أبو حيدر لـ “منحكي لنحلها”: سياسة الدولرة ترقيعية لكنها أفضل الممكن

راما الجراح

أكد المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر أنه “لا دولرة للاقتصاد ككل، بل استخدم الدولار كمعيار لعرض الأسعار حتى لا يتم التلاعب بها، وبالتالي استخدام الدولار اليوم كمرجع للتسعير والدفع يكون بالعملة المحلية أو الدولار، والأمر يعود للمستهلك. ومن خلال كل التجارب والسنوات الأخيرة كان تفلت سعر الصرف من أبرز المشكلات التي نعاني منها، وخصوصاً أن ٨٦٪ من طعام اللبناني مستورد، وأي إنفلاش في سعر الدولار يقابله انخفاض في القدرة الشرائية من جهة، والتلاعب بالأسعار من جهة أخرى”.

وقال أبو حيدر لبرنامج “منحكي لنحلها”: “لاحظنا أن هناك سرعة في رفع الأسعار عند ارتفاع الدولار، وتلكؤاً في تغييرها عند انخفاضه، وعلى سبيل المثال عندما يكون سعر صرف الدولار في السوق السوداء ٣٠ ألف ليرة، يتم التسعير في المحال التجارية ٤٠ ألفاً وما فوق لحماية رأسمالها، ومن هنا، بإعتماد الدولار كتعرفة للأسعار نكون قد أنقدنا المستهلك من كل هذه الأمور ومهما ارتفع سعر صرف الدولار أو انخفض لا تتغير الأسعار”.

وأشار إلى أن “الدولرة تعتبر في ظل عدم الاستقرار على مستوى سعر الصرف، حلاً من أفضل الممكن، ونحن مستمرون في مراقبة الأسعار في المحال التجارية وبعدد قليل من الموظفين وبإضرابات وغيرها، ونعمل على تعديل فقرات في قانون حماية المستهلك في اللجان الفرعية، وهناك شبه إجماع على النقاط التي تمس بسلامة الغذاء، ومن غير المقبول وجود لحوم ودجاج فاسدة مثلاً في المحال أو سلع منتهية الصلاحية، وفي المقابل يسطر محضر ويحال على القضاء لدفع البدل المالي فقط، وهذا العقاب الخفيف غير مقبول، ويجب أن نُشهر فيه ليكون عبرة لغيره، وهنا نكون قمنا بخطوة مهمة يمكن أن تحد من هذه المشكلات وتحمي المستهلك فعلياً”.

وبالنسبة الى تهديد الأمن الغذائي، اعتبر أبو حيدر أن “الدولرة سياسة ترقيعية ولكن لا تهدد الأمن الغذائي، الذي يتكون من ثلاثة أُسُس: أولاً الوصول إلى الغذاء، وهو الاستيراد من الخارج، ونحن بحاجة الى دولار لنستطيع الاستيراد. ثانياً الحصول على الغذاء، فعندما تتدنى القدرة الشرائية وهذا الأمر أساساً مختل فهل كانت الناس فعلياً مرتاحة عندما كان التسعير باللبناني؟ وأخيراً سلامة الغذاء التي نعمل عليها قدر المستطاع، وهذا يعني أن مقولة الدولار يمس بالأمن الغذائي علمياً غير صحيحة، والحل اليوم يتلخص بسياسة اقتصادية تعمل على بناء الاستقرار على المستوى النقدي وتبدأ بإنتخاب رئيس جمهورية، ففي لبنان السياسة تجُر الاقتصاد، لتستعيد الناس الثقة بالمؤسسات”.

أما عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية أنيس بو دياب فرأى “أننا في أزمة عميقة، أدت إلى إنهيار سعر صرف العملة الوطنية، وعليه جاء قرار الدولرة كواحد من الحلو الأفضل الممكن وترقيعياً، وفعلياً ليست هناك دولرة للأسعار، بل إعتماد سعر صرف الدولار كمؤشر بالنسبة إلى أسعار سلع التجزئة وبالتالي هذا الأمر يخفف عموماً، والجميع يعلم أنه عندما يتم التسعير بالعملة الوطنية وهناك إنهيار دائم لها، يقوم التاجر لكي يحافظ على ما يُعرف بالقيمة البديلة لديه، بوضع هامش أمان الذي يعتبر فعلياً في الاقتصاد تضخماً استباقياً، وهذا يكون بين ١٠ إلى ١٥ في المئة، أي زيادة الأسعار عن السعر الحقيقي بهذه النسبة، ومن جهة أخرى لا أحد يُلزم المستهلك اليوم أن يدفع بالدولار وبالتالي هذا الأمر يعزز إلى حد ما التنافس في الأسواق، ويُوضع المستهلك كمراقب نوعاً ما”.

ولفت الى أن “ما يحمي المستهلك فعلياً هو استقرار الوضع، وطالما هذا غير موجود يعني المستهلك غير محمي، لكن من يحميه إلى حد ما هو هامش الأمان الذي ذكرته، الا أنه لا يعفي المؤسسات ووزارة الاقتصاد من دور الرقابة بصورة دائمة على هذا الفلتان في الأسعار، لأن لا أحد يمكنه معرفة السعر الفعلي لأي سلعة ستُباع بالدولار”.

وشدد بو دياب لبرنامج “منحكي لنحلها” على وجوب “أن لا نضرب اقتصادنا الليبرالي الحر، ونعمل على إلغاء الاحتكار، وعلى أرض الواقع المنافسة هي الوحيدة التي تحمي المستهلك، ولكن أؤكد على نقطة أن وزارة الإقتصاد الوحيدة التي يمكنها حمايته تماماً، وفي النهاية نحن نعيش في أزمة حقيقة ولها إنعكاساتها، وأشدد على دور الرقابة من جهة الأسعار، ونوعية السلع، لأنه ومع اشتداد الأزمة أصبحنا نسمع بماركات في الأسواق غريبة وعجيبة وبأسعار أرخص ويتهافت الناس على شرائها بسبب الأوضاع الصعبة من دون الاكتراث لسلامتها”.

أما بالنسبة الى امكان الذهاب إلى دولرة الاقتصاد ككل، فقال: “دولرة الأسعار فرضت نفسها، بينما دولرة الاقتصاد ككل تحتاج إلى إعادة نظر في قانون النقد والتسليف، لأنه في هذه الحالة الليرة اللبنانية (منحطها عالرف) تماماً، والذهاب في هذا الاتجاه يعني أننا ذاهبون إلى عملة أخرى وطبعاً بقرار من وزارة المال أيضاً وتصبح الضرائب والرسوم بالدولار، ويحتاج الأمر إلى قرار بالعملة التي يجب أن يتقاضى بها الموظف راتبه في القطاع العام، وفي حال استمرت الأزمة واشتدت أكثر، يُمكن أن نذهب إلى دولرة أوسع ولكن ليس بالمطلق”.

بدورها، عبّرت الناشطة الاجتماعية ليندا شعبان عبر “زوم” عن رأيها في دولرة الأسعار، معتبرة أن “كل المؤسسات والحكومات فاشلة في لبنان، وكما واجهت وزارة الاقتصاد صعوبات في الأزمة المالية ولم تستطع مراقبة الأسعار في السوبرماركت، سنواجه المشكلة نفسها اليوم، وبالتالي لن تكون هناك مراقبة على دولرة الأسعار. ففي مقابل السوبرماركت الكبيرة التي ستقوم باستعمال الباركود وغيره، هناك محال تجارية صغيرة لا يمكنها اتباع هذا النظام وبالتالي كيف ستتم مراقبتها؟ وتلقائياً عندما بدأت الدولرة ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة وبأسعار متفاوتة بين المحال، وهذا دليل على أنه ليست هناك رقابة والمواطن الذي سيدفع الثمن. جشع التجار مستمر وهم المستفيدون، ووزارة الاقتصاد تحاول اقناعنا بأنها تقوم بواجبها ولكن فعلياً لا تقوم بشيء، وقرارها بالدولرة ليس حلاً و(عم يضحكوا علينا)!”.

شارك المقال