الفاتورة الاستشفائية مدولرة… والمشكلة بالجهات الضامنة!

تالا الحريري

منذ بداية الأزمة الاقتصادية تدهورت الحال الصحية للمواطن اللبناني بسبب غلاء كلفة الاستشفاء من جهة، وغياب الأدوية والمستلزمات الطبية من جهة أخرى، إلى أنّ ارتفع الدولار ارتفاعاً جنونياً وباتت كل القطاعات مدولرة، وهذا الأمر انسحب على القطاع الطبي والاستشفائي وباتت فاتورة الاستشفاء بالدولار.

في حلقة من برنامج “صحة dose” أوضح نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هاورن في مداخلة عبر زووم  أنّ “دولرة فاتورة المستشفيات كانت مطبقة قبل صدور القرار، والمستشفيات مجبرة منذ سنة على أن  تفوتر بالدولار لأن كل شيء ندفعه بالفريش دولار سواء المشتريات الطبية أو غير الطبية.  للأسف الجهات الضامنة لم تواكب تطور سعر الدولار وبالتالي بقيت تعريفاتها على سعر أقل من الدولار الفعلي”.

وأشار إلى أنّه “تم التواصل مع وزير الصحة ولا يزال التفاوض قائماً، لكن هناك خشية لدى الوزير من دولرة الفاتورة الاستشفائية. في الواقع لا أحد ينكر ضرورة وجود الدولرة، المشكلة في الجهات الضامنة الرسمية التي ليست لديها القدرة على تحمل هذه النقلة الكبيرة في التعرفات”.

وطالب الجهات الضامنة بأن “تعترف بالواقع وبالتالي أن تضع مؤشراً للتعرفات الاستشفائية مثل مؤشر الأدوية وغيره، وبضرورة تعديل التعرفات لمواكبة سعر الدولار حتى نوفّر فروقاً على المريض الذي لم يعد يحتمل الفروق التي يدفعها عند دخوله الى المستشفى”.

وعن سبب اتخاذ قرار الدولرة الآن والبدء بتنفيذه على الرغم من أنّ كل المستلزمات بالدولار منذ البداية، قال هارون: “المستلزمات كانت مدعومة، رُفع الدعم عنها فارتفعت الكلفة فجأة. المستشفيات مجبرة على دفع كل شيء  نقداً عند التسليم، وهناك مقولة إنّ المستشفى يأخذ فروقاً من المرضى، هذا صحيح، لكن هذه الفروق ليست كافية حتى ندفع فيها كل شيء نقداً. وهناك مستشفيات لديها صعوبة في الحصول على الدواء للمرضى لأن الجهات الضامنة الرسمية تتأخر في تسديد مستحقاتها للمستشفيات”.

وعن إمكان وجود اتصالات دولية مع الجهات المانحة من أجل تأمين استمرارية المستشفيات، أكّد هارون محاولة التواصل مع هذه الجهات “لكن هناك حاجزين لحصولنا على الدعم الخارجي، أولها اتجاه كل الجهات المانحة الى تقديم المساعدات للمستشفيات الحكومية وليس الخاصة، ثانياً أبدت استعداداً لاعطاء مساعدات للقطاع الاستشفائي الخاص شرط انتظام الحياة السياسية في البلد مع حصول اصلاحات وقوانين ضد الفساد، يعني تقوم بوضع شروط علينا كقطاع خاص. لا نأمل بأي دعم خارجي الا بانتظام الحياة السياسية والقيام بما هو مطلوب كمكافحة الفساد وغيره”.

أمّا رئيس مجلس إدارة “مستشفى الساحل” النائب الدكتور فادي علامة، فأكد من داخل استديو “لبنان الكبير” أنّ “هناك خيارات كثيرة أمامنا، إما إقفال هذه المؤسسات الاستشفائية ومقابل ذلك المستشفيات الحكومية غير قادرة على القيام بالدور اللازم، وإما اللجوء إلى استراتيجية معينة والخيار كان بالدولرة لأن كل شيء بالدولار. المواطن يتحمل نتيجة هذه القرارات، والمرضى يتجنبون الدخول إلى المستشفى لأن لا قدرة لديهم، نرى أنّ أقسام الطوارئ فيها مرضى لكنهم يأتون في مراحل متأخرة بحيث يكون مستوى المرض عالياً  وحالاتهم أصبحت حرجة لأنّهم يتجنبون الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى منذ البداية لأنّه أصبحا مكلفين. كما أنّ معظم المستشفيات يعمل بنصف قدرته الاستيعابية”.

ولفت إلى أنّ “الآلية انعكست من ناحية التغطية الاستشفائية، كانت المؤسسة الضامنة الرسمية تغطي 90% والمريض يدفع 10% الآن بات العكس. وصلنا الى انهيار شبه تام في القطاع الصحي والاستشفائي، واذا أكملنا على هذا المسار فلن يبقى لدينا نظم صحية تستطيع الاهتمام بالمريض. اليوم يجب أن يكون هناك آليات تستطيع الدولة اللبنانية بالتواصل مع المجتمع الدولي اقناعه بتخصيص نوع من السلف للقطاع الصحي الحكومي والخاص حتى يخفف عن كاهل المواطن”.

وعن غياب التغطية الصحية الشاملة، قال علامة: “نعمل على مشروع موجود منذ 15 سنة في مجلس النواب المسمى بالبطاقة الصحية ويقصد به التغطية الصحية الشاملة. الكثير من الدول الغنية والمستقرة أكثر منا، لم تطبق التغطية الصحية الشاملة بعد واليوم هناك دعوات من كل المنظمات العالمية التي تعنى بالشأن الصحي للجميع الى اعتماد نظام التغطية الصحية الشاملة خصوصاً بعد فيروس كورونا وتحسباً لأي وباء جديد”.

وشدد على أن “التغطية الصحية هي الحل الذي يجب اعتماده، هذا النظام يخوّل أي مواطن أن يدخل أي مؤسسة سواء كانت خاصة أو في أي منطقة موجود فيها لكن هناك شروط لها وهي أن لا يتوجه فوراً إلى الطبيب أو المستشفى بل يتوجه إلى مراكز رعاية أولية. هذا كله يعتمد على الوقاية والتوعية ويخفف من الانفاق”.

ولفت الى أن “المشكلة سابقاً كانت بالحوكمة والتمويل، اليوم مع التطور الرقمي وهو الأساس اذا نجح مشروع كهذا يمكننا معرفة الأدوية التي يأخذها المريض ولأي سبب، وحتى  لا نكرر الفحوص في أكثر من مكان يجب أن أعتمد  على مراكز الرعاية الصحية (بات لدينا فوق الـ260 مركزاً في لبنان) حتى يكون الملف الطبي الموحد موجوداً ويستطيع الطبيب مراقبة ملف المريض عن قرب أو بعد، وهذا كلّه يخفف من الكلفة الاستشفائية في المستقبل ويحسن  معدل أعمار الناس”.

شارك المقال