنا‌ ‌وإثبات‌ ‌وجودنا”‌.

ومع‌ ‌انعدام‌ ‌القروض‌ ‌من‌ ‌المصارف‌ ‌واعتمادها‌ ‌على‌ ‌تسعيرة‌ ‌الـ‌3900‌ ‌للسحب،‌ يوضح: “يعتمد‌ ‌أصحاب‌ ‌معارض‌ ‌السيارات‌ ‌على‌ ‌الدفع‌ ‌النقدي‌ ‌من‌ الزبائن‌ ‌وعلى‌ ‌أساس‌ ‌الدولار‌ ‌لكون‌ ‌أسعار‌ ‌السيارات‌ ‌انخفضت‌ ‌مع‌ انهيار الليرة اللبنانية”.‌ ‌

ويختم: “كل‌ ‌يوم‌ ‌نستفيق‌ ‌على‌ ‌مصيبة،‌ ‌حتّى‌ ‌ارتطمت‌ ‌معارض‌ ‌السيارات‌ ‌بمصيبتها،‌ ‌وإذا‌ ‌أردنا‌ ‌إطلاق‌ ‌صرخاتنا‌ ‌لن‌ ‌نلقى آذاناً صاغية‌ ‌و‌الجهات المعنية‌ ‌لن‌ ‌تلتفت‌ ‌لنا،‌ ‌لذا‌ ‌نحن مجبرون‌ ‌على‌ ‌تحمّل‌ ‌هذه‌ ‌الأزمة‌، وحالياً ننتظر ‌أداء‌ ‌الحكومة‌ ‌الجديدة‌ وإصلاحاتها لنرى ما إذا سنكون قادرين على الاستمرار‌ أو سنتجه الى الإقفال”.

شارك المقال